تضج المنطقة بأخبار استفتاء كردستان العراق الذي نتج عن أغلبية ساحقة بنسبة 92 % مؤيدة للانفصال. ويتخوف البعض من أن انفصال كردستان سيشكل سابقة مشجعة للنزاعات الانفصالية في المنطقة. فاستقلال أكراد العراق سيدفع أكراد كل من سوريا وتركيا وإيران إلى الانفصال. كما إن منطقة «روج أفا» الكردية في شمال شرق سوريا تتصرف كأنها دولة مستقلة، ولديها 17 بعثة دبلوماسية في دول مهمة، مثل الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، وروسيا. وانفصال كردستان العراق لابد أن يشجعها على المطالبة بالاستقلال الكامل. ثم يأتي مثلاً نتنياهو مشجعاً للانفصال لأن خلق دولة غير عربية في الوطن العربي سيساعد على إضفاء الشرعية على كيان صهيوني في المنطقة.
من جهة أخرى، لا يغفل أي متابع للسياسة أو أي قارئ للتاريخ أن يلاحظ كيف يتم المقايضة بالورقة الكردية على الدوام ولا يغفل عن أحد المعاناة والاضطهاد الذي قاساه الأكراد. ومن هنا يأتي البعض مشجعين لانفصال الأكراد، وذلك بحجة أن الأكراد شعب له هوية قومية، عانى الاضطهاد وله الحق بدولة سيادية مستقلة. ومعاناة الأكراد طويلة تعود إلى الحرب العالمية الأولى. فبعد انهيار السلطنة العثمانية، لم تعط خريطة المنطقة التي رسمها كل من مارك سايكس وفرنسوا جورج بيكو أي فسحة لإقامة وطن كردي، وقد بات منذ ذلك الحين يعيش الشعب الكردي بين 4 دول، هي سوريا والعراق وتركيا وإيران. ولم يسلم الأكراد من أي من تلك الأنظمة التي كانت تنظر بعين الريبة إليهم، لما يمكن أن يكنوه في صدورهم من طموحات قومية. ولطالما استخدام الأكراد بشكل متبادل من قبل النظام الإيراني والعراقي لخلق الزعزعة عن الجار، وفي إيران منذ اندلاع الثورة، قام الخميني بتكفير الأكراد وقصفهم وتم تهميشم وقتل قياداتهم السياسية ومنعهم من المشاركة في الحياة السياسية. وأما النظام العراقي فقد هجر الأكراد من مناطقهم وأسكن مكانهم عراقيين عرب، والسياسة نفسها اتبعها الأسد الأب، وذلك لعزل أكراد سوريا عن نظرائهم في الدول المجاورة. أما في تركيا فتهميش الأكراد وصل لمرحلة عدم الاعتراف بهويتهم، فتركيا تدعوهم أتراك الجبل.
ومن جراء هذه المعاناة التاريخية، لا يتعجب المرء من مطلب الأكراد بالانفصال ومن شعورهم بعدم الأمان وبالغربة بدولهم الحالية وبمطالباتهم بكيان قومي سياسي مستقل يحمي هويتهم وثقافتهم.
وفي الوقت الذي يرتد الأكراد لقوميتهم، تنتخب سنغافورة الدولة ذات الأكثرية الصينية البوذية رئيسة للبلاد مسلمة ماليزية الأصل محجبة. والسؤال لماذا تخطى السنغافوريون حواجر الدين والعرق وانتخبوا سيدة نظراً لكفاءتها وليس نظراً لخلفيتها الدينية أو الإثنية بينما الأكراد يرتدون لقوميتهم؟ والجواب يرجع إلى نظام الحكم، فحين تتعامل الدولة مع الفرد على أساس أنه مواطن وليس على أساس أنه عضو في مجموعة معينة يشعر الفرد بالأمان مع أقرانه بالوطن وبالانتماء للدولة. وعدم وجود دولة مدنية هو ما دفع الأكراد للانفصال، ففي حقبة صدام حسين وفي ظل العروبة المتشددة المطبقة في إطار نظام حكم ديكتاتوري طمست الهوية الكردية وشعر الأكراد بالغربة عن الدولة. كما في ظل الغزو الأمريكي أتى الدستور ليقسم العراقيين إلى سنة وشيعة وأكراد. ومن هنا كانت حقوق الفرد مستقاة من حقوق المجموعة مما خلق حالة من التنافس بين المجموعات الثلاث وعزز الهوية الطائفية والعرقية. واليوم بغض النظر كيف سيتم التعامل مع نتائج الاستفتاء لا صلاح للعراق المتعدد الأديان والطوائف والأعراق إلا بالدولة المدنية، دولة المواطنة.
من جهة أخرى، لا يغفل أي متابع للسياسة أو أي قارئ للتاريخ أن يلاحظ كيف يتم المقايضة بالورقة الكردية على الدوام ولا يغفل عن أحد المعاناة والاضطهاد الذي قاساه الأكراد. ومن هنا يأتي البعض مشجعين لانفصال الأكراد، وذلك بحجة أن الأكراد شعب له هوية قومية، عانى الاضطهاد وله الحق بدولة سيادية مستقلة. ومعاناة الأكراد طويلة تعود إلى الحرب العالمية الأولى. فبعد انهيار السلطنة العثمانية، لم تعط خريطة المنطقة التي رسمها كل من مارك سايكس وفرنسوا جورج بيكو أي فسحة لإقامة وطن كردي، وقد بات منذ ذلك الحين يعيش الشعب الكردي بين 4 دول، هي سوريا والعراق وتركيا وإيران. ولم يسلم الأكراد من أي من تلك الأنظمة التي كانت تنظر بعين الريبة إليهم، لما يمكن أن يكنوه في صدورهم من طموحات قومية. ولطالما استخدام الأكراد بشكل متبادل من قبل النظام الإيراني والعراقي لخلق الزعزعة عن الجار، وفي إيران منذ اندلاع الثورة، قام الخميني بتكفير الأكراد وقصفهم وتم تهميشم وقتل قياداتهم السياسية ومنعهم من المشاركة في الحياة السياسية. وأما النظام العراقي فقد هجر الأكراد من مناطقهم وأسكن مكانهم عراقيين عرب، والسياسة نفسها اتبعها الأسد الأب، وذلك لعزل أكراد سوريا عن نظرائهم في الدول المجاورة. أما في تركيا فتهميش الأكراد وصل لمرحلة عدم الاعتراف بهويتهم، فتركيا تدعوهم أتراك الجبل.
ومن جراء هذه المعاناة التاريخية، لا يتعجب المرء من مطلب الأكراد بالانفصال ومن شعورهم بعدم الأمان وبالغربة بدولهم الحالية وبمطالباتهم بكيان قومي سياسي مستقل يحمي هويتهم وثقافتهم.
وفي الوقت الذي يرتد الأكراد لقوميتهم، تنتخب سنغافورة الدولة ذات الأكثرية الصينية البوذية رئيسة للبلاد مسلمة ماليزية الأصل محجبة. والسؤال لماذا تخطى السنغافوريون حواجر الدين والعرق وانتخبوا سيدة نظراً لكفاءتها وليس نظراً لخلفيتها الدينية أو الإثنية بينما الأكراد يرتدون لقوميتهم؟ والجواب يرجع إلى نظام الحكم، فحين تتعامل الدولة مع الفرد على أساس أنه مواطن وليس على أساس أنه عضو في مجموعة معينة يشعر الفرد بالأمان مع أقرانه بالوطن وبالانتماء للدولة. وعدم وجود دولة مدنية هو ما دفع الأكراد للانفصال، ففي حقبة صدام حسين وفي ظل العروبة المتشددة المطبقة في إطار نظام حكم ديكتاتوري طمست الهوية الكردية وشعر الأكراد بالغربة عن الدولة. كما في ظل الغزو الأمريكي أتى الدستور ليقسم العراقيين إلى سنة وشيعة وأكراد. ومن هنا كانت حقوق الفرد مستقاة من حقوق المجموعة مما خلق حالة من التنافس بين المجموعات الثلاث وعزز الهوية الطائفية والعرقية. واليوم بغض النظر كيف سيتم التعامل مع نتائج الاستفتاء لا صلاح للعراق المتعدد الأديان والطوائف والأعراق إلا بالدولة المدنية، دولة المواطنة.