الحويجة - (أ ف ب): استعادت القوات العراقية الخميس مدينة الحويجة شمال العراق من تنظيم الدولة "داعش" الذي لم يعد يسيطر سوى على معقل أخير على الحدود مع سوريا غرب البلاد.

ودخلت القوات العراقية الاربعاء المدينة السنية التي تعد 70 الف نسمة وأطلق عليها اسم "قندهار العراق"، في اشارة الى معقل حركة طالبان في افغانستان. وتقدمت سريعا في احياء هجرها سكانها بالكامل.

ومن باريس حيث يقوم بزيارة رسمية، اعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، القائد الاعلى للقوات المسلحة، "تحرير الحويجة".

وقال في ختام لقائه مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون "أستطيع أن أزف بشرى الى جميع العراقيين والقوات المسلحة العراقية وجميع محبي السلام وشركائنا في التحالف الدولي ومن عانوا من الارهاب: تحرير مدينة الحويجة تم على أيدي القوات العراقية".

واضاف "لم يبق أمامنا إلا الشريط الحدودي مع سوريا"، في إشارة الى الشريط الذي يضم مدينتي القائم وراوه في الغرب.

وكانت القوات العراقية بدأت في 21 سبتمبر عملياتها العسكرية لاستعادة الحويجة الواقعة على بعد 230 كلم شمال شرق بغداد.

وسقطت منطقة الحويجة بيد التنظيم المتطرف في يونيو 2014، إلى جانب الموصل التي استعادتها القوات العراقية في يوليو الماضي بدعم من طيران التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.

وقال القائد العام للقوات المشتركة العراقية الفريق أمير يارالله الخميس ان "قطعات الفرقة المدرعة التاسعة وقطعات الشرطة الاتحادية والرد السريع وألوية من الحشد الشعبي تحرر مركز قضاء الحويجة بالكامل وما زالت مستمرة بالتقدم"، وذلك غداة اقتحامها المدينة.

وقال مصدر امني ان القوات الامنية المشتركة تقوم بـ "عمليات تمشيط كبيرة في مركز قضاء الحويجة واحيائها"، مضيفا انها تتجول في وسط الحويجة "الخالية بشكل نهائي من سكانها، وبدأت عمليات تمشيط وبحث وازالة للعبوات وفتح طرق".

ولفت المصدر الى ان القضاء يعمه "دمار كامل" بسبب سيطرة التنظيم عليه منذ 3 سنوات وتعرضه للقصف وقيام التنظيم بـ "نسف محال ودور سكنية وابنية حكومية".

واشاد التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن ويدعم القوات العراقية بما اعتبره انتصارا "سريعا وحاسما" في الحويجة بعد "معركة صعبة" ضد المتطرفين "الذي استسلم اكثر من الف منهم بحسب مصادر عدة".

وأوضح التحالف ان "اكثر من 41 الفا و500 كلم مربع تمت استعادتها وتم تحرير اكثر من 4 ملايين عراقي" منذ 2014 منبها الى ان "تنظيم الدولة "داعش"، لا يزال موجودا في العراق".

وفر نحو 12500 مدني من الحويجة منذ بدء العملية العسكرية لاستعادتها، بحسب ما اعلنت الامم المتحدة الثلاثاء.

وتحدث اوائل المدنيين النازحين عن الخوف اليومي من المتطرفين ومن استخدامهم دروعا بشرية من جانب التنظيم الذي يواجه معارك ضارية في المناطق التي لا يزال يسيطر عليها، بحسب منظمات انسانية.

وقال المجلس النروجي للاجئين ان "اي منظمة دولية لم تتمكن من الدخول الى الحويجة منذ سيطرة تنظيم الدولة "داعش"، عليها".

وتمثل استعادة الحويجة انتصاراً كبيراً للقوات العراقية وستنهي تهديد المتطرفين المستمر لمناطق ديالى وكركوك ومخمور والشرقاط وبيجي وتكريت وحتى سامراء وبغداد، بحسب خبراء.

ومع استعادة الحويجة من ايدي المتطرفين بعد 3 سنوات من اعلان تنظيم الدولة "الخلافة" في مناطق كانت تضم الاف المدنيين الذين اصبحوا الان بمعظمهم نازحين في مخيمات محيطة بالمنطقة، تواصل القوات العراقية المعارك على جبهة اخرى في محافظة الانبار.

ومنذ 19 سبتمبر الماضي، تتقدم ببطء على الجبهة الغربية بسبب الالغام التي يزرعها المتطرفون مع انسحابهم من كل منطقة في الصحراء الواقعة على الحدود مع محافظة دير الزور السورية.

واستعادت القوات العراقية ناحية عنه في الجانب الغربي من محافظة الانبار، لكن عمليات ازالة الالغام لم تنته الا الخميس.

وخلال العمليات تم العثور على نحو الف عبوة ناسفة وتفكيكها، بحسب ما أعلن مدير الدفاع المدني في محافظة الانبار العميد فوزي ياسين. كما أكد رئيس المجلس المحلي في عنه عبد الكريم العاني ان "ازالة الالغام ستتيح للنازحين العودة الى منازلهم".

ولا تقتصر المعارك على استعادة مدن وانما تجري حول بنى تحتية وطرق امدادات في البلد النفطي.

وطردت القوات الحكومية الاربعاء المتطرفين من طريق سريع يربط بين كركوك وتكريت جنوب الحويجة، وهو محور طرق حيوي، بحسب مصادر امنية. وقبل ذلك كانت استعادت محطة كهربائية شرق بيجي.

والملف الاخر الساخن بالنسبة للعراق الذي ركز كل جهوده تقريبا في السنوات الثلاث الماضية على المعركة ضد المتطرفين، هو المسالة الكردية.

وتفاقم التوتر حول المسألة مع تنظيم اقليم كردستان استفتاء حول الاستقلال في 25 سبتمبر. وأكد ماكرون الخميس في المؤتمر الصحافي المشترك مع رئيس الوزراء العراقي، ان حقوق الاكراد "يجب ان يعترف بها في اطار الدستور للحفاظ على استقرار ووحدة اراضي العراق".

وجدد العبادي من جهته رفض الاستفتاء الذي أجراه الاكراد في 25 سبتمبر وانتهى بالموافقة على استقلال الاقليم بنسبة أكثر من 92 % من الاصوات.

وقال "همنا أن نحفظ سيادة العراق على ضوء الدستور العراقي"، مضيفا "الاستفتاء على الانفصال خروج عن هذا الدستور والاجماع".

لكنه أكد انه "لا يريد مواجهة مسلحة" مع كردستان، "لكن يجب ان تفرض السلطة الاتحادية" في المناطق المتنازع عليها بين الحكومة المركزية وسلطات الاقليم الذي يتمتع بحكم ذاتي.

والمناطق المتنازع عليها هي التي سيطر عليها الاكراد في محافظات نينوى وديالى وكركوك، مستغلين الفوضى التي حصلت بعد انهيار وحدات الجيش في منتصف 2014 في مواجهة تنظيم الدولة "داعش".