حوراء يونس وإبراهيم الرقيمي
أظهرت مجموعة استبيانات أعدتها "الوطن"، وشارك فيها 2700 طالب، أن 81% من الطلبة يعتقدون أنهم لم يحصلوا على تعليم جيد في اللغة الإنجليزية بالمدارس الحكومية، فيما قال 19% منهم إن لغتهم جيدة. وقال طلاب إن ضعفهم في الإنجليزية دفعهم لتغيير تخصصاتهم الجامعية أو الانسحاب من الجامعة نهائياً، وبلغت نسبتهم 24% من المستطلعة آراؤهم.
وأكد 50% من الطلبة أن معدلهم الجامعي أو المدرسي انخفض بسبب ضعفهم في اللغة الإنجليزية.
وقال طالب مبتعث من قبل وزارة التربية، فضل عدم ذكر اسمه، إنه رغم معدله المتفوق في المدرسة، فوجئ في تخصصه الجامعي بأن جميع المواد يدرسها باللغة الإنجليزية. وأوضح "حاولت جاهداً في دراستي الجامعية مواكبة اللغة ومعرفة أساسياتها وبعض الكلمات التي لم أتعلمها، لكنني أمضيت عاماً ونصف العام في الجامعة ولم أستطع مواكبة التخصص لضعف لغتي الإنجليزية التي اعتمدت فيها على ما تم تدريسه في المدرسة فقط. ولست الوحيد الذي واجهته هذه المشكلة بل جميع من كانوا معي في المدرسة ممن كان اعتمادهم على ما تقدمه المناهج المدرسية، فواجهوا المتاعب والمصاعب في الجامعة لكنني لم أدرك ذلك مسبقاً. وفي النهاية تخليت عن طموحي منذ الصغر وحولت تخصصي إلى تخصص أسهل لا يعتمد على اللغة الانجليزية، فهذا سيساعدني في الحصول على شهادة جامعية بما أن الأوان قد فات بالنسبة لي".
من الهندسة إلى الشريعة
فاطمة محمد طالبة سعت دوماً لتحقيق طموحها بدراسة الهندسة، وتخرجت من الثانوية بمعدل منحها بعثة لدراسة الهندسة في بوليتكنك البحرين، لكنها لم تكمل سوى عام واحد ثم انسحبت، لأن مؤهلاتها باللغة الإنجليزية لم تكن تتناسب مع ما تطمح إليه، فلم تيأس ولجأت إلى دخول جامعة البحرين بنفس التخصص، لكن "عقبة" الإنجليزية واجهتها مرة أخرى. وقالت فاطمة إنها أصرت على تعلم الهندسة فانسحبت من الجامعة لمدة سنة وذهبت لدراسة اللغة الانجليزية في الهند، وعادت آملة أن تتخرج بالتخصص الذي ترغب فيه، لكنها لم تتمكن من تجاوز مسألة اللغة فلجأت لتحويل تخصصها إلى "الشريعة" بسبب تدني معدلها الأكاديمي وحصولها على إنذارين أكاديميين.
لا يعرفون أبسط الأساسيات
إذا كانت هذه حال بعض الطلاب المتفوقين، فماذا يقول معلمو اللغة الإنجليزية؟
د.لمياء الكوهجي عضو هيئة التدريس في جامعة البحرين قالت إن خبرتها في تدريس اللغة الإنجليزية لسنوات مختلفة عبر مقررات التمهيدي ومقررات اللغة الإنجليزية لمختلف الكليات تمكنها من القول إن هناك خللاً كبيراً يجعل كثيراً من خريجي المدارس غير مهيئين بالشكل الكافي لاستيعاب المقررات الجامعية التي تُدرّس باللغة الإنجليزية، مؤكدة وجود عدد كبير من الطلبة الذي لا يمتلكون الأساسيات اللازمة في اللغة. وأضافت "أحيانًا نضطر لتعليم الطالب أبسط الضمائر والأساسيات التي من المفترض أن تكون راسخة في ذهن الطالب خلال 12 عاماً يقضيها في المدرسة، فمن الغريب جدًا أن بعض الطلاب لا يستطيعون التمييز بين الفاصلة والنقطة، ومتى يتم وضع "Capital letter”. وحتى الطلبة المتفوقين لديهم لبس في بعض الأساسيات وبشكل خاص التصريفات الأساسية، لذلك الفصل التمهيدي مطلوب لتهيئة الطالب حتى يستطيع فهم مواد تخصصه"
وأضافت د.الكوهجي أن "قرار جامعة البحرين في تمديد فترة التمهيدي لبعض الطلاب عاماً كاملاً ممتاز لتقوية اللغة للمستجدين ومن المفترض أن يصبح حافزاً لتشجيع طلاب المرحلة الثانوية على الدراسة وممارسة اللغة الإنجليزية لكي ينجح في امتحان القبول، فعندما يفكر الطالب بأنه سيحصل على درجة البكالوريوس في 3 أعوام بدلًا من 4 يقضيها مع العام التمهيدي سينجز أكثر وستكون هناك جهود ذاتية لممارسة اللغة بدلًا من أن ينحصر تفكيره في الحصول على معدل يؤهله لدخول الجامعة"، مشيرة إلى أن البرامج الجامعية تعتمد على مستوى عالمي، وهناك معايير للمقررات مرقمة بالتدريج حسب المستويات بدءاً من مقررات السنة الأولى لجميع التخصصات والتي تمكن الطالب من اكتساب مهارات معينة وانتهاء بآخر مستوى الذي يمكن الطالب من عملية جمع وتحليل المعلومات وطرحها بسلاسة. وعند مقارنة معطيات مقررات السنة الأولى سنجد أن جزءاً منها لا يتطابق مع المعايير العالمية حيث أنها دون المستوى الجامعي إذ إننا لا نستطيع البدء بتدريس المستوى الجامعي مباشرة ويرجع السبب إلى ضعف الطلاب في اللغة".
"عدم الممارسة" سبب رئيس
فيما قالت أستاذة اللغة الإنجليزية أمل علي إن "الطلاب في المدرسة لديهم ضعف عام في المهارات الأساسية وهي الاستماع والتحدث والقراءة والكتابة. ومع تطور المناهج وتنوع أساليب التدريس تطورت لديهم مهارات الكتابة والاستماع كثيراً عن السابق، ولكن لا يزال الضعف موجوداً لدى الأغلبية في مهارتي التحدث والقراءة، ويرجع السبب الرئيس إلى رفض الطلاب التحدث باللغة الإنجليزية وعدم ممارستها داخل وخارج الصف، كما أن مهارة القراءة تحتاج الكثير من الممارسة والجهود الذاتية لإتقانها وبشكل خاص طريقة تحليل الأسئلة لمعرفة الإجابة"، مشيرة إلى أن أسباب الضعف "تشمل أيضاً عدم دراسة المهارات الأساسية في المراحل الأولى بدقة، كما أن دور أولياء الأمور يشكل سبباً رئيساً حين تكون معرفته قليلة باللغة، إضافة إلى انتشار المعاهد وإقبال الطلاب عليها ليلة الامتحان فقط بغرض النجاح ثم يُفاجأ الطالب عندما يخوض التجربة الجامعية. على الطالب بذل المجهود الكافي ليس عبر الدراسة فقط وإنما عبر الممارسة. خطأ كبير يقع فيه أغلب الطلاب حين يظنون أن اللغة الإنجليزية تعتمد على الحفظ والدراسة فقط".