حين طرأ بخاطري الكتابة عن الإعلام والإرهاب قررت مراجعة الكثير من الأخبار والموضوعات الإعلامية ولقطات الفيديو عن الأحداث الإرهابية سواء في عالمنا العربي أو تلك التي تحدث في الطرف الآخر من الكرة الأرضية، تجلت لي حقيقة قد تبدو وللوهلة الأولى مثيرة للجدل والتعجب بل وعدم التصديق حتى مني أنا بعد كل ما قمت به من بحث وتحليل، تلك الحقيقة والتي قد بدت لي أنا نفسي صادمة مفادها «أن المعالجة الإعلامية لأحداث الإرهاب قد تسهم وبشكل كبير في مساندة الإرهاب والإرهابيين» نعم حقاً، إنها تقوم بذلك. أشعر الآن بعلامات التعجب التي ترتسم على وجه قارئ ذلك المقال ولكن دعني أثبت لك قولي من خلال رؤية تحليلية ربما تسهم في تقليل هذا التعجب الذي جال بخاطرك، فلو بحثنا في الأصل دعنا نتساءل، ما هو هدف الجماعات الإرهابية من القيام بهجمات تستهدف ضحايا وخسائر مادية في شتي بلدان العالم؟ ماذا بين أي جماعة إرهابية وبين هؤلاء المدنيين الأبرياء أو السائحين من هنا وهناك؟
هنا ستتجلى لنا الحقيقة واضحة، هو أن هدف الإرهاب الأساسي يتلخص في نقطتين مفتاحيتين، الأولى هي إحراج الحكومات وفرض أجواء من التشكيك في الأجهزة الأمنية للدولة وإظهار القوة في محاولة من الواضح أنها يائسة في الغالب للتأثير في قرارات وسياسات البلد الذي يوجه له الهجوم، أما النقطة المفتاحية الثانية والتي لا تقل أهمية عن الأولى إذا أخذنا بعين الاعتبار الأهداف قصيرة المدى لهذه المجموعات، وهي الدعاية لهذه الجماعات والإعلان عن تلك الكيانات والتي قد تبدو حديثة العهد في بعض الأحيان أو محاولة إثبات الوجود والقوة وتأكيد الاستمرار والقدرة على الفعل للجماعات الموجودة من فترة والمعروفة فعلاً على المستوى العالمي.
الدليل على ذلك اختيار الإرهابيين الأماكن والمواقف التي تثير ضجة إعلامية إما بسبب شهرتها كبرج التجارة في الولايات المتحدة أو خصوصيتها كدور العبادة في مصر أو تأثيراتها السياسية والاقتصادية الضخمة كضرب حافلات السياحة أو أنابيب البترول أو محطات المياه والكهرباء، ويبدو أن أحد الملامح الهامة التي لا تغيب عن تلك الجماعات أثناء اختيارها للأماكن كونها أماكن مفتوحة يسهل فيها التصوير وأخذ لقطات متعددة الجوانب من هنا وهناك لإحداث التأثير المطلوب ذلك التأثير الذي يضمن لهم إغراء وسائل الإعلام كي تنشر المتنوع والجديد عن فعلتهم ليضمن ذلك لهم التواجد بشكل مكثف أمام الجماهير عبر وسائل الإعلام، فبدون تغطية وسائل الإعلام، يمكن القول إن تأثير الفعل الإرهابي يبقى محدوداً ومرتبطاً بالضحية المباشرة للهجوم، بدلاً من الوصول إلى «الجمهور المستهدف» الأوسع والذي يستهدفه العنف الإرهابي بالفعل، فالإرهاب لا يستهدف الضحايا بقدر استهدافه للجمهور الوطني والأجنبي، ولفت انتباه صانعي القرار في الحكومة لإظهار القوة وفرض أيديولوجيتها الراديكالية العنيفة
ليس هذا وفقط بل والتعريف بقضاياها السياسية في محاولة منها لكسب ولاءات جديدة كما يحاولون استخدام الإعلام كأداة لتقليص عدم تماثل القوة بينهم وبين الكيان الذي تحاربه هذه الجماعات في حرب فعليه أيديولوجية تهيئ أجواء من الخوف تسهم في الضغط لتحقيق ما تريده أو ما يريده ممولو هذه الجماعات للنيل من الوطن. ونظراً لهذه الدوافع، يمكن للإرهابيين تنفيذ هجمات عقلانية واستراتيجية مع وعي كامل لتأثير التغطية الإعلامية على كل شريحة تقريباً من المجتمع والمسؤولين الحكوميين على جميع المستويات تقريباً. وهنا تكون وسائل الإعلام هي تلك الأداة المثالية التي تحقق لهم كل ما يتمنونه وهو ما دعا زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري للقول في السابق إن القاعدة في معركة ونصف هذه المعركة يجري في ساحة وسائل الإعلام.
والواقع أن التقدم التكنولوجي وتغير سلوك الجمهور في العقد الماضي مكن الجماعات الإرهابية من الاستفادة من الأدوات الإعلامية بقدر أكبر من الراحة، بل وساهمت في نشر الرسائل الإرهابية عبر مواقع الإنترنت وفقاً لتقديراتهم الخاصة، وسمحت لهم لأول مرة في التاريخ، أن يتخذوا أي رسائل وصور يقررونها مباشرة إلى عالم الإنترنت، ذلك العالم الذي دعم بوضوح نطاق الدعاية والأنشطة الإرهابية، خاصة بعد نمو مواقع التواصل الاجتماعي، والتي يستخدمها الإرهابيون لدعم التواصل الداخلي بين أقطارها والمنتمين لها، والخارجي، مع المستهدفين سواء من المتعاطفين أو المهتمين بهم، لتصبح أداة مثالية للإرهابيين من حيث النهوض بأهدافهم التشغيلية دون تحمل نفقات أو مخاطر تذكر.
وللحديث بقية..
* أستاذ الإعلام الرقمي المساعد
هنا ستتجلى لنا الحقيقة واضحة، هو أن هدف الإرهاب الأساسي يتلخص في نقطتين مفتاحيتين، الأولى هي إحراج الحكومات وفرض أجواء من التشكيك في الأجهزة الأمنية للدولة وإظهار القوة في محاولة من الواضح أنها يائسة في الغالب للتأثير في قرارات وسياسات البلد الذي يوجه له الهجوم، أما النقطة المفتاحية الثانية والتي لا تقل أهمية عن الأولى إذا أخذنا بعين الاعتبار الأهداف قصيرة المدى لهذه المجموعات، وهي الدعاية لهذه الجماعات والإعلان عن تلك الكيانات والتي قد تبدو حديثة العهد في بعض الأحيان أو محاولة إثبات الوجود والقوة وتأكيد الاستمرار والقدرة على الفعل للجماعات الموجودة من فترة والمعروفة فعلاً على المستوى العالمي.
الدليل على ذلك اختيار الإرهابيين الأماكن والمواقف التي تثير ضجة إعلامية إما بسبب شهرتها كبرج التجارة في الولايات المتحدة أو خصوصيتها كدور العبادة في مصر أو تأثيراتها السياسية والاقتصادية الضخمة كضرب حافلات السياحة أو أنابيب البترول أو محطات المياه والكهرباء، ويبدو أن أحد الملامح الهامة التي لا تغيب عن تلك الجماعات أثناء اختيارها للأماكن كونها أماكن مفتوحة يسهل فيها التصوير وأخذ لقطات متعددة الجوانب من هنا وهناك لإحداث التأثير المطلوب ذلك التأثير الذي يضمن لهم إغراء وسائل الإعلام كي تنشر المتنوع والجديد عن فعلتهم ليضمن ذلك لهم التواجد بشكل مكثف أمام الجماهير عبر وسائل الإعلام، فبدون تغطية وسائل الإعلام، يمكن القول إن تأثير الفعل الإرهابي يبقى محدوداً ومرتبطاً بالضحية المباشرة للهجوم، بدلاً من الوصول إلى «الجمهور المستهدف» الأوسع والذي يستهدفه العنف الإرهابي بالفعل، فالإرهاب لا يستهدف الضحايا بقدر استهدافه للجمهور الوطني والأجنبي، ولفت انتباه صانعي القرار في الحكومة لإظهار القوة وفرض أيديولوجيتها الراديكالية العنيفة
ليس هذا وفقط بل والتعريف بقضاياها السياسية في محاولة منها لكسب ولاءات جديدة كما يحاولون استخدام الإعلام كأداة لتقليص عدم تماثل القوة بينهم وبين الكيان الذي تحاربه هذه الجماعات في حرب فعليه أيديولوجية تهيئ أجواء من الخوف تسهم في الضغط لتحقيق ما تريده أو ما يريده ممولو هذه الجماعات للنيل من الوطن. ونظراً لهذه الدوافع، يمكن للإرهابيين تنفيذ هجمات عقلانية واستراتيجية مع وعي كامل لتأثير التغطية الإعلامية على كل شريحة تقريباً من المجتمع والمسؤولين الحكوميين على جميع المستويات تقريباً. وهنا تكون وسائل الإعلام هي تلك الأداة المثالية التي تحقق لهم كل ما يتمنونه وهو ما دعا زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري للقول في السابق إن القاعدة في معركة ونصف هذه المعركة يجري في ساحة وسائل الإعلام.
والواقع أن التقدم التكنولوجي وتغير سلوك الجمهور في العقد الماضي مكن الجماعات الإرهابية من الاستفادة من الأدوات الإعلامية بقدر أكبر من الراحة، بل وساهمت في نشر الرسائل الإرهابية عبر مواقع الإنترنت وفقاً لتقديراتهم الخاصة، وسمحت لهم لأول مرة في التاريخ، أن يتخذوا أي رسائل وصور يقررونها مباشرة إلى عالم الإنترنت، ذلك العالم الذي دعم بوضوح نطاق الدعاية والأنشطة الإرهابية، خاصة بعد نمو مواقع التواصل الاجتماعي، والتي يستخدمها الإرهابيون لدعم التواصل الداخلي بين أقطارها والمنتمين لها، والخارجي، مع المستهدفين سواء من المتعاطفين أو المهتمين بهم، لتصبح أداة مثالية للإرهابيين من حيث النهوض بأهدافهم التشغيلية دون تحمل نفقات أو مخاطر تذكر.
وللحديث بقية..
* أستاذ الإعلام الرقمي المساعد