نواصل في الجزء الرابع من المقال حديثنا عن دور المحكمة الدستورية في حماية الحقوق والحريات العامة. والملاحظ أن المحكمة الدستورية قد حكمت بعدم دستورية مجمل المرسوم بقانون الخاص بالاستملاك للمنفعة العامة وذلك لمخالفته نصوص الدستور، وقد استندت المحكمة في هذا الحكم إلى أن المشرع لم يحدد صور المنفعة العامة التي تجيز الاستملاك، وبالتالي فإنه قد عصف بحق مهم من حقوق الأفراد ألا وهو حق الملكية الخاصة، وإذا أجاز الدستور فرض بعض القيود على حق الملكية فإن هذه القيود لا تبرر الانتقاص من هذا الحق أو إهداره.
وفي ذات الإطار حكمت المحكمة بعدم دستورية بعض نصوص مشروع قانون إنشاء غرفة البحرين لتسوية المنازعات الاقتصادية والمالية والاستثمارية، فوجدت المحكمة الدستورية في النصوص المطعون بها انتقاصاً من مبدأ استقلال القضاء وضمان حياديته إذ جاء في الحكم «وحيث إن القيود التي فرضها الدستور على المشرع -ومن بينها ضمانة الحيدة- تعتبر حداً لتلك السلطة ترسم تخومها، وتبين ضوابطها، فلا يجوز الخروج عليها، لتظل الدائرة التي لا يتنفس الحق أو الضمانة محل الحماية إلا من خلالها -بعيداً عن عدوان السلطة التشريعية- فلا تنال منها سواء بنقصها أو بانتقاصها من أطرافها». وفي هذا الحكم قد أكدت المحكمة الدستورية على أن القيود التي يضعها الدستور على أي حق من الحقوق هو الحد الذي لا يجوز للسلطة التشريعية أن تتجاوزه.
وفي حكم آخر، قضت المحكمة الدستورية بعدم دستورية نص المادة «83» من قانون الصحافة والنشر الصادر بالمرسوم بقانون رقم «47» لسنة 2002، إذ نصت المادة 83 على أن «في الأحوال التي تكون فيها المطبوعات موضوع المؤاخذة قد نشرت في الخارج، يعاقب المستوردون والمتداولون للمطبوع بالعقوبة المقررة لجريمة نشره المنصوص عليها في هذا القانون»، حيث استندت المحكمة في حكمها بعدم دستورية النص إلى أن «النص المطعون فيه قد افترض المسؤولية الجنائية للمدعي استناداً إلى كونه المستورد والموزع للمطبوع السالف الذكر فإنه يكون قد نال من مبدأ الفصل بين السلطة التشريعية والسلطة القضائية، وانتقص من الحرية الشخصية للمدعى. وخالف مبدأ شخصية العقوبة وأهدر مبدأ افتراض البراءة، وأخل بضوابط المحاكمة المنصفة، وما تشتمل عليه من ضمان الحق في الدفاع وبالتالي يكون مخالفاً لأحكام كل من الفقرة «أ» من المادة «32»، والفقرة «أ» من المادة «19» والفقرات «أ»، «ب»، «ج» من المادة «20»، من الدستور».
وقد أكدت المحكمة الدستورية في حكمها على ضرورة أن يضمن المشرع ألا تكون العقوبة أداة عاصفة بالحرية بل تبلور مفهوماً للعدالة يتحدد على ضوء الأغراض الاجتماعية التي يستهدفها، بمعنى آخر يجب أن يكون محل التشريع متناسباً مع الغرض الاجتماعي الذي يستهدفه، ولذا يجب أن تصاغ النصوص العقابية خصوصاً في حدود ضيقة تُعرف بالأفعال التي جرمها المشرع، وتحدد ماهيتها، لضمان ألا يكون التجهيل بها موطئاً للإخلال بالحرية الشخصية التي كفلها الدستور.
ومعنى ذلك أن السلطة التشريعية عندما تنظم هذه الحقوق والحريات بقوانين فيجب أن توازن بين هذه الحقوق والحريات من جهة وألا تعصف بمضمون هذه الحقوق والحريات بحجة تنظيمها أو تحديدها من جهة أخرى، وهذا ما استندت إليه المحكمة الدستورية في حكمها الأخير. فمهمة المشرع في تنظيم الحقوق والحريات مقيدة بعدم مصادرتها، أو الانتقاص منها، أو فرض قيود عليها بحيث تجعل ممارستها شاقة ومرهقة للأفراد. فتنظيم الحقوق والحريات يجب أن يكون منسجماً مع نصوص الدستور وخصوصاً نص المادة 31 منه، ومتوافقاً مع الغاية التي توخى الدستور تحقيقها. وللحديث بقية.
وفي ذات الإطار حكمت المحكمة بعدم دستورية بعض نصوص مشروع قانون إنشاء غرفة البحرين لتسوية المنازعات الاقتصادية والمالية والاستثمارية، فوجدت المحكمة الدستورية في النصوص المطعون بها انتقاصاً من مبدأ استقلال القضاء وضمان حياديته إذ جاء في الحكم «وحيث إن القيود التي فرضها الدستور على المشرع -ومن بينها ضمانة الحيدة- تعتبر حداً لتلك السلطة ترسم تخومها، وتبين ضوابطها، فلا يجوز الخروج عليها، لتظل الدائرة التي لا يتنفس الحق أو الضمانة محل الحماية إلا من خلالها -بعيداً عن عدوان السلطة التشريعية- فلا تنال منها سواء بنقصها أو بانتقاصها من أطرافها». وفي هذا الحكم قد أكدت المحكمة الدستورية على أن القيود التي يضعها الدستور على أي حق من الحقوق هو الحد الذي لا يجوز للسلطة التشريعية أن تتجاوزه.
وفي حكم آخر، قضت المحكمة الدستورية بعدم دستورية نص المادة «83» من قانون الصحافة والنشر الصادر بالمرسوم بقانون رقم «47» لسنة 2002، إذ نصت المادة 83 على أن «في الأحوال التي تكون فيها المطبوعات موضوع المؤاخذة قد نشرت في الخارج، يعاقب المستوردون والمتداولون للمطبوع بالعقوبة المقررة لجريمة نشره المنصوص عليها في هذا القانون»، حيث استندت المحكمة في حكمها بعدم دستورية النص إلى أن «النص المطعون فيه قد افترض المسؤولية الجنائية للمدعي استناداً إلى كونه المستورد والموزع للمطبوع السالف الذكر فإنه يكون قد نال من مبدأ الفصل بين السلطة التشريعية والسلطة القضائية، وانتقص من الحرية الشخصية للمدعى. وخالف مبدأ شخصية العقوبة وأهدر مبدأ افتراض البراءة، وأخل بضوابط المحاكمة المنصفة، وما تشتمل عليه من ضمان الحق في الدفاع وبالتالي يكون مخالفاً لأحكام كل من الفقرة «أ» من المادة «32»، والفقرة «أ» من المادة «19» والفقرات «أ»، «ب»، «ج» من المادة «20»، من الدستور».
وقد أكدت المحكمة الدستورية في حكمها على ضرورة أن يضمن المشرع ألا تكون العقوبة أداة عاصفة بالحرية بل تبلور مفهوماً للعدالة يتحدد على ضوء الأغراض الاجتماعية التي يستهدفها، بمعنى آخر يجب أن يكون محل التشريع متناسباً مع الغرض الاجتماعي الذي يستهدفه، ولذا يجب أن تصاغ النصوص العقابية خصوصاً في حدود ضيقة تُعرف بالأفعال التي جرمها المشرع، وتحدد ماهيتها، لضمان ألا يكون التجهيل بها موطئاً للإخلال بالحرية الشخصية التي كفلها الدستور.
ومعنى ذلك أن السلطة التشريعية عندما تنظم هذه الحقوق والحريات بقوانين فيجب أن توازن بين هذه الحقوق والحريات من جهة وألا تعصف بمضمون هذه الحقوق والحريات بحجة تنظيمها أو تحديدها من جهة أخرى، وهذا ما استندت إليه المحكمة الدستورية في حكمها الأخير. فمهمة المشرع في تنظيم الحقوق والحريات مقيدة بعدم مصادرتها، أو الانتقاص منها، أو فرض قيود عليها بحيث تجعل ممارستها شاقة ومرهقة للأفراد. فتنظيم الحقوق والحريات يجب أن يكون منسجماً مع نصوص الدستور وخصوصاً نص المادة 31 منه، ومتوافقاً مع الغاية التي توخى الدستور تحقيقها. وللحديث بقية.