أكثر ما تم خداعنا فيه في عالم السياسة، هو «أن هناك أصدقاء دائمون» وبعد أن آمنَّا بهذه الأكذوبة تبين لنا أن ليس هناك إلا مصالح دائمة. في السياسة نقول «صديق الأمس يمكن أن يكون عدو اليوم، وعدو الأمس يمكن أن يكون صديق اليوم»، أمَّا أن نتحدث عن أصدقاء وجيران و«حبايب» وإخوة ومشتركات وتاريخ بشكل مريب تشوبه شبهة عاطفية وفوق ذلك أن يكون هذا الأمر في علم السياسة فهذه كارثة تعتبر من أكبر السذاجات التي سقطنا فيها كعرب في عصرنا الراهن. لقد عوَّلنا كثيراً على أصدقاء الأمس فرأيناهم بعد أن تغير مسار المصلحة إلى أعداء شرسين، وفي حال التقتْ مصالح عدونا القديم بمصالحنا رأيناه من أشد المقرَّبين والمعجبين بنا. كل ذلك يدلل على ضرورة أن نستفيق من هذا الغباء السياسي وأن نتعامل مع الواقع كما ينبغي بعيداً عن العواطف الساذجة وما يمكن أن يُقال في ديباجات نشرات الأخبار وما يمكن أن نصيغه في خطاباتنا الإنشائية المملة.
إن المجاملات التي بنيناها على أسس الصداقات التاريخية مع أصدقاء الأمس بدأت اليوم تترنح تحت وطأة الواقع والمصلحة، والبعض منَّا بدأ يفتح فمه مصدوماً من الخيانات والغدر كما يحلو لبعضنا أن يطلق عليه بينما ولسبب بسيط هي ليست كذلك، ليس لأن السياسة متلونة وغير ثابتة بل هو عدم استطاعتنا قراءة الواقع السياسي كما ينبغي. السياسي الحقيقي لا يُصْدَم من التغيّرات السياسية لأنه أذكى من أن تنطلي عليه خدعة «الأصدقاء الدائمون»، فهو يعلم أن يدور مع المصلحة السياسية حيثما دارت، ومن لا يجيد هذه اللعبة باقتدار فإنه لن يستطيع مغادرة الماضي الذي أوهمه بالصداقات الدائمة.
يمكن وبكل بساطة أن نقيس هذه الأفكار على التجارب الأخيرة التي واجهها العرب مع الدول الغربية، فحلفاء الأمس لم يصمدوا كثيراً مع تغيرات الخريطة السياسية والأمنية والعسكرية التي طالت كل العالم، فالغرب الذي أسندنا إليه ثقتنا وصداقتنا بدأ يتخلى عنَّا لانحراف جهة مصلحته نحو جهات أخرى مختلفة قد لا نتفق معها بالمطلق في وقتنا الراهن، فالغرب تعامل معنا بواقعية بينما نحن لم نتعامل معه إلا من خلال العاطفة التاريخية والكلام المدرسي المعسول حتى خرجنا من صداقاتنا معه بشكل معيب لأننا لم نتعامل بالشكل الذي نحفظ فيه مصالحنا وقبل كل ذلك كرامتنا وعزتنا.
يجب على الدول العربية عموماً والخليجية خصوصاً أن تعيد النظر في سياساتها وعلاقاتها مع كافة الدول الأجنبية من منطلق المصلحة وليس من منطلق الصداقات، وأن تفرض أجندتها وفق هذه النظرة وليس وفق علاقات تاريخية معتَّقة لم تعد صالحة في وقتنا الراهن، فإذا أردنا أن نظل في عالم السياسة فعلينا أن نكون أكثر واقعية بدل أن نكون دولاً عاطفية يمكن أن تتأذَّى عند كل قطيعة غير متوقعة، بل الأكثر من هذا ولكي نفرض احترامنا على الآخر هو أن نقوم بذات الفعل قبل أن يقوم به غيرنا فيستضفنا ويفرض علينا إرادته في وقت لا نستطيع فيه فعل أي شيء. فالسياسة لا تعترف بالضعفاء، هذا كل ما في الأمر.
إن المجاملات التي بنيناها على أسس الصداقات التاريخية مع أصدقاء الأمس بدأت اليوم تترنح تحت وطأة الواقع والمصلحة، والبعض منَّا بدأ يفتح فمه مصدوماً من الخيانات والغدر كما يحلو لبعضنا أن يطلق عليه بينما ولسبب بسيط هي ليست كذلك، ليس لأن السياسة متلونة وغير ثابتة بل هو عدم استطاعتنا قراءة الواقع السياسي كما ينبغي. السياسي الحقيقي لا يُصْدَم من التغيّرات السياسية لأنه أذكى من أن تنطلي عليه خدعة «الأصدقاء الدائمون»، فهو يعلم أن يدور مع المصلحة السياسية حيثما دارت، ومن لا يجيد هذه اللعبة باقتدار فإنه لن يستطيع مغادرة الماضي الذي أوهمه بالصداقات الدائمة.
يمكن وبكل بساطة أن نقيس هذه الأفكار على التجارب الأخيرة التي واجهها العرب مع الدول الغربية، فحلفاء الأمس لم يصمدوا كثيراً مع تغيرات الخريطة السياسية والأمنية والعسكرية التي طالت كل العالم، فالغرب الذي أسندنا إليه ثقتنا وصداقتنا بدأ يتخلى عنَّا لانحراف جهة مصلحته نحو جهات أخرى مختلفة قد لا نتفق معها بالمطلق في وقتنا الراهن، فالغرب تعامل معنا بواقعية بينما نحن لم نتعامل معه إلا من خلال العاطفة التاريخية والكلام المدرسي المعسول حتى خرجنا من صداقاتنا معه بشكل معيب لأننا لم نتعامل بالشكل الذي نحفظ فيه مصالحنا وقبل كل ذلك كرامتنا وعزتنا.
يجب على الدول العربية عموماً والخليجية خصوصاً أن تعيد النظر في سياساتها وعلاقاتها مع كافة الدول الأجنبية من منطلق المصلحة وليس من منطلق الصداقات، وأن تفرض أجندتها وفق هذه النظرة وليس وفق علاقات تاريخية معتَّقة لم تعد صالحة في وقتنا الراهن، فإذا أردنا أن نظل في عالم السياسة فعلينا أن نكون أكثر واقعية بدل أن نكون دولاً عاطفية يمكن أن تتأذَّى عند كل قطيعة غير متوقعة، بل الأكثر من هذا ولكي نفرض احترامنا على الآخر هو أن نقوم بذات الفعل قبل أن يقوم به غيرنا فيستضفنا ويفرض علينا إرادته في وقت لا نستطيع فيه فعل أي شيء. فالسياسة لا تعترف بالضعفاء، هذا كل ما في الأمر.