ما يجري حالياً يحتاج إلى تفسير، يتم استدعاء «سيناً» ما لسؤاله عن أمر ما فتمتلئ وسائل التواصل الاجتماعي بالتغريدات التي لا تنتهي وكلها تنطلق من معلومة غير صحيحة أو من لا شيء ويشارك في هذه العملية تلك الفضائيات «السوسة» والمواقع الإلكترونية التابعة لها والتي يتم تمويلها من قبل إيران وقطر، ينتشر خبر ما عن «صاد» ما فيتم تضخيمه حتى يعتقد العالم أن الشمخ الذي أصيب به ذلك الـ»صاد» لم يكن شمخاً ولكن كان جرحاً عميقاً نتيجة تعرضه لضرب مبرح وأنه أدى إلى وفاته «رغم أنه لايزال حياً يرزق ويتمتع بكامل الصحة والعافية»، يصرح أحدهم تصريحاً ما فيشارك في تحليله حتى من لا يعرف معنى التحليل ويتم تأويله تأويلات مختلفة. كل هذا صار يحدث في مجتمعنا وصارت ظاهرة تحتاج إلى تفسير. الاستمرار في هذا له عوائد سلبية كثيرة على المجتمع وأفراده ويمكن أن يتسبب في إيجاد حالة من عدم الاستقرار ويوفر الفرصة لمريدي السوء للتدخل في شؤوننا الداخلية.

في دولة المؤسسات والقانون يعتبر استدعاء جهة رسمية ما لشخص ما وسؤاله عن أمر ما وأخذ إفادته أمراً أكثر من عادي وموضوعاً لا يرقى إلى تناقله والتحدث فيه حتى لو كان الشخص المعني ذا صيت، وفي دولة المؤسسات والقانون ينبغي محاسبة من يعمد إلى تضخيم الأخبار وترويجها من دون علم بتفاصيلها وحقيقتها لأن لهذا السلوك أضراراً على الوطن، حاضراً ومستقبلاً.

في السنوات الأخيرة انتشرت هذه الظاهرة بقوة واستفاد منها أشخاص وجدوا أنفسهم فجأة في دائرة الضوء والشهرة، بل إن منهم من صار «بطلاً» من دون أن يعلم ومن دون أن يعرف السبب! قبل أيام كثر الحديث عن «اعتقال» حارس مرمى منتخب البحرين الأسبق حمود سلطان وكثرت التحليلات والتأويلات الأمر الذي اضطره ليظهر في فيديو قصير ويؤكد أن ما انتشر عنه غير صحيح وأن ما قيل إنه قاله وتم بسببه «اعتقاله» تم تفسيره تفسيراً خاطئاً وتم تأويله تأويلاً خاطئاً وأن ولاءه للبحرين وللقيادة لا يمكن أن يتغير.

وقبل أيام تم الإفراج عن بعض من كان قد تم توقيفهم أو حبسهم لفترة من الزمن فاشتغلت ماكينة التأويلات والتفسيرات الخاطئة ولم يتردد حتى من لا يعرف كيفية النطق عن الإدلاء برأيه وتفسيره، وزيادة على البيعة اعتبر ذلك البعض الذي اختار الإقامة في الخارج أمر الإفراج عن أولئك نتيجة ضغوطه وضغوط جهات ودول أمراً عادياً بل حقاً وطالب بإسقاط كل التهم عنهم والإفراج عن الجميع من دون قيد أو شرط!

والأمر نفسه يحدث مع كل حدث بغض النظر عن أهمية الشخص موضوع الحدث، ما يؤكد الحاجة إلى دراسة هذه الظاهرة لمعرفة أسبابها وطرق العلاج، وهذا أمر مهم.

ما ينبغي أن يعلمه الجميع هو أن البحرين لا تجامل في موضوع الأمن والاستقرار وبالتالي فإنها لا يمكن أن تستجيب لضغوط هذه الدولة أو تلك أو لتوصية هذه المنظمة أو تلك أو لوساطة هذا الشخص أو ذاك، والإفراج عن موقوف أو سجين يتم بسبب انتهاء مدة التوقيف أو المحكومية وليس مجاملة لهذه الجهة أو ذاك الشخص، بمعنى أنه لو لم يستوف من أفرج عنهم أخيراً المدة اللازمة والتي يحددها القانون لما تمكنوا من الخروج، وبمعنى أنه لو أن القانون يحكم بإسقاط التهم عنهم فإنه لا يكون أمام الجهات المعنية غير أن تستجيب وتطبق القانون.

المعنيون بدراسة هذه الظاهرة الجديدة على مجتمع البحرين والخطيرة هم المتخصصون في علم النفس والاجتماعيون، وعليهم ألا يكتفوا بمعرفة أسبابها وإنما بيان سبل علاجها أيضاً، وهو دور يدخل في مهام الحكومة أيضاً.