البعض يفهم التقارير التي يصدرها ديوان الرقابة المالية والإدارية في نهاية كل عام فهماً خاطئاً، وهذا الفهم يعود إلى خلط متمازج مع خلط آخر معني بمفهوم محاربة الأخطاء الإدارية والتجاوزات المالية، والتي نسميها كما درجنا «الفساد الإداري والمالي».
الخلط يتمثل في استيعاب المطلوب كإجراءات والتعامل مع هذه التقارير، والتي تتضمن بين طياتها أموراً ومعلومات كثير منها مزعج ومؤسف ومخيف ومقلق، طالما أنك تتحدث عن هدر في مال عام هو في أساسه ملك للوطن والمواطن، أو عن تجاوزات إدارية لا يجوز حدوثها في مجتمع إصلاحي من شعاراته نبذ ومحاربة الفساد وتصحيح الممارسات الإدارية المغلوطة.
البعض يظن أن الإجراءات الصحيحة لمعالجة هذه الظاهرة تتمثل بعمليات «التشهير» أياً كانت أنواعها، وأياً كانت الوسائط المستخدمة فيها للنشر. الخلط بالاقتناع أنك حينما تشهر بكل فاسد ومتجاوز وتنشر اسمه فإنك بذلك تنهي الفساد، وهذا أمر غير صحيح، لأنه خاضع لأمور نسبية.
أولاً، الهدف من عملية الفضح والتشهير التي يمارسها مجتمعنا مع الاحترام الشديد ترتكز على عملية التشفي أو كما نسميها «الشماتة»، وهذا أسلوب غير سوي في مجتمع ينشد التحضر. ولمن يقول بأن القصد تحويل هؤلاء إلى مثابة «العبرة لمن يعتبر»، فنقول إنها من مسؤوليات الدولة، باعتبارها المسؤولة قانونياً وأدبياً عن محاسبة المتجاوزين، وهي -كمنظومة شرعية لها صلاحياتها- معنية بعملية ضرب العبر للآخرين عبر إبراز نماذج تمت محاسبتها وردع تصرفاتها.
كلنا كأسوياء في مبادئنا -يفترض- علينا مسؤولية لعب دور هام في التعاطي مع هذه التقارير، يتمثل بدعمها وتعزيزها، وبيان ملاحظاتها التي تضع اليد على الجرح، ومطالبة الدولة والجهات المعنية باتخاذ الإجراءات حيالها دون تباطؤ.
في محاربة الأخطاء والتجاوزات هناك قاعدة ثابتة تقول إن المعالجة البطيئة لا تقود لأي علاج، بل قد تكون سبباً لتعزيز الأخطاء، وإيهام المتجاوزين بأن المحاسبة طريقها طويل جداً حتى تصل لهم.
ثانياً، هناك خلط في فهم التباين بين المخالفات، بما يوقع البعض في حالة «جمع الكل في سلة واحدة»، وهنا الضرر في إلصاق تهمة الفساد في منظومات مجتمع بأكمله، وهنا نكون وقعنا في كارثة كبرى، إذ لم ينشأ ديوان الرقابة ولم تصدر تقاريره بهذا الشكل الواسع في تفاصيله المتشعب في مضامينه حتى يكون نقطة ضد البحرين، لا نقطة لصالحها، والنقطة الأخيرة هي الأصح.
هناك تجاوزات كبيرة لا ينبغي أبداً السكوت عليها، ولا بد من محاسبة المتسببين فيها، وإن تكررت نفس التجاوزات لسنوات متعاقبة، فهنا اللوم ليس على من تجاوز، بل على من تركه دون محاسبة. في جهة أخرى هناك تجاوزات إجرائية معنية بأسس وضوابط العمل تدخل في كثير من التشعبات، وهنا يصعب القول إنها حالات فساد أو تعد على المال العام تمت بقصد وترصد. لكن لأن التقارير تضم جميع أنواع الأخطاء، تكون عملية الجمع ظالمة لبعض الحالات.
رغم أننا قطعنا شوطاً كبيراً في تجربتنا مع ديوان الرقابة وتقاريره، ورغم أن رتم المحاسبة ليس بسرعة تكاثر التجاوزات، إلا أن ذلك لا يعني التقليل من حجم ما يتم من جهد لبيان الثغرات والأخطاء، أقلها أن الجهات باتت تعرف أن هناك رقيباً عليها سيكشف للناس التفاصيل بشأن أية تجاوزات، وهذا حق للناس بمعرفته.
تظل العملية في كيفية تعاطينا كمجتمع مع هذه التقارير، كيف تصدر عنا ردات فعل وتحركات مسؤولة، تتم بطرق راقية بعيدة عن سلوكيات خاطئة من ضمنها الفضح والتشهير وحتى اتهام الدولة. مع القناعة بأن الدولة مسؤولة والكرة في ملعبها، بالتالي المطلوب جدية أكبر وحراك أسرع لإنهاء كل ما هو خاطئ وردع ومحاسبة كل متجاوز، وإحلال الإصلاح بدل الفساد في الحالات المثبتة.
الخلط يتمثل في استيعاب المطلوب كإجراءات والتعامل مع هذه التقارير، والتي تتضمن بين طياتها أموراً ومعلومات كثير منها مزعج ومؤسف ومخيف ومقلق، طالما أنك تتحدث عن هدر في مال عام هو في أساسه ملك للوطن والمواطن، أو عن تجاوزات إدارية لا يجوز حدوثها في مجتمع إصلاحي من شعاراته نبذ ومحاربة الفساد وتصحيح الممارسات الإدارية المغلوطة.
البعض يظن أن الإجراءات الصحيحة لمعالجة هذه الظاهرة تتمثل بعمليات «التشهير» أياً كانت أنواعها، وأياً كانت الوسائط المستخدمة فيها للنشر. الخلط بالاقتناع أنك حينما تشهر بكل فاسد ومتجاوز وتنشر اسمه فإنك بذلك تنهي الفساد، وهذا أمر غير صحيح، لأنه خاضع لأمور نسبية.
أولاً، الهدف من عملية الفضح والتشهير التي يمارسها مجتمعنا مع الاحترام الشديد ترتكز على عملية التشفي أو كما نسميها «الشماتة»، وهذا أسلوب غير سوي في مجتمع ينشد التحضر. ولمن يقول بأن القصد تحويل هؤلاء إلى مثابة «العبرة لمن يعتبر»، فنقول إنها من مسؤوليات الدولة، باعتبارها المسؤولة قانونياً وأدبياً عن محاسبة المتجاوزين، وهي -كمنظومة شرعية لها صلاحياتها- معنية بعملية ضرب العبر للآخرين عبر إبراز نماذج تمت محاسبتها وردع تصرفاتها.
كلنا كأسوياء في مبادئنا -يفترض- علينا مسؤولية لعب دور هام في التعاطي مع هذه التقارير، يتمثل بدعمها وتعزيزها، وبيان ملاحظاتها التي تضع اليد على الجرح، ومطالبة الدولة والجهات المعنية باتخاذ الإجراءات حيالها دون تباطؤ.
في محاربة الأخطاء والتجاوزات هناك قاعدة ثابتة تقول إن المعالجة البطيئة لا تقود لأي علاج، بل قد تكون سبباً لتعزيز الأخطاء، وإيهام المتجاوزين بأن المحاسبة طريقها طويل جداً حتى تصل لهم.
ثانياً، هناك خلط في فهم التباين بين المخالفات، بما يوقع البعض في حالة «جمع الكل في سلة واحدة»، وهنا الضرر في إلصاق تهمة الفساد في منظومات مجتمع بأكمله، وهنا نكون وقعنا في كارثة كبرى، إذ لم ينشأ ديوان الرقابة ولم تصدر تقاريره بهذا الشكل الواسع في تفاصيله المتشعب في مضامينه حتى يكون نقطة ضد البحرين، لا نقطة لصالحها، والنقطة الأخيرة هي الأصح.
هناك تجاوزات كبيرة لا ينبغي أبداً السكوت عليها، ولا بد من محاسبة المتسببين فيها، وإن تكررت نفس التجاوزات لسنوات متعاقبة، فهنا اللوم ليس على من تجاوز، بل على من تركه دون محاسبة. في جهة أخرى هناك تجاوزات إجرائية معنية بأسس وضوابط العمل تدخل في كثير من التشعبات، وهنا يصعب القول إنها حالات فساد أو تعد على المال العام تمت بقصد وترصد. لكن لأن التقارير تضم جميع أنواع الأخطاء، تكون عملية الجمع ظالمة لبعض الحالات.
رغم أننا قطعنا شوطاً كبيراً في تجربتنا مع ديوان الرقابة وتقاريره، ورغم أن رتم المحاسبة ليس بسرعة تكاثر التجاوزات، إلا أن ذلك لا يعني التقليل من حجم ما يتم من جهد لبيان الثغرات والأخطاء، أقلها أن الجهات باتت تعرف أن هناك رقيباً عليها سيكشف للناس التفاصيل بشأن أية تجاوزات، وهذا حق للناس بمعرفته.
تظل العملية في كيفية تعاطينا كمجتمع مع هذه التقارير، كيف تصدر عنا ردات فعل وتحركات مسؤولة، تتم بطرق راقية بعيدة عن سلوكيات خاطئة من ضمنها الفضح والتشهير وحتى اتهام الدولة. مع القناعة بأن الدولة مسؤولة والكرة في ملعبها، بالتالي المطلوب جدية أكبر وحراك أسرع لإنهاء كل ما هو خاطئ وردع ومحاسبة كل متجاوز، وإحلال الإصلاح بدل الفساد في الحالات المثبتة.