طوال عقد كامل أمضى جنود الجيش النظامي العراقي جل وقتهم بين أكياس الرمال والبراميل على الحواجز يفتشون المواطنين، بين جلافة سواق التكاسي وتذمر العجائز من عسكرة الشارع وليس محاربة الارهابيين. وعلى الوجه الآخر من هيكل العملية العسكرية العراقية تظهر قطاعات «الحشد الشعبي»، وقد حولتها المعارك إلى فرسان محررين مختصين بالحروب اللامتماثلة Asymmetric Warfar، كما يطل من بين ثنايا الجبال رجال وفتيات البيشمركة المنتصرون على «داعش» أيضاً والمباركون من الصهاينة والمسلحين من أمريكا. هذا البأس العسكري يقابله بؤس سياسي، فجميعهم يقفون أمام دمار اقتصادي وبشري في البنية التحتية العراقية، فقد كشف رئيس الوزراء حيدر العبادي، أن خسائر العراق وصلت 35 مليار دولار. في الحقول النفطية وأسلحة الجيش العراقي. وقد قيل قبل عام عن إجمالي الخسائر التي تعرضت لها قوى الأمن العراقية المختلفة بحوالي 11 ألف قتيل ونحو 23 ألف جريح.
ولا تختلف سمات البيئة السياسية والعسكرية في بغداد هذه الأيام عن البيئة التي تشكلت بعد أن انتهت الحرب العراقية الإيرانية في الثامن من أغسطس 1988، فقد انتصر الطاغية صدام على الإيرانيين بصك قبول الخميني لوقف نار رفضه لـ8 سنوات، ومثله يرى العبادي أن أطلال الموصل صك انتصاره على «داعش». كما تتشابه البيئتان بوجود فيالق الحرس الجمهوري لصدام بعد الحرب دون عمل، ومثلها قوات الحشد الشعبي خاصة والجيش والبيشمركة. لقد كان صدام يعلم أنه إذا انتصر جيشه في الحرب فسينقلب ضده فابتكر الطاغية نظام منع التواصل بين الوحدات، وكان من جراء ذلك موت رجال فرقتين عراقيتين بأسلوب الإبادة على يد الإيرانيين، فيما مات رجال فرقتين عراقيتين على بعد عدة كيلومترات منهم ليس على يد الإيرانيين بل من «قهر الرجال» لأن الفقه العسكري يقول لا يلغي الأمر إلا أمر آخر، وكانت أوامرهم الثبات من دون حركة انتظار لأمر من صدام لنجدة إخوانهم ولم يأتِ. وقد يستطيع العبادي السيطرة على وحدات الجيش النظامي لأنهم أكثر انضباطاً، لكنه لا يستطيع الاستعانة بهم لكبح جماح «الحشد الشعبي» لأسباب ليست طائفية وليست إيرانية ولا لأن الحشد قد حصل على مباركة طائفية كبيرة فحسب، بل ببساطة لأن جنود الجيش النظامي العراقي قد استهلكتهم عسكرة الشارع.
* بالعجمي الفصيح:
من المعروف أن «الجنرال عبدالجبار شنشل» احتل الأحواز عام 1980 بخطة قديمة وضعها البريطانيون عام 1941 فيما لو مال رضا شاه لهتلر، كما احتل «الجنرال إسرائيل تال» سيناء عام 1967 بخطة وضعها مونتيغمري لاستعادة مصر لو خسر العلمين عام 1942، لذا درس العبادي خرائط صدام وبموافقة الإيرانيين سيزج بكوادر بالحشد الشعبي في حرب مع البيشمركه إن لم تنصع لبغداد، كما فعل صدام بفرق الحرس الجمهوري في عاصفة الصحراء عام 1991. ويبقى سؤال ماذا لو انصاع البيشمركة فأين سيوجه جيوشه التي يريد الخلاص منها؟!
* المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج
ولا تختلف سمات البيئة السياسية والعسكرية في بغداد هذه الأيام عن البيئة التي تشكلت بعد أن انتهت الحرب العراقية الإيرانية في الثامن من أغسطس 1988، فقد انتصر الطاغية صدام على الإيرانيين بصك قبول الخميني لوقف نار رفضه لـ8 سنوات، ومثله يرى العبادي أن أطلال الموصل صك انتصاره على «داعش». كما تتشابه البيئتان بوجود فيالق الحرس الجمهوري لصدام بعد الحرب دون عمل، ومثلها قوات الحشد الشعبي خاصة والجيش والبيشمركة. لقد كان صدام يعلم أنه إذا انتصر جيشه في الحرب فسينقلب ضده فابتكر الطاغية نظام منع التواصل بين الوحدات، وكان من جراء ذلك موت رجال فرقتين عراقيتين بأسلوب الإبادة على يد الإيرانيين، فيما مات رجال فرقتين عراقيتين على بعد عدة كيلومترات منهم ليس على يد الإيرانيين بل من «قهر الرجال» لأن الفقه العسكري يقول لا يلغي الأمر إلا أمر آخر، وكانت أوامرهم الثبات من دون حركة انتظار لأمر من صدام لنجدة إخوانهم ولم يأتِ. وقد يستطيع العبادي السيطرة على وحدات الجيش النظامي لأنهم أكثر انضباطاً، لكنه لا يستطيع الاستعانة بهم لكبح جماح «الحشد الشعبي» لأسباب ليست طائفية وليست إيرانية ولا لأن الحشد قد حصل على مباركة طائفية كبيرة فحسب، بل ببساطة لأن جنود الجيش النظامي العراقي قد استهلكتهم عسكرة الشارع.
* بالعجمي الفصيح:
من المعروف أن «الجنرال عبدالجبار شنشل» احتل الأحواز عام 1980 بخطة قديمة وضعها البريطانيون عام 1941 فيما لو مال رضا شاه لهتلر، كما احتل «الجنرال إسرائيل تال» سيناء عام 1967 بخطة وضعها مونتيغمري لاستعادة مصر لو خسر العلمين عام 1942، لذا درس العبادي خرائط صدام وبموافقة الإيرانيين سيزج بكوادر بالحشد الشعبي في حرب مع البيشمركه إن لم تنصع لبغداد، كما فعل صدام بفرق الحرس الجمهوري في عاصفة الصحراء عام 1991. ويبقى سؤال ماذا لو انصاع البيشمركة فأين سيوجه جيوشه التي يريد الخلاص منها؟!
* المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج