إن التغيرات الجديدة في العالم المعاصر وظهور العولمة بكل تجلياتها وأنواعها والتطور التكنولوجي السريع وإنشاء المنظمات الدولية وظهور الشركات المتعددة الجنسية كظاهرة عالمية وواقع جديد يفرض على جميع الدول وضع استراتيجيات وخطط مستقبلية لتحقيق متطلبات الواقع الجديد.
وتتوجه الدول المتقدمة والنامية على حد سواء ومنها مملكة البحرين لإصلاح اقتصادياتها وإصلاح منظوماتها الإدارية لجعلها أكثر تكيفاً مع المتغيرات الجديدة لتحقيق التنمية الشاملة حيث تعد الرؤية الاقتصادية التي أطلقها حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، في أكتوبر 2008، رؤيةً اقتصادية شاملة لمملكة البحرين، من شأنها تحديد وجهة واضحة للتطوير المستمر للاقتصاد البحريني، وهي في جوهرها تعكس هدفاً أساسياً مشتركاً يتمثّل في بناء حياةٍ أفضل لكافة المواطنين البحرينيين، على أن يتم تحقيق الرؤية من خلال استراتيجية وطنية تنبثق عنها مبادرات استراتيجية مفصلة في قطاعات متعددة لتحقيق التطلعات التي تمثلها هذه الرؤية، وحددت ثلاثة تحديات، أهمها إصلاح قطاع التعليم، الذي شمل عدداً من التطلعات والطموحات في هذا الصدد.
في العقدين الماضيين تم فصل التعليم عن التدريب في جميع المؤسسات التربوية وأصبح لكل منهما وزارة خاصة، كما تم فصل المناهج التدريسية عن البرامج التدريبية، وأصبح لكل منهما مؤسسات عامة وخاصة، وبدأت الهوة في ازدياد بين مخرجات كل منهما غير الموائمة لسوق العمل المحلي التي لا تلبي متطلبات السوق والاحتياجات للمهن المعاصرة وتفاقمت المشكلة والإشكاليات التي تواجه الخريجين من الجهتين، وازدياد البطالة وعزوف شركات القطاع الخاص عن توظيف الخريجين، وافتقار المناهج الحالية للمقررات التعليمية المدمجة بالتدريب التطبيقي التي تساعد على تطوير المهارات الفكرية، مثل التفكير التحليلي والاتصال والقيادة والمبادرات المؤسسية، كل هذه الإشكاليات لا بد من العمل على معالجتها من خلال تقديم مناهج تعليمية ذات أبعاد عملية تطبيقية تحفز العقل وتنير التفكير الريادي وتستحث الإبداع.
إن إصلاح نظم سياسات التعليم والتدريب والتأهيل وتطوير البرامج التعليمية في مملكة البحرين يمثل عنصراً جوهرياً في هذا الإطار، حيث سيخلق قوة عمل مدربة ومؤهلة وقادرة على استيعاب التطورات المرتبطة بظاهرة العولمة، فالتعليم، بأنواعه المختلفة ومراحله وأنماطه المختلفة، النظامية منها وغير النظامية، يشكل العمود الفقري لجهود تنمية الموارد البشرية، وهذا يستدعي منا إيلاء نظم التعليم والتدريب والتطوير والبرامج الأكاديمية أهمية خاصة لتكون في مقدمة الأوليات التنموية والجهود الرامية إلى التطوير والتحديث، ومواكبة المستجدات، ومواجهة التحديات القادمة، فتقنيات المعلومات والاتصالات الحديثة بدأت بإحداث ثورة في أساليب التعليم وآلياته، والوسائل المستخدمة فيه للحصول على المعرفة.
كذلك تتطلب تحقيق الرؤية الاقتصادية 2030 عمليات تدريب وتأهيل مستمرة وخصوصاً في الفترة الحالية من أجل إيجاد كادر خبير قادر على دراسة السياسات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والسياسية التي تعمل من خلالها قوى العولمة ورصد هذه السياسات والعمل على إيجاد خطط وبرامج مناسبة لدرء الأخطار الناجمة عن العولمة قدر المستطاع، وإمكانية الاستفادة من المنجزات العلمية والتقنية المواكبة لظاهرة العولمة، وكذلك التدريب والتأهيل للموظفين القائمين على رأس عملهم والجدد من أجل معرفة استخدام التكنولوجيا الجديدة.
إن الرؤية الاقتصادية 2030 تضمنت برامج إصلاح رئيسة في منظومة التعليم، كوحدة متكاملة، تشمل عدداً من المبادرات في مجالات التعليم العالي وتحسين أداء المدارس والتدريب الاحترافي والمهني، وأطلقت عدة استراتيجيات في مملكة البحرين، أهمها الاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي، وتهدف هذه الاستراتيجية التي صدرت في مايو 2010 إلى تطوير وتنفيذ خطة استراتيجية لتحسين أداء قطاع التعليم العالي وتشجيع الاستثمار في التعليم العالي بإنشاء جامعات عالمية المستوى، ووضع استراتيجية وطنية للأبحاث وتطوير نظام لإدارة المعلومات ومتابعة وتقييم أداء التعليم الجامعي، ويضطلع مجلس التعليم العالي من خلال أمانة عامة بمسؤولية تنفيذ الاستراتيجية ورفع تقاريرها إلى مجلس تطوير التعليم مرتين سنوياً للاطلاع على مدى التقدم المتحقق، وتأسيس هيئة جودة التعليم والتدريب 2008 ضمن مبادرات مشروع تطوير التعليم، وهو إحدى المبادرات الرائدة لرؤية البحرين الاقتصادية 2030، والذي يهدف إلى تحقيق نقلة نوعية وتحسين الخدمات المقدمة في قطاع التعليم والتدريب المهني في مملكة البحرين والتي ستعمل بدورها على رفع الكفاءات وتحقيق التنمية البشرية لمواطني مملكة البحرين وشرعت الهيئة في تنفيذ مختلف الأنشطة المرتبطة بتحقيق ضمان الجودة، بما في ذلك وضع معايير وأطر لقياس جودة الأداء للمؤسسات التعليمية والتدريبية، وإجراء مراجعات موضوعية لتقييم أداء كافة المؤسسات التعليمية والتدريبية المرخص لها في مملكة البحرين. إن من أهم أولويات متطلبات تحقيق رؤية البحرين الاقتصادية 2030 العمل على تفعيل السياسات التي تسهم في تطوير التعليم المبني على التدريب المهني/ التقني لتزويد نسيج القوى العاملة الوطنية بالمعارف والمهارات المتخصصة والمتطورة وتوسيع التعليم المبني على التدريب المهني التقني واعتماد برامج «تلمذة مهنية طويلة الأجل»، في كل المسارات والتخصصات بدءاً من المرحلة الإعدادية وصولاً إلى المرحلة الثانوية لإنتاج مواطن مثقف ومنتج وشامل المعارف والمهارات، والتوسع في إنشاء مؤسسات التعليم والتدريب المهني/ الفني، واعتماد البرامج المرنة في الإعداد للتعليم المبني على التدريب الاحترافي والمهني لتتناسب مع المتغيرات المستمرة في السوق وفق احتياجات ومتطلبات سوق العمل ووضع اطر تشريعية لشراكة حقيقية بين مؤسسات التعليم والتدريب الحكومية والجامعات الخاصة ومعاهد ومراكز التعليم والتدريب المهني والقطاع الخاص في مملكة البحرين، والاستفادة من النماذج المتقدمة في هذا المجال مثل النظام الإنجليزي والأسترالي.
* رئيس قسم العلوم الإدارية في الجامعة الخليجية
وتتوجه الدول المتقدمة والنامية على حد سواء ومنها مملكة البحرين لإصلاح اقتصادياتها وإصلاح منظوماتها الإدارية لجعلها أكثر تكيفاً مع المتغيرات الجديدة لتحقيق التنمية الشاملة حيث تعد الرؤية الاقتصادية التي أطلقها حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، في أكتوبر 2008، رؤيةً اقتصادية شاملة لمملكة البحرين، من شأنها تحديد وجهة واضحة للتطوير المستمر للاقتصاد البحريني، وهي في جوهرها تعكس هدفاً أساسياً مشتركاً يتمثّل في بناء حياةٍ أفضل لكافة المواطنين البحرينيين، على أن يتم تحقيق الرؤية من خلال استراتيجية وطنية تنبثق عنها مبادرات استراتيجية مفصلة في قطاعات متعددة لتحقيق التطلعات التي تمثلها هذه الرؤية، وحددت ثلاثة تحديات، أهمها إصلاح قطاع التعليم، الذي شمل عدداً من التطلعات والطموحات في هذا الصدد.
في العقدين الماضيين تم فصل التعليم عن التدريب في جميع المؤسسات التربوية وأصبح لكل منهما وزارة خاصة، كما تم فصل المناهج التدريسية عن البرامج التدريبية، وأصبح لكل منهما مؤسسات عامة وخاصة، وبدأت الهوة في ازدياد بين مخرجات كل منهما غير الموائمة لسوق العمل المحلي التي لا تلبي متطلبات السوق والاحتياجات للمهن المعاصرة وتفاقمت المشكلة والإشكاليات التي تواجه الخريجين من الجهتين، وازدياد البطالة وعزوف شركات القطاع الخاص عن توظيف الخريجين، وافتقار المناهج الحالية للمقررات التعليمية المدمجة بالتدريب التطبيقي التي تساعد على تطوير المهارات الفكرية، مثل التفكير التحليلي والاتصال والقيادة والمبادرات المؤسسية، كل هذه الإشكاليات لا بد من العمل على معالجتها من خلال تقديم مناهج تعليمية ذات أبعاد عملية تطبيقية تحفز العقل وتنير التفكير الريادي وتستحث الإبداع.
إن إصلاح نظم سياسات التعليم والتدريب والتأهيل وتطوير البرامج التعليمية في مملكة البحرين يمثل عنصراً جوهرياً في هذا الإطار، حيث سيخلق قوة عمل مدربة ومؤهلة وقادرة على استيعاب التطورات المرتبطة بظاهرة العولمة، فالتعليم، بأنواعه المختلفة ومراحله وأنماطه المختلفة، النظامية منها وغير النظامية، يشكل العمود الفقري لجهود تنمية الموارد البشرية، وهذا يستدعي منا إيلاء نظم التعليم والتدريب والتطوير والبرامج الأكاديمية أهمية خاصة لتكون في مقدمة الأوليات التنموية والجهود الرامية إلى التطوير والتحديث، ومواكبة المستجدات، ومواجهة التحديات القادمة، فتقنيات المعلومات والاتصالات الحديثة بدأت بإحداث ثورة في أساليب التعليم وآلياته، والوسائل المستخدمة فيه للحصول على المعرفة.
كذلك تتطلب تحقيق الرؤية الاقتصادية 2030 عمليات تدريب وتأهيل مستمرة وخصوصاً في الفترة الحالية من أجل إيجاد كادر خبير قادر على دراسة السياسات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والسياسية التي تعمل من خلالها قوى العولمة ورصد هذه السياسات والعمل على إيجاد خطط وبرامج مناسبة لدرء الأخطار الناجمة عن العولمة قدر المستطاع، وإمكانية الاستفادة من المنجزات العلمية والتقنية المواكبة لظاهرة العولمة، وكذلك التدريب والتأهيل للموظفين القائمين على رأس عملهم والجدد من أجل معرفة استخدام التكنولوجيا الجديدة.
إن الرؤية الاقتصادية 2030 تضمنت برامج إصلاح رئيسة في منظومة التعليم، كوحدة متكاملة، تشمل عدداً من المبادرات في مجالات التعليم العالي وتحسين أداء المدارس والتدريب الاحترافي والمهني، وأطلقت عدة استراتيجيات في مملكة البحرين، أهمها الاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي، وتهدف هذه الاستراتيجية التي صدرت في مايو 2010 إلى تطوير وتنفيذ خطة استراتيجية لتحسين أداء قطاع التعليم العالي وتشجيع الاستثمار في التعليم العالي بإنشاء جامعات عالمية المستوى، ووضع استراتيجية وطنية للأبحاث وتطوير نظام لإدارة المعلومات ومتابعة وتقييم أداء التعليم الجامعي، ويضطلع مجلس التعليم العالي من خلال أمانة عامة بمسؤولية تنفيذ الاستراتيجية ورفع تقاريرها إلى مجلس تطوير التعليم مرتين سنوياً للاطلاع على مدى التقدم المتحقق، وتأسيس هيئة جودة التعليم والتدريب 2008 ضمن مبادرات مشروع تطوير التعليم، وهو إحدى المبادرات الرائدة لرؤية البحرين الاقتصادية 2030، والذي يهدف إلى تحقيق نقلة نوعية وتحسين الخدمات المقدمة في قطاع التعليم والتدريب المهني في مملكة البحرين والتي ستعمل بدورها على رفع الكفاءات وتحقيق التنمية البشرية لمواطني مملكة البحرين وشرعت الهيئة في تنفيذ مختلف الأنشطة المرتبطة بتحقيق ضمان الجودة، بما في ذلك وضع معايير وأطر لقياس جودة الأداء للمؤسسات التعليمية والتدريبية، وإجراء مراجعات موضوعية لتقييم أداء كافة المؤسسات التعليمية والتدريبية المرخص لها في مملكة البحرين. إن من أهم أولويات متطلبات تحقيق رؤية البحرين الاقتصادية 2030 العمل على تفعيل السياسات التي تسهم في تطوير التعليم المبني على التدريب المهني/ التقني لتزويد نسيج القوى العاملة الوطنية بالمعارف والمهارات المتخصصة والمتطورة وتوسيع التعليم المبني على التدريب المهني التقني واعتماد برامج «تلمذة مهنية طويلة الأجل»، في كل المسارات والتخصصات بدءاً من المرحلة الإعدادية وصولاً إلى المرحلة الثانوية لإنتاج مواطن مثقف ومنتج وشامل المعارف والمهارات، والتوسع في إنشاء مؤسسات التعليم والتدريب المهني/ الفني، واعتماد البرامج المرنة في الإعداد للتعليم المبني على التدريب الاحترافي والمهني لتتناسب مع المتغيرات المستمرة في السوق وفق احتياجات ومتطلبات سوق العمل ووضع اطر تشريعية لشراكة حقيقية بين مؤسسات التعليم والتدريب الحكومية والجامعات الخاصة ومعاهد ومراكز التعليم والتدريب المهني والقطاع الخاص في مملكة البحرين، والاستفادة من النماذج المتقدمة في هذا المجال مثل النظام الإنجليزي والأسترالي.
* رئيس قسم العلوم الإدارية في الجامعة الخليجية