رُصدت آثار لمبيدات حشرية سامّة في 75% من كميات العسل المنتجة في العالم كله، ما يثير القلق حول بقاء النحل الذي يؤدي دوراً حاسماً في تلقيح النبات.

وأظهرت نتائج تحليل 198 عينة من العسل منتجة في مختلف أنحاء العالم وجود آثار لمبيدات سامة. وهذه الآثار وإن كانت نسبتها متدنية بحيث إنها لا تؤثر على صحة الإنسان، إلا أنها تثير القلق على النحل وإمكانية بقائه في ظل استخدام هذه المبيدات، بحسب ما جاء في دراسة نشرت في مجلة "ساينس".

ويعزز هذا القلق أن النحل يقوم بمهمة تلقيح 90% من أهم الزراعات على الأرض. وقد لوحظ في السنوات الأخيرة تراجع كبير في أعداده واختفاء لأسراب كاملة.

ويقول كريس كونولي الباحث في علم الأعصاب الحيوي في جامعة داندي في مقال مرفق بالدراسة "هذه الاكتشافات مقلقة. النسبة العالية من المبيدات كافية لتؤثر على الوظائف الدماغية للنحل ويمكن أن تقوّض قدرتها على العثور على الغذاء وتلقيح مزروعاتنا ونباتنا".

وتعد المبيدات التي يطلق عليها اسم "نيونيكوتينويد" من العوامل الأساسية المسببة لانحسار النحل في العالم، وقد حظرها الاتحاد الأوروبي جزئيا منذ العام 2013.

وكانت العينات الآتية من أوروبا قبل دخول هذا الحظر حيز التنفيذ تحتوي على نسب من هذه المبيدات، بحسب كونولي الذي أشار إلى ضرورة إجراء فحوصات إضافية لمعرفة أثر هذا الإجراء على العسل المنتج حديثا.

سمّ من النيكوتين

ركّز العلماء أبحاثهم على الأنواع الخمسة لمبيدات "نيونيكوتينويد" التي ظهرت في التسعينيات، وهي مشتقة من مادة النيكوتين وتصيب الجهاز العصبي للحشرات.

ويقول الباحثون في هذه الدراسة "في الإجمال، تحتوي 75 % من كل عينات العسل هذه على نوع واحد من هذه المبيدات". ومن بين العينات الملوّثة، 45 % يحتوي على نوعين، و10 % على أربعة أنواع أو الأنواع الخمسة كلها.

وكانت نسبة التلوّث الأكبر في عينات أميركا الشمالية "89 % من العيّنات الآتية من هناك" ثم آسيا "80 %"، ثم أوروبا "79 %"، ونسبة التلوّث الأدنى في أمريكا الجنوبية "57 % من العينات".

وتشير هذه الدراسة إلى أن جزءاً كبيراً من النحل في العالم مصاب على الأرجح بتأثيرات مبيدات "نيونيكوتينويد".

وحذّرت الأمم المتحدة في العام 2016 من أن 40 % من الأنواع اللافقرية الملقحة، وخصوصاً النحل والفراشات، قد تنقرض من العالم. علما أن عدد أنواع النحل في العالم يقدّر بعشرين ألف.

وأقر الباحثون أن نتائجهم لم تكن مفاجئة، لكنهم دعوا إلى الالتفات بعناية إلى المخاطر التي تسببها هذه المبيدات.

وقال جوناثان ستوركي المتخصص في شؤون النبات والذي لم يشارك في هذه الدراسة "المستوى المرتفع "حتى 56 نانوغرام في الغرام الواحد" يدل على أن هناك تأثيرا على سلوك النحل وصحّة مستعمراته".

وذكّر بدراسات أثبتت أن نسبة 9 نانوغرام في الغرام الواحد كافية لتقليص قدرة النحل على الإنجاب، مشيراً إلى الأثر المضاعف لتراكم هذه المواد في الطبيعة ودوره في انحسار النحل.