كنا قد تناولنا في المقال السابق جوانب من التطور الهائل التي تشهده سنغافورة كل عامين. واليوم سنتحدث عن شخصية كانت وراء نهضة سنغافورة التي تحولت من دولةٍ فقيرة إلى دولة ذات ثقلٍ اقتصادي وواحة للاستثمار والسياحة. إنه لي كوان يو رئيس وزراء سنغافورة الأسبق الذي توفي قبل عامين تاركاً وراءه إرثاً يتفاخر به السنغافوريون.
ومن الملاحظ أنه لم توضع صورته على الأوراق النقدية "الدولار السنغافوري" والعملات المعدنية، ولا يوجد نصبٌ تذكاريٌ خاصٌ به سوى التمثال المعروض في متحف مدام توسود بسنغافورة.
كان لي كوان يو على قدرٍ كبيرٍ من الكاريزما، والكاريزما هي مزيجٌ من الدهاء والكياسة والفطنة. إلا أن الشخصيات القيادية أو العامة غالباً ما تكون عرضةً للنقد بمختلف درجاته والدخول في دائرة الخصومات، فـ"لي" لم يكن على وفاقٍ مع الساسة الماليزيين وفي مقدمتهم رئيس الوزراء آنذاك تنكوعبدالرحمن رحمه الله، وهو من الأسباب التي أدت إلى خروج سنغافورة من اتحاد ماليزيا ونيلها لاستقلالها في عام 1965، ولكنني لن أخوض في التفاصيل لأنها مازالت محل نقاشٍ وخلاف.
وكانت سنغافورة واقعة في دائرة صراعٍ واستقطابٍ بين المعسكرين الشرقي والغربي خلال الحرب الباردة، واستطاع "لي" بدهاء إخراج بلاده من أي خطرٍ محدق، حيث وضع تقدم وازدهار سنغافورة والحيلولة دون التأثر بالعوامل الخارجية نصب عينيه. ويقول أحد الاقتصاديين السنغافوريين: "لا يوجد لدينا في سنغافورة نفطٌ ولا غاز، ولكننا نتخذ الإنسان مصدراً للثروة".
وبالإضافة إلى ما سبق، فإن وجود أغلبيةٍ كبيرة من ذوي الأصول الصينية -بنسبة 74.3%- وإدماج الأقليات في المجتمع وتوليتهم وظائف مختلفة ساهم بشكلٍ كبير في استقرار سنغافورة. فالنزاعات ذات الطابع العرقي أو الثقافي أدت إلى أزمات في عددٍ من الدول خاصةً إذا كانت الأعداد متقاربة كما هو الحال في بلجيكا، أو كانت هناك مجموعات عرقية أو ثقافية متمركزة في مناطق معينة كإقليم كردستان بالعراق وإقليم كاتالونيا بإسبانيا. ومن الملاحظ أن السنغافوريين من قومية التاميل -رغم قلتهم- حاضرون بقوة في الحياة السياسية، إذ إنه جرت العادة أن يكون أحد نائبي رئيس الوزراء من هذه القومية. ولعل من أبرز الشخصيات التاميلية التي حظيت بتلك المرتبة سيناثامبيراجاراتنام وزير الخارجية الأسبق والساعد الأيمن للي كوان يو.
كان "لي" صارماً في سياساته الهادفة إلى بناء سنغافورة الحديثة، وقد ساهم غالبية السنغافوريين بشكلٍ كبير في نجاح تلك السياسات بعد سنواتٍ من الصبر والمثابرة لثقتهم بقيادة "لي" ورؤيته المستقبلية.
وبالرغم من أن الوزير توني تان -الذي انتخب في عام 2011 رئيساً للدولة- كان خيار "لي" المفضل لخلافته، إلا أن حزبه اختار جو تشوك تونغ ليخلف "لي" في رئاسة الحكومة، وقد احترم "لي" هذا القرار رغم قدرته على فرض خياره على زملائه. وبعد أن ترك "لي" منصبه في عام 1990، قامت الحكومة السنغافورية بمنحه دوراً استشارياً مميزاً لدرجة أنه عُين وزيراً معلماً "Minister Mentor".
وقد انشغل الرأي العام هناك -في الآونة الأخيرة- بقضية منزل "لي" المتواضع، حيث احتدم الخلاف بين أبنائه بسبب عزم رئيس الوزراء لي هسين لونغ -الابن البكر- على تحويل هذا المنزل إلى موقعٍ تاريخي بناءً على مطلبٍ شعبي رغم أن أباه أوصى بهدم المنزل.
هناك قواسم مشتركة بين البحرين وسنغافورة، والبحرين يمكنها أن تتفوق على سنغافورة وغيرها من الدول وتكون دولة يحسب لها حساب. لكن هذا لن يحدث ما لم يتم التعامل بجديةٍ وحزم مع المعضلات التي تناولتها في مقالات سابقة.
ومن الملاحظ أنه لم توضع صورته على الأوراق النقدية "الدولار السنغافوري" والعملات المعدنية، ولا يوجد نصبٌ تذكاريٌ خاصٌ به سوى التمثال المعروض في متحف مدام توسود بسنغافورة.
كان لي كوان يو على قدرٍ كبيرٍ من الكاريزما، والكاريزما هي مزيجٌ من الدهاء والكياسة والفطنة. إلا أن الشخصيات القيادية أو العامة غالباً ما تكون عرضةً للنقد بمختلف درجاته والدخول في دائرة الخصومات، فـ"لي" لم يكن على وفاقٍ مع الساسة الماليزيين وفي مقدمتهم رئيس الوزراء آنذاك تنكوعبدالرحمن رحمه الله، وهو من الأسباب التي أدت إلى خروج سنغافورة من اتحاد ماليزيا ونيلها لاستقلالها في عام 1965، ولكنني لن أخوض في التفاصيل لأنها مازالت محل نقاشٍ وخلاف.
وكانت سنغافورة واقعة في دائرة صراعٍ واستقطابٍ بين المعسكرين الشرقي والغربي خلال الحرب الباردة، واستطاع "لي" بدهاء إخراج بلاده من أي خطرٍ محدق، حيث وضع تقدم وازدهار سنغافورة والحيلولة دون التأثر بالعوامل الخارجية نصب عينيه. ويقول أحد الاقتصاديين السنغافوريين: "لا يوجد لدينا في سنغافورة نفطٌ ولا غاز، ولكننا نتخذ الإنسان مصدراً للثروة".
وبالإضافة إلى ما سبق، فإن وجود أغلبيةٍ كبيرة من ذوي الأصول الصينية -بنسبة 74.3%- وإدماج الأقليات في المجتمع وتوليتهم وظائف مختلفة ساهم بشكلٍ كبير في استقرار سنغافورة. فالنزاعات ذات الطابع العرقي أو الثقافي أدت إلى أزمات في عددٍ من الدول خاصةً إذا كانت الأعداد متقاربة كما هو الحال في بلجيكا، أو كانت هناك مجموعات عرقية أو ثقافية متمركزة في مناطق معينة كإقليم كردستان بالعراق وإقليم كاتالونيا بإسبانيا. ومن الملاحظ أن السنغافوريين من قومية التاميل -رغم قلتهم- حاضرون بقوة في الحياة السياسية، إذ إنه جرت العادة أن يكون أحد نائبي رئيس الوزراء من هذه القومية. ولعل من أبرز الشخصيات التاميلية التي حظيت بتلك المرتبة سيناثامبيراجاراتنام وزير الخارجية الأسبق والساعد الأيمن للي كوان يو.
كان "لي" صارماً في سياساته الهادفة إلى بناء سنغافورة الحديثة، وقد ساهم غالبية السنغافوريين بشكلٍ كبير في نجاح تلك السياسات بعد سنواتٍ من الصبر والمثابرة لثقتهم بقيادة "لي" ورؤيته المستقبلية.
وبالرغم من أن الوزير توني تان -الذي انتخب في عام 2011 رئيساً للدولة- كان خيار "لي" المفضل لخلافته، إلا أن حزبه اختار جو تشوك تونغ ليخلف "لي" في رئاسة الحكومة، وقد احترم "لي" هذا القرار رغم قدرته على فرض خياره على زملائه. وبعد أن ترك "لي" منصبه في عام 1990، قامت الحكومة السنغافورية بمنحه دوراً استشارياً مميزاً لدرجة أنه عُين وزيراً معلماً "Minister Mentor".
وقد انشغل الرأي العام هناك -في الآونة الأخيرة- بقضية منزل "لي" المتواضع، حيث احتدم الخلاف بين أبنائه بسبب عزم رئيس الوزراء لي هسين لونغ -الابن البكر- على تحويل هذا المنزل إلى موقعٍ تاريخي بناءً على مطلبٍ شعبي رغم أن أباه أوصى بهدم المنزل.
هناك قواسم مشتركة بين البحرين وسنغافورة، والبحرين يمكنها أن تتفوق على سنغافورة وغيرها من الدول وتكون دولة يحسب لها حساب. لكن هذا لن يحدث ما لم يتم التعامل بجديةٍ وحزم مع المعضلات التي تناولتها في مقالات سابقة.