كشف رئيس الوفد التجاري البحريني المشارك بأعمال معرض الأغذية والصناعات الزراعية والغذائية الروسي بالعاصمة الروسية موسكو خالد الأمين أن الشركات الروسية والمستثمرين الروس سيكونون بمعزل عن دفع أي ضرائب بالبحرين.
وأوضح، خلال لقاء تشاوري موسع عقده الوفد البحريني مع غرفة الصناعة والتجارة في روسيا الاتحادية، الثلاثاء، أن البحرين جعلت نسبة الضرائب في البلاد موازية لنسبة الصفر، مشيراً إلى أن البحرين لا تجني أي ضرائب على أرباح الشركات الأجنبية التي تعمل داخل أراضيها تشجيعاً من المنامة لعمل هذه الشركات واحتراماً لضيافتها فوق أراضي البحرين، لكونها تقدم خدمات تجارية واقتصادية متبادلة، سواءً لبلدانها أو للمملكة.
وشدد الأمين على أن العلاقات بين الجانبين الروسي والبحريني تتطور بشكل مطرد وأن هذا النهوض الكبير بالعلاقات التجارية والاقتصادية بين موسكو والمنامة، كان تتويجاً وانعكاساً لتطور العلاقات السياسية والدبلوماسية بين مملكة البحرين وروسيا الاتحادية والتي أرسها قواعدها وأسسها، كل من جلالة الملك المفدى والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وأشار الأمين إلى أن الزيارة هي الثالثة لوفدنا من البحرين إلى روسيا، وهذه الزيارة هي الخامسة لي شخصياً إلى روسيا الاتحادية، نحن فخورون بتطور العلاقات السياسية والدبلوماسية بين بلداننا، ولكننا نريد لهذه العلاقات أن تنعكس على الجانب التجاري والاقتصادي بما فيه الخير لروسيا والبحرين، نحن حريصون على تطوير التعاون مع روسيا، مثلما طورنا علاقاتنا التجارية والاقتصادية مع العديد من دول العالم، ونحن نشجع الجميع لكي يستثمروا في بلادنا.
ولفت إلى "نحن جادون في رغبتنا بالتعاون معكم في البحرين، وتسهيل الخطوات وفتح الأبواب للمستثمرين وللشركات التجارية والاقتصادية الروسية بالذات، الراغبة في الاستثمار داخل مملكة البحرين، ولهذا السبب قمنا بإنشاء شركة "تمكين" وهي شركة معنية بدعم الاستثمارات وتقديم التسهيلات سواءً المعنوية منها، أو المادية، لتيسير تمويل المشاريع داخل بلادنا بنسب متفاوتة، بالإضافة إلى أننا قمنا بإعداد جملة من التشريعات القانونية التي أدت لتسهيل عمليات تسجيل الشركات داخل بلادنا، حتى أن شركاتكم الروسية وغيرها من الشركات العالمية، بات بإمكانها أن تسجل نفسها كشركات فاعلة بشكل قانوني في البحرين، عبر شبكة الإنترنت، وعبر مواقع الإنترنت الحكومية، المعنية بتسجيل قيود الشركات الأجنبية.
وبحث الوفدان خلال اللقاء العديد من القضايا التي تتعلق بعمليات التعاون التجاري والاقتصادي بين المنامة وموسكو خاصة ضمن المجال الزراعي والغذائي وضمن مجال التقنيات التكنولوجية التي ترفد الصناعات الزراعية والغذائية في كلا البلدين.
من جانبه، قال غيورغي لوفوف مورادوف نائب رئيس الوزراء في جمهورية القرم الفيدرالية الروسية، والمسؤول مباشرة عن جمهورية شبه جزيرة القرم أمام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "نحن نقدر أصدقاءنا في البحرين وخصوصاً خالد الأمين الذي يلعب دور ملحوظ لتوطيد العلاقات البحرينية الروسية ونحن نعلم جيداً أن البحرين يمكنها أن تلعب دوراً كبيراً في تطوير العلاقات التجارية والاقتصادية مع روسيا الاتحادية، ولسبب بسيط، أن الجغرافيا الجيوسياسية تخدم كلا الجانبين، لأن البحرين هي بوابة منطقة الخليج على الخليج العربي برمته، تماماً مثلما أن شبه جزيرة القرم هي بوابة روسيا على منطقة البحر الأسود والبحر الأبيض المتوسط ومنطقة الشرق الأوسط، وبما أن المنامة وموسكو تتحكمان بكلا البوابتين، يمكن لهما أن تطورا عمليات التصدير والاستيراد، خاصةً فيما يتعلق بالصناعات الغذائية والزراعية، لأن القرم لديه الكثير من المحاصيل الزراعية التي تنتجها أراضي البلاد، وخص بالذكر الحبوب بمختلف أنواعها القمح، الذرة، البازيلاء، الفاصولياء، الأرز، فول الصويا، عباد الشمس، كما تحدث أيضاً عن إنتاج القرم لكميات كبيرة من الفواكه وخاصة العنب، والتفاح، والإجاص، والبطيخ، إضافةً لإنتاج شبه جزيرة القرم لكميات كبيرة من الخضروات الطازجة".
وأضاف مورادوف "أن القرم ينتج كميات كبيرة من لحوم الأبقار والأغنام والطيور، وأن هذه اللحوم تعد وتصنع وفقاً لتعاليم الشريعة الإسلامية، نظراً لأن شبه جزيرة القرم لديها خبرة كبيرة في صناعة الأغذية وفق الشريعة الإسلامية، وذلك لوجود جالية إسلامية كبيرة من تتار القرم، الذين يشكلون حوالي 15% من السكان".
وأشار مورادوف إلى إمكانية بناء مصانع ومعامل وصوامع لتكرير الحبوب ومشتقاتها فوق أراضي جمهورية القرم بمشاركة الشركات والمستثمرين البحرينيين، وبمشاركة رؤوس الأموال الروسية والبحرينية، على أن يسمح للجانب البحريني بتملك أسهم ضمن المصانع والمعامل التي يمكن أن تشييد هناك، وفق النسب المئوية التي ترضيه.
من جهته، قال ألكسندر فلاديسلافوفيتش باجانوف رئيس مجمع شركات "إنفرا كاب" الروسية، وهي مجموعة شركات روسية معنية بعملية الاستثمار في شؤون البنى التحتية الخاصة بالصناعات الزراعية والغذائية، إن شركته قامت برعاية معظم المشاريع الممتدة على طول الممر الصناعي والتجاري الممتد من الصين وكازاخستان مروراً بروسيا، وأن تكلفة المشاريع التي رعتها الشركة بلغت ما يقرب من 20 مليار روبل روسي -أي ما يعادل 340 مليون دولار أمريكي-.
وأوضح باجانوف أن شركته مستعدة لدعم الاقتراح الذي أعلن عنه المتحدث الروسي السابق بشأن بناء مصانع ومعامل وصوامع لتكرير الحبوب ومشتقاتها فوق أراضي جمهورية القرم بمشاركة الشركات والمستثمرين البحرينيين، وبمشاركة رؤوس الأموال الروسية والبحرينية، مؤكداً أن شركته يمكن أن تقوم بتقديم كل ما يتعلق بعمليات البناء وأعماله، وتقديم كل ما تحتاج إليه البحرين من شؤون ومتطلبات للبنى التحتية، خاصةً لتلك المشاريع المتعلقة بعمليات التصنيع الزراعي والغذائي، معرباً من جانبه عن أمله في حدوث تعاون مع الجانب البحريني فيما يتعلق بهذا المجال.
وفي السياق، قال البروفسور والأكاديمي الروسي ألكسندر أناتوليفيتش بيستروف رئيس الأكاديمية الروسية لصناعة المعدات والتقنيات الطبية إن الأكاديمية الروسية التي يترأسها، نجحت بالتوصل إلى صناعة بعض الأجهزة التقنية، حيث نجحت هذه الأجهزة في القيام بعمليات تحلية وتكرير المياه حتى أصبح بإمكان هذه الأجهزة أن تعيد تصنيع أي نوع من المياه العادية حتى مياه البحر المالحة لتصبح نوعاً جديداً من المياه، صحية، نقية، وتحتوي على المعادن المفيدة لجسم الإنسان، الخالية من الشوائب، والتي تتميز بغيرها من المياه بنقائها وصفائها. وأوضح البروفسور باجانوف أن الأكاديمية تمكنت من صناعة هذه الأجهزة بطريقة تضمن توفير استهلاك واستخدام الطاقة المشغلة لهذه الأجهزة الإلكترونية المعقدة، والتي تمكنت الأكاديمية الطبية من صناعتها.
فيما أكد دميتري نيكولايفيتش بالأبولين رئيس مجمع للشركات الروسية المعروفة باسم أكوستك إكسترا فريزين، والمختصة بصناعة الأجهزة والمعدات الخاصة بعمليات التبريد والتخزين للخضروات والفواكه واللحوم باستعمال الأمواج ما فوق الصوتية لعمليات التبريد والتخزين، وباستخدام نماذج تقنية إلكترونية خاصة من "الخلايا الكريستالية"، التي يمكن وضعها بين شحنات اللحوم والخضروات والفواكه مثلاً، وبالتالي، يمكنها أن تؤمن تبريداً عالي الدقة، يحفظ البضائع كما لو أنها وضعت في حافظاتها وبراداتها بالأمس، وحتى أن بإمكانها أن تحفظ الأطعمة المعدة للطهو السريع وغيرها من الأشياء.
وعرض نيكولايفيتش أيضاً على المملكة أن تشارك لاحقاً في قسم التصنيع الذي تديره الشركة، والذي يقوم بإنتاج أجهزة إلكترونية متطورة، لتخزين وتبريد وحفظ كل ما يتعلق بالأعضاء البشرية للجسم البشري، حيث يقوم بعض المرضى من المواطنين الروس بالتبرع بأعضائهم البشرية وخلايا أجسادهم، لمن يحتاجها بعد موتهم، وأعلن أن الشركة التي يترأس مجلس إدارتها ستركز حالياً مع مملكة البحرين على تبريد وتخزين الخضروات والفواكه والحبوب واللحوم، ومن بعدها ستنتقل للجانب الطبي والعلمي فيما بعد.
وأشار نيكولاي ديمترييفيتش دورانوف مدير صندوق مجمع المشاريع العلمية الروسية المعروفة باسم "الصندوق الحكومي لتنمية شؤون منطقة "الشمال الغربي" إلى آخر التقنيات التي نجحت روسيا في صناعتها على المستوى العالمي لصناعة طائرات من غير طيار، موضحاً أن شركته بإمكانها أن تصنع هذه الطائرات وأن تضع عليها أجهزة إلكترونية خاصة بالأغراض الزراعية، من شأنها أن تعمل حتى على شاشة الموبايل الشخصي لمن يرغب باقتناء هذا النوع من التقنيات.
وأوضح دورانوف أن هذه الطائرات من غير طيار يمكنها أن تعمل على كشف كافة المشاكل المتعلقة بالأراضي الزراعية، مثل المشاكل التي يمكن أن تتعرض لها المحاصيل الزراعية، وحتى المشاكل التي يمكن أن تتعرض لها قطعان المواشي التي ترعى ضمن هذه الأراضي الزراعية، لأن رصد هذه المشاكل من الفضاء يكون أسهل دائماً بمساعدة الطائرات التي تعمل بدون طيار.
ودعا دورانوف البحرين لكي تقوم بدور كبير في عملية الاستثمار ضمن ما أسماه بالصناعات الزراعية البيئية، وهي عبارة عن عملية لإنتاج المواد الزراعية من الحبوب والخضروات والفواكه بعد زراعتها في أماكن خالية بيئياً من أي تأثيرات كيميائية، حيث أشار المتحدث الروسي أن بلاده روسيا فيها العديد من المساحات البيئية الشاسعة، التي تحقق شروط هذا النوع من الصناعات، ومؤكداً أن بعض الدول توجهت إلى روسيا للاستثمار في هذا النوع من الصناعات، مثل الصين، نظراً لأن طبيعة الصين وجيولوجية أراضيها، لا تسمح بنجاح هذا النوع من الصناعات الغذائية، ولذلك اتخذت قرارها بالاستثمار داخل روسيا الاتحادية، معرباً في الوقت نفسه أن يوظف الجانب البحريني إمكاناته المادية الاقتصادية والتجارية للاستثمار زراعياً ضمن الأراضي الروسية الشاسعة، والتي تمتاز بظروف بيئية، لا يمكن توفرها في بقية دول العالم، باستثناء روسيا.
وفي نهاية الاجتماع، تحدث نيكولاي فلاديميروفيتش فيدوروفسكيخ، وهو ممثل مجمع شركات نيوجينسو الإلكترونية، والتي تعمل في مجال الصناعات الإلكترونية المتقدمة، فعرض المتحدث الروسي العديد من النماذج المطور من "بلوك تشين" وهي عبارة عن تكنولوجيا "بلوك تشين" التي كانت تعرف بسجل المعاملات في العملة الافتراضية بيتكوين، والتي تعمل على لعب دور كبير في الحفاظ على قوائم مقاومة التلاعب في سجلات البيانات المتنامية باستمرار، وهي تتيح تبادلاً آمناً للمواد القيّمة كالأموال أو الأسهم أو حقوق الوصول إلى البيانات. وخلافاً لأنظمة التجارة التقليدية، فهي لا تحتاج لأي وسيط أو نظام تسجيل مركزي لمتابعة حركة التبادل، بل تقوم كل الجهات بالتعامل مباشرة مع بعضها البعض.
وأكد المتحدث الروسي أن تقنية "بلوك تشين" يمكنها أن تعمل على تهيئة نظام سجل إلكتروني، لمعالجة الصفقات وتدوينها، بما يتيح لكل الأطراف، تتبع المعلومات عبر شبكة آمنة، لا تستدعي التحقق من أي طرف ثالث، وبالتالي، نصح السيد فيودوروفسكيخ، بأن تقوم مملكة البحرين باقتناء هذا النوع من التقنيات الذي سيسهم في طفرة كبيرة ضمن عمليات النقل والتخزين والتبريد والشحن والاستيراد والتصدير، لكل ما يتعلق بالمواد الغذائية والتي يمكن لمملكة البحرين أن تقوم باستيرادها وتصديرها، أو يمكن أن تقوم بصناعتها من المواد الغذائية والزراعية.
وأكد الخبير الروسي للوفد البحريني، أن تكنولوجيا بلوك تشين، هي عبارة عن برنامج معلوماتي مشفر يتولى مهمة سجلٍ موحدٍ للمعاملات على الشبكة العنكبوتبة، أو عبر سجلات أي شركة إلكترونية خاصة، لأن كل مجموعة من المعاملات مرتبطة بسلسلة، وهو الأمر الذي يمنح المشاركين صورة شاملة عن كل ما يحصل في المنظومة بأكملها وبذلك، يمكن لتقنية "بلوك تشين"، أن تصبح بمثابة ما يسمى بدفتر الأستاذ، لكونها أحد سجلات المحاسبة الأساسية وفي حال نجحت البحرين في إبرام عقود للاستيراد والتصدير، خاصة لاستيراد وتصدير المواد الغذائية الزراعية والحيوانية، فإن هذه التقنية ستسهل الكثير من عمليات النقل والمراقبة والتخليص الجمركي والمالي، وعمليات التفتيش والتدقيق، فضلاً عن أنها ستكون ضماناً للتصدي لأي محاولات من شأنها أن تقوم بأي تزوير للوثائق المتعلقة بالبضائع، سواءً بضائع الشحن، أو بضائع التخزين والتبريد، أو غيرها من البضائع.
وفي نهاية الاجتماع، شكر خالد علي راشد الأمين، كافة المندوبين الحكوميين وغير الحكوميين الذين حضروا الاجتماع، وشكرهم على كل العروض التي تقدموا بها للوفد البحريني، ووعد بنقل هذه العروض المقدمة سواءً من الجهات الحكومية أو من الشركات المساهمة، الخاصة والعامة، إلى الجهات المعنية المختصة في البحرين، لكي تتم دراستها والتدقيق في جدوى الاستثمار الاقتصادي فيها، وتعهد ببذل كل ما يلزم للتقريب بين الجانبين الروسي والبحريني، بما يعود بالخير والمنفعة على كلا الشعبين في كلا البلدين الصديقين.