بعد أن أمرت المرجعية الشيعية في العراق في أيلول عام 2014 بفتوى "الجهاد الكفائي"، لمحاربة تنظيم داعش، التي أتى على إثرها تأسيس الحشد الشعبي المثير للجدل، أصبح للمرجعية وعلى رأسها آية الله علي السيستاني، دور بارز في محاربة التنظيم الإرهابي، الذي ابتلع ثلث العراق في فترة رئيس وزراء العراق السابق نوري المالكي، حتى ركبت إيران وقياداتها العسكرية الموجة من خلال التحاق ميليشيات تابعة لها مثل "بدر" و"عصائب أهل الحق" إلى الحشد الشعبي، وبذلك أصبح داعش ومن بعده الحشد، مطيتين استغلتهما إيران لبسط نفوذها في العراق ودول عربية أخرى، الأمر الذي جعل قاسم سليماني يتبجح بنشر صور من داخل بلاد الرافدين وحوله عناصر من ميليشياته، جعلت طهران تبني آمالا كبيرة لتشكيل هلالها "الشيعي"، حيث صرحت سلطاتها بأنها استولت على أربع عواصم عربية، وهي: بغداد ودمشق وصنعاء وبيروت.

وجاءت مطالبة آية الله السيستاني الأخيرة مفاجئة لطهران، حسب ما يرى بعض المحللين في الشأن الإيراني، حيث أفتى المرجع الشيعي الأول في العراق بأن يكون سلاح الحشد بيد الحكومة، التي سعت في الآونة الأخيرة إلى إصلاح علاقاتها مع محيطها وحاضنتها العربية، بعد إعلان حيدر العبادي بتحرير كامل الأراضي العراقية وانتهاء الحرب ضد داعش التي طالما تمسكت بها إيران، لإرسال قواتها العسكرية إلى دول الجوار بحجة إعطاء الاستشارات العسكرية.

وكتب المحلل الإيراني منصور أمان حول التأثير المباشر لداعش في نفوذ طهران قائلا: "كما أثر ظهور داعش بتقوية نظام ولاية الفقيه، فإن هزيمته واندثاره سيؤثر في تقويض شعارات الثورة في إيران".

وأضاف أمان: "في نظام ما بعد داعش، ليس هناك مكان للحرب الطائفية، حيث إن العملية التي بدأت في هذا الاتجاه في العراق، لديها الآن محرك قوي وفعال يتمثل بوجود آية الله السيستاني".

وتوقع المحلل الإيراني أن اندثار داعش في العراق وسوريا يعني أن الحجة التي تمسكت بها إيران طيلة الفترة الماضية قد زالت، خصوصا أن السيستاني قد أمر الحشد الشعبي بتسليم السلاح للدولة ومنع عناصره من ممارسة أي دور سياسي تحت هذا الاسم."

كما يرى محللون أن دعوة السيستاني إلى تسليم السلاح سيفصل بين مؤيدي المرجع الشيعي العراقي الأبرز وموالي النظام الإيراني الذين يحاولون التمسك بإمكانيات الحشد الشعبي خدمة لمشروع طائفي لا يخدم سوى الأجندة الإيرانية.

ويضيف المحللون أن قرار السيستاني بحل الحشد الشعبي، سيلغي المشروعية الدينية لهذه الميليشيا ويبدل مكانة المرجع الشيعي العراقي من حليف أو مراقب لإيران إلى عدو حيث منع طهران من مواصلة سياساتها الطائفية".

على إثر ذلك، أعرب مستشار المرشد علي خامنئي في الشؤون العسكرية، رحيم صفوي، عن قلقه الكبير من نتائج انتخابات عام 2018 البرلمانية في العراق، بعد يومين من فتوى السيستاني حول الحشد الشعبي.

وقال صفوي بعبارة صريحة: "يجب أن نكون قلقين على نتائج الانتخابات العراقية المقبلة".

وأضاف مستشار المرشد خامنئي بعبارات مليئة بالطائفية لم يعهدها العراق خلال العقود الماضية إن "انخفاض عدد عناصر الشيعة في تكوينة البرلمان والحكومة العراقية المقبلة، ستخلق مشاكل لنا".