محظوظ من يكون محاطاً بالنساء وأعتبر نفسي من هؤلاء المحظوظين. حيث حباني الله بعائلة يغلب عليها الجنس الناعم اللطيف وأعترف أن بدونهن لما استطعت تخطي الكثير من الحواجز في هذه الحياة.

فالمرأة كما يعرف عنها كتلة من العطف والرقة ومرهماً لأشد الجروح. وإذا تعلمت المرأة وعملت تصبح كذلك عوناً لزوجها وأسرتها وعنصراً فعالاً في مجتمعها.

عائلتي الصغيرة تشمل الأم الحنونة التي لا تتأخر عن مساعدة أبنائها وأحفادها وهي التي تدير شؤون «البيت العود» منذ زمن بعيد بكل اقتدار، كما إنها تملك عقلاً اقتصادياً يؤهلها لخوض مغامرات الاستثمار المالي والعقاري بكل جدارة. والعائلة أيضاً فيها الخالة السخية التي ضحت بأجمل سنوات عمرها في رعاية جدي الراحل وخالي المريض وهي التي لا تترك مناسبة إلا وتغدق علينا بالهدايا فرداً فرداً حتى بعد أن أصبحنا كبار.

ولا أنسى أخواتي الشابات اللواتي أعتبرهن مثالاً للطيبة والحنان. فأختي الأولى موظفة طموحة ومجتهدة وتعاون زوجها بكل ما تملك لتسيير أمور أسرتها. وأختي الثانية طبيبة بارعة تعمل ليل نهار من أجل تخفيف معاناة الناس. وأذكر أن كلتاهما استنفرتا جهودهما عندما علمتا بإصابتي الصعبة والتي استدعت جراحة معقدة. فكلتاهما تركتا مسؤولياتهما ليوفرا لي أفضل الرعاية. وقد رافقتني أختي الطبيبة في رحلة العلاج وكانت تسهر بجانبي ليلياً في المستشفى. أما زوجتي فهي مرأة ذكية ومديرة ناجحة في أعرق المؤسسات وأم معطاءة وشريكة حياة بمعنى الكلمة.

في الأيام الماضية لم أستغرب احتفاء الرجل عندنا بالمرأة، فهي بالفعل شريك أساسي في المجتمع حيث أثبتت قدراتها داخل وخارج المنزل. والمرأة في مواقع العمل تحديداً أصبحت علامة فارقة لا يستغنى عنها فهي تضيف مهارات عملية وفطنة ربانية وذكاء عاطفي يصعب استبدالهم.

والجامعة هذه الأيام، تطلعني على الجيل الجديد من النساء. فطالباتي الصغيرات مجتهدات وطموحات ولديهن من القدرات مما يؤهلهن أن يصبحن قياديات في مجال تخصصهن. حيث لاحظت قدراً كبيراً من الذكاء والالتزام والجدية عند غالبيتهن مما يجعلني متفائلاً بمستقبلهن.

جلست مؤخراً مع أستاذ تونسي كبير فجذبتنا أحاديث الثورة التونسية وتبعاتها. واللافت تأكيده أنه لولا جرأة المرأة التونسية ورفضها الشرس للتخلي عن مكتسبات حصلت عليها لتقلصت الحريات في هذا البلد العربي المعروف عنه انفتاحه وتمكينه للمرأة منذ عقود. حيث يذكر أن بعد الثورة كادت المرأة التونسية أن تفقد بعض حقوقها التي كفلها لها القانون لكنها وقفت ضد تلك المحاولات واستطاعت أن تصدها بكل جدارة. وهذا دليل على قدرة المرأة في عمل الكثير إذا أعطيت الثقة.

حالياً بدأت أفضل التعامل مع المرأة في مجالات عدة أبرزها طب الأسنان، خاصة وإنها حذرة أكثر في استخدامها للأدوات الحادة من زميلها الرجل. وأراها متمكنة جداً في مجالات مثل المحاماة والتدريس وخدمة الزبائن والتسويق وموهوبة في الإعلام والكتابة والتصميم الفني والإبداعي بأنواعه.

في موضوع المرأة تحديداً، لا أغرد خارج السرب، فتجربتي الطويلة معها في الأسرة وفي العمل تجعلاني أؤمن بقدراتها أشد الإيمان. ومع احتفالاتنا بأعيادنا الوطنية أرسل باقة ورد كبيرة لكل نسائنا العزيزات آملاً أن يستمر عطاؤهن ونجاحهن.