مريم محمد

انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي بعض الصور ومقاطع الفيديو لآثار ضرب على أجساد الطلبة من قبل معلمين ومعلمات، ما أعاد جدلاً قديماً حول مخالفة بعض المعلمين قرارات وزارة التربية بمنع الضرب نهائياً في المدارس.

وقال أستاذ علم النفس في جامعة البحرين سامي المحجوب "على المعلمين فهم أن تأديب الطلبة والتأثير فيهم لا يكون بالتخويف من خلال الضرب فالمعلم ملزم بترك صورة إيجابية في ذهن طلبته".

وأكد أن التأثير السلبي للضرب قد يستمر مع الطالب طويلاً فيبدأ الشعور بالإحباط والنبذ والإهانة أمام الزملاء، ثم يشعر بالسخط تجاه المعلم والمجتمع راغباً بالانتقام منهم. ويتطور هذا الشعور ليجعل منه شخصاً متهوراً وعنيفاً ومتمرداً غير مبالٍ بما حوله لا يعترف بالقوانين أو يشعر بالمسؤولية، وقد يمارس الضرب على الآخرين، موضحاً أن الضرب يمكن أن يجعل شخصية الطالب مهزوزة وضعيفة فينعزل عن المجتمع ولا يمارس أي دور فيه فتدفن طاقاته التي يمكن استثمارها لبناء المجتمع. وفي المستقبل قد يطبق هذا الأسلوب على أبنائه أو مع طلبته إذا صار معلماً ظناً منه أن هذه الأسلوب يهذب السلوك".

وعن مبررات الضرب، قال المحجوب "لا يوجد أي مبرر لاتخاذ الضرب أسلوباً لتأديب الطلبة. والمعلم الذي نشأ في بيئة تستخدم التعنيف والضرب والقسوة للتأديب يتطبع بهذا الاسلوب فيطبقه على الطلبة"، مشيراً إلى أن
العقاب السلبي المتمثل في الحرمان من الأشياء المحببة لدى الطالب أكثر تأثيراً وفاعلية من العقاب الإيجابي الذي يترك الألم في نفس الطالب مثل الضرب أو التوبيخ.

المعلم "الضعيف"


ورفضت الأستاذة صفاء مصطفى ضرب الطلبة مهما كانت الأسباب رفضاً قاطعاً. وقالت إن "الضرب يقتل الإبداع في الطالب ويترك أثراً نفسياً يفوق أثره الجسدي، إذ يتحول الطالب الذي اعتاد الضرب إلى كائن عنيف كاره لكل شيء حوله. فلا يلجأ إلى الضرب إلا المعلم الضعيف".

وأيدت قرار وزارة التربية والتعليم في منع الضرب بالمدارس "لأنه يحمي الطلبة ويخرج جيلاً سوياً مهيئاً من كل الجوانب لبناء البلد ولا يتحقق ذلك إلا بتوفر بيئة تعليمية خالية من التعنيف".

وقال الأستاذ سعيد فهمي إن "الضرب عقوبة غير مجدية لا تناسب الجيل الحالي بسبب اختلاف الفكر بين الأجيال السابقة والجيل الحالي وظهور الحوار وأساليب الإقناع التي تتيح للمعلمين إيصال الملاحظات للطالب وولي الأمر لتوجيههما"، مؤكداً أن "الضرب عقاب غير مباح في أي حالة حتى إذا غضب المدرس، والأفضل إحالة المشكلة إلى المشرف الاجتماعي". لكنه لفت إلى أن "قرار الوزارة الصائب بمنع الضرب قد يسمح للطالب بإهانة معلمه فيعاقب المعلم إذا ضرب الطالب ولا يعاقب الطالب الذي يتطاول على المدرس وبالتالي يستغل بعض الطلبة الوضع ليتمادوا".

ذكريات وعقد


وروت فاطمة البوعركي (17 سنة) تجربتها مع الضرب بالقول "كنت أتعرض للضرب من قبل معلمة نظام الفصل كلما أخطأت. ولا أنسى شعوري بالرعب وكرهي للمدرسة عندما ضربتني بقوة على ظهري، لكن ضرب المعلمة حفزني على الاجتهاد والفهم".

وخالفتها الرأي رابية دشتي (21 سنة) التي تعرضت لنفس الموقف لكنه لم يشجعها على الدراسة أبداً بل استمر مستواها الدراسي ضعيفاً حتى نهاية المرحلة الابتدائية.


وقالت مروة علي "سببت لي معلمة الرياضيات عقدة في الصف الرابع استمرت حتى تخرجي من الجامعة. كانت تتعمد إحراجي أمام زميلاتي وكلما أخطأت الإجابة ضربتني بالمسطرة على كتفي ويدي فكرهت الذهاب إلى المدرسة و كنت أتهرب منها. منذ ذلك الوقت كرهت رؤية الأرقام والمسائل الرياضية. وفي الجامعة أجلت مقرر الإحصاء إلى آخر فصل و كان خوف الرسوب في المقرر يلازمني".