خالد الطيب
ولدت في أسرة متواضعة.. حلمها منذ الطفولة أن تصبح سيدة أعمال، كرست جهدها لتكون من الطلبة المتميزين في سبيل تحقيق ذلك الحلم تخرجت من المرحلة الثانوية في عام 2013 بتقدير جيد جداً، وأرادت أن تكمل مشوارها التعليمي كأي فتاة أخرى في مثل سنها، ولكن الصدمة كانت في عدم مقدرة والديها على توفير مبلغ الرسوم الجامعية، مما سبب لها مشاكل نفسية تصيب أي طموح عندما تجبره الظروف على أن يتوقف في منتصف الطريق لأسباب لا طاقة له بها.
وبعد 4 سنوات استطاعت أن تدخل إحدى الجامعات متأخرة عن زميلاتها ولكنها الآن مهددة بالطرد لكونها عاجزة عن دفع رسوم هذا الكورس ألا وهو 250 ديناراً.
تحكي وفي نبرتها نوع من النحيب الصامت الذي لا يسمعه إلا من قاسى معاناتها، نبرة تبين مدى عجزها، فما حيلتها والعجز كبل قوتها "أتعبتني أسئلة الناس بعد تخرجي من الثانوية، كانوا يستفسرون عن سبب عدم دخولي للجامعة.. نعتوني بالتراخي ورموني بالإهمال لكوني توقفت ولم أكمل المشوار التعليمي بدخولي للجامعة".
وتضيف "كان الصمت جوابي فلعلي بالصمت أحفظ ماء وجهي وما علموا أن السبب الحقيقي هو عدم استطاعة أسرتي دفع الرسوم الجامعية، الأمر الذي جعلني أنتقل من المرحلة الثانوية للمرحلة البيتية، حيث لا دراسة ولا عمل، تشعر بالموت رغم أن قلبك مازال ينبض ولكن ما قيمة الحياة بلا هدف.. بلا عمل.. بلا طموح؟".
وتتابع "أصبت بحالة نفسية جراء ما يحدث، فالعمر يجري وقريناتي سبقنني بخطوات، أستيقظ لأنام وأنام لأستيقظ، قررت البحث عن وظيفة في سبيل أن أوفر مبالغ الرسوم الدراسية، فتقدمت للعمل في كل الوزارات، وفي مختلف القطاعات أجريت العديد من المقابلات، ولكن بلا نتيجة، وفرت وزارة العمل لي دورة لمدة 6 شهور أعادتني للحياة قليلاً بعثت في روحي الأمل فقد اصبح لي هدف أستيقظ من اجله وعند انتهاء الدورة أحسست بفراغ كبير قررت بعدها ألا أفقد الأمل، حتى إن تأخرت عن زميلاتي 4 سنوات، ولكن مازالت الفرصة أمامي.. قدمت أوراقي للتسجيل في باحدى الجامعات متأخرة، فأن تصل متأخرا خير من ألا تصل".
وتذكر "وصلتني رسالة بقبولي في الجامعة، كانت الفرحة شديدة ولكن سرعان ذهبت مع أدراج الرياح فما وفره والداي لا يساوي سوى مبلغ رسوم الكورس التمهيدي فقط، وبدأت رحلتي في البحث عن عمل لكي أستطيع مواصلة مشواري الدراسي وللأسف لم أجد أي وظيفة حتى انتهى الفصل التمهيدي بنجاحي فيه وبدأ الفصل الجديد فوجدت نفسي عاجزة عن توفير مبلغ 250 ديناراً رسوم هذا الفصل، وها أنا مهددة بالطرد يوم الأحد إن لم أدفع هذه الرسوم".
وتنهي حديثها بحرقة ولوعة "وقفت الآن عاجزة، كيف سأدفع الرسوم ووالدي من معسوري الحال، وأنا بلا وظيفة، وها أنا مهددة بالطرد من الجامعة وحرماني من إكمال دراستي الجامعية بسبب القصور المالي، قد ينتهي حلمي هنا وقد يقتل طموحي بعدها.. فكم هو مؤلم أن تتألم وحدك في صمت ممسكاً بيدك جمرة من نار تداريها حفاظاً على ماء وجهك وإكراما لنفسك عن سؤال الناس طيلة تلك الفترة.. أمسكتها طويلاً أما حان الوقت لتجد من يشاركها حملها؟!".
لم تطلب هذه الطالبة البحرينية سوى من يساعدها في التكفل بدفع رسومها الدراسية التي أثقلت كاهلها.