اعيد انتخاب الرئيس السوري بشار الاسد كما كان متوقعا بغالبية ساحقة لولاية جديدة، في خطوة رأت فيها الصحف السورية الخميس "انتصارا" يمهد لاعادة اعمار البلاد المدمرة جراء النزاع المستمر منذ ثلاثة اعوام.في المقابل، رأى ناشطون ومعارضون ان بقاء الاسد يعني استمرار النزاع الذي اودى باكثر من 162 الف شخص وهجر الملايين.وفي اول تعليق غربي، رأى وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ ان اعادة انتخاب الاسد "اهانة للسوريين". وكان نظيره الاميركي جون كيري قال مساء الاربعاء، قبل وقت قصير من اعلان النتائج، ان الانتخابات التي وصفها الغرب مرارا ب "المهزلة"، "لا معنى لها".وافاد مصدر مقرب من النظام وكالة فرانس برس الخميس ان الاسد سيؤدي اليمين الدستورية امام مجلس الشعب في 17 يوليو، على ان يلقي خطابا يضمنه برنامجه للولاية التي تستمر سبع سنوات. وبحسب المصدر نفسه، ستقدم حكومة وائل الحلقي استقالتها لتعين حكومة جديدة بدلا منها.وكان رئيس رئيس مجلس الشعب محمد جهاد اللحام اعلن مساء الاربعاء، بعد اقل من 24 ساعة على الانتخابات التي اجريت في مناطق سيطرة النظام، حصول الاسد على "10 ملايين و319 الفا و723 صوتا، اي نسبة 88,7 بالمئة من عدد الاصوات الصحيحة".وبحسب اللحام، شارك في الانتخاب اكثر من 11 مليون و600 الف ناخب من اصل نحو 15,8 مليونا يحق لهم ذلك في سوريا وخارجها.ونال المرشح حسان النوري 4,3 بالمئة، وماهر حجار 3,2 بالمئة، في حين بلغت نسبة الاوراق الملغاة 3,8 بالمئة.وتصدرت صورة الرئيس الاسد الصفحات الاولى لصحف دمشق اليوم.وتحت عنوان "... وانتصرت سوريا"، قالت صحيفة "الوطن" المقربة من السلطات ان "الانتصار السياسي اليوم سيليه الانتصار العسكري لتعود سوريا اقوى مما كانت (...) ويعود كل السوريين الى ديارهم ليشاركوا في بناء سوريا الجديدة والمتجددة".ورأت صحيفة "البعث" الناطقة باسم الحزب الذي يحكم البلاد منذ العام 1963، ان امام السوريين "عمل وطني عسكري وسياسي ومجتمعي واعماري كبير، وسيقومون بانجازه غير مكترثين كثيرا لقذائف الهاون اليومية التي يطلقها الارهابيون وللتصريحات السياسية الحاقدة التي يطلقها رعاتهم الموتورون"، في اشارة الى داعمي المعارضة من الدول العربية والغربية.وكتبت صحيفة "تشرين" الحكومية "اليوم نبدأ معا: الشعب والجيش والقيادة، رحلة سوريا الجديدة التي تحتاج الى جهد كل فرد من ابنائها، والمعركة القادمة معركة اعادة الاعمار والانتقال الى المستقبل".وكان اطلاق النار ابتهاجا بشكل كثيف مساء الاربعاء تلا اعلان اعادة انتخاب الاسد، على رغم دعوة الرئيس السوري للامتناع عن ذلك. كما عرضت قنوات التلفزة لقطات لمواكب سيارة واشخاص يهتفون للاسد.وافاد المرصد السوري لحقوق الانسان اليوم ان عشرة اشخاص، بينهم سبعة في دمشق، سقطوا بنتيجة اطلاق النار، اضافة الى اكثر من 200 جريح.واعتبر مدير المرصد رامي عبد الرحمن ان اطلاق الرصاص "يدل على ان كتلة المؤيدين للاسد تعتقد انها انتصرت، ولا رغبة لديها في حل سياسي"، مشيرا الى ان العديد من الذين صوتوا قاموا بذلك "بدافع الخوف".واقيمت الانتخابات في مناطق سيطرة النظام التي يقول خبراء انها تضم نحو 60 بالمئة من سكان البلاد التي اندلعت فيها منتصف مارس 2011، احتجاجات ضد النظام، سرعان ما تحولت بعد اشهر الى نزاع عسكري مع لجوء السلطات الى القوة في قمعها.ومع اعادة انتخاب الاسد، اعاد ناشطون معارضون على مواقع التواصل الاجتماعي رفع شعار بداية الاحتجاجات "الشعب يريد اسقاط النظام".وقال ثائر، الذي نشط في مدينة حمص التي كانت تعد "عاصمة الثورة"، لوكالة فرانس برس عبر الانترنت "كل العالم كان يعرف ان الانتخابات ستبقي الاسد في السلطة. هذا يعني للاسف ان المعارك ستتواصل، الدم سيبقى يسيل، واللاجئون سيبقون في المخيمات" في الدول المجاورة.واضاف الناشط المقيم حاليا خارج سوريا "الحقيقة ان كل الناس يريدون حلا سياسيا، الا ان ذلك لن يتحقق طالما ان الاسد في السلطة، وتاليا السوريون سيستمرون في قتل بعضهم البعض".وسبق للمعارضة ان اطلقت صفة "انتخابات الدم" على عملية الاقتراع، قائلة انها تهدف الى منح الاسد "رخصة لاستمرار القتل".وفي المواقف الغربية، قال هيغ في بيان ان "الاسد فقد الشرعية قبل تلك الانتخابات وبعدها. ليس لهذه الانتخابات اي علاقة بالديموقراطية الحقيقية".وانتقد اجراء الانتخابات "وسط حرب اهلية وبوجود ملايين الاشخاص الممنوعين عن التصويت ومن الحصول على المساعدة الانسانية الاساسية تزامنا مع قمع وحشي لاي معارضة"، معتبرا ان ذلك "ليس سوى طريقة للحفاظ على النظام الديكتاتوري، انها اهانة للسوريين الذين يطالبون بالحرية والتغيير السياسي الحقيقي".وكان نظيره الاميركي جون كيري قال امس من بيروت، ان الانتخابات "ليست انتخابات. هي عبارة عن صفر كبير. لا معنى لها، اذ لا يمكن ان تكون هناك انتخابات عندما يكون هناك ملايين من الشعب غير قادرين على التصويت ولا يملكون القدرة على الاعتراض، ولا يملكون الخيار".ودعا حلفاء النظام روسيا وايران وحزب الله اللبناني الى "بذل جهد حقيقي" لوضع حد للنزاع.كما دعا الاتحاد الاوروبي امس النظام الى اجراء "مفاوضات سياسية حقيقية"، معتبرا ان الانتخابات "غير شرعية".وتتواصل اعمال العنف في الميدان السوري، والتي باتت تتشعب بين قصف عنيف من النظام، ومعارك مع مقاتلي المعارضة، ومعارك بين تشكيلات معارضة والعناصر الجهاديين، وبينهم العديد من الاجانب.ومساء الاربعاء، اعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ان "اكثر من ثلاثين مواطنا فرنسيا" غادروا للقتال في سوريا، قتلوا هناك.