لا أحد يعرف مآلات الاحتجاجات الإيرانية التي انطلقت شرارتها من مدينة مشهد قبل نحو 10 أيام حتى الإيرانيون أنفسهم. إنها كرة ثلج تتدحرج، قد تصبح فجأة أكبر من النظام نفسه، وقد تصطدم بجداره فتتفتت.
وفي كل الأحوال فإن الصوت الذي خرج من أفواه الإيرانيين يقول الكثير في منطقة يتغير فيها كل شيء.
مشهد اعتيادي في السويد أن تلتقي بإيرانيين هاربين حديثاً من إيران ليطلبوا اللجوء والحياة. كثيرون منهم هاجروا لأسباب اقتصادية بحثاً عن لقمة عيش عزّت في طهران.
وفيما يقدر عدد الإيرانيين في السويد بـ200 ألف، فإنهم يعكسون غالباً صورة مغايرة تماماً لصورة الإيراني التي تروّجها وسائل إعلام إيران الكثيرة، والناطق بالعربية منها، في ملابسهم، في أفكارهم، وحتى في نظرتهم للحياة.
يمتلئ حوار عابر مع طبيب إيراني قدم إلى السويد مؤخراً بكثير من الشجن، وقليل من الأمل.
تفتخر إيران بأنها تتمدد في العواصم العربية، تدعم هنا، وتموّل هناك، تسلّح هنا، وتقتل هناك، فلماذا تتركون طهران وتركبون البحر كالسوريين وصولاً إلى دول الشمال؟
يجيب الطبيب الخمسيني: حين قامت ثورة الخميني كنت طفلاً، وحين كبرت كنت أحبها وأردد شعاراتها وأقدس رموزها. وكنت أردد بأعلى الصوت «الموت لأمريكا». غير أنه بعد كل هذه السنوات، من مات حقيقة هو الشعب الإيراني الذي يحلم نصفه بالهجرة إلى أمريكا. وبقيت شعارات العدالة ونصرة الضعفاء والمظلومين التي رفعها الخميني معلقة على الجدران يدوسها عنصر صغير في الحرس الثوري أو الباسيج كل يوم ويهتف بها كل يوم.
يا صديقي حين يصبح نصف ثلث سكان إيران تحت خط الفقر، فهل هذا وطن قوي؟ يتذرعون دائماً بالعقوبات الاقتصادية فمن المسؤول عن السياسة التي جعلتنا في مواجهة العالم؟
ذقنا المر سنوات طويلة ودفعنا ثمناً من لقمة عيشنا للحصول على الطاقة النووية، قالوا لنا إنها ستجعلنا في نادي الدول العظمى، وإنه هدف يستحق الموت دونه. لم يسأل أحد يومها لماذا نحتاج الطاقة النووية ونحن على بحر من النفط والغاز؟! لأن ما رسخ في الوجدان الإيراني هو القنبلة النووية التي ستجعل الجميع يخافنا.
وبعد كل هذه السنوات اكتشفوا أنه من الأفضل أن نتخلى عن القنبلة لترفع عنا العقوبات! إذن لماذا دفعنا كل هذا الثمن؟ ومن يتحمل المسؤولية؟!
ألم تشاهد فرحة الإيرانيين بالاتفاق النووي؟ كان كمن يزيح الصخرة عن صدورهم. شعروا أنهم سيعيشون كبقية البشر بعد ذلك. لكن الأمور ازدادت سوءاً، ووصلت نسبة البطالة بين الشباب إلى 30%.
في 2009 غيّروا نتائج الانتخابات في وضح النهار، الشباب لم يتحملّوا، خرجوا في مظاهرات، نزلت القوات التي تستقطع الحصة الأكبر من قوت الشعب لتقتله. القيادات حوصرت وانتهى الأمر لكنه خلّف في الأنفس كثيراً من المرارة وأبقى النار تغلي في الصدور.
وبالمناسبة من أشعل الاحتجاجات الأخيرة في مشهد المحافظون المتشددون لإضعاف روحاني، لكنهم لم يتوقعوا أن الإيراني ينتظر الفرصة لينفجر.
- لكن ليس كل الشعب الإيراني ضد النظام؟
بالتأكيد، بعضهم خائفون من مصير كسوريا أو ليبيا أو العراق خصوصاً مع مشكلات عرقية كثيرة تحت الرماد، وبعضهم مؤدلج بطريقة أغلقت عقولهم، وبعضهم من أصحاب المصالح الكبيرة، لكن المزاج العام مستاء جداً، كثير منهم جائعون.
- إلى أين تتجه الأمور، هل تهدد الاحتجاجات حكام طهران فعلاً؟
يا صديقي أنت لا تعرف القوة القمعية الموجودة، لم يستخدموا إلا جزءاً صغيراً منها بعد، لكن لا أحد يدري إلى أين تتجه الأمور. دخل الإيراني قاعة التدريس في الجامعة ليواصل تعلم اللغة السويدية، وعينه على الموبايل تقلب الأخبار القادمة من إيران، فيما فتحت موبايلي لأجد مقالاً للعربي عبدالباري عطوان يدافع فيه عن الولي الفقيه ويكتب «السلطات الإيرانية لم تطلق النار على المتظاهرين المناوئين لسياستها والذين أحرقوا صور مرشدها الأعلى (..) إن نسبة البطالة في إيران عشرة في المئة أي أقل من نظيرتها في المملكة العربية السعودية أكثر الدول تصديراً للنفط في العالم».
فضحكت وأغلقت الموبايل.
وفي كل الأحوال فإن الصوت الذي خرج من أفواه الإيرانيين يقول الكثير في منطقة يتغير فيها كل شيء.
مشهد اعتيادي في السويد أن تلتقي بإيرانيين هاربين حديثاً من إيران ليطلبوا اللجوء والحياة. كثيرون منهم هاجروا لأسباب اقتصادية بحثاً عن لقمة عيش عزّت في طهران.
وفيما يقدر عدد الإيرانيين في السويد بـ200 ألف، فإنهم يعكسون غالباً صورة مغايرة تماماً لصورة الإيراني التي تروّجها وسائل إعلام إيران الكثيرة، والناطق بالعربية منها، في ملابسهم، في أفكارهم، وحتى في نظرتهم للحياة.
يمتلئ حوار عابر مع طبيب إيراني قدم إلى السويد مؤخراً بكثير من الشجن، وقليل من الأمل.
تفتخر إيران بأنها تتمدد في العواصم العربية، تدعم هنا، وتموّل هناك، تسلّح هنا، وتقتل هناك، فلماذا تتركون طهران وتركبون البحر كالسوريين وصولاً إلى دول الشمال؟
يجيب الطبيب الخمسيني: حين قامت ثورة الخميني كنت طفلاً، وحين كبرت كنت أحبها وأردد شعاراتها وأقدس رموزها. وكنت أردد بأعلى الصوت «الموت لأمريكا». غير أنه بعد كل هذه السنوات، من مات حقيقة هو الشعب الإيراني الذي يحلم نصفه بالهجرة إلى أمريكا. وبقيت شعارات العدالة ونصرة الضعفاء والمظلومين التي رفعها الخميني معلقة على الجدران يدوسها عنصر صغير في الحرس الثوري أو الباسيج كل يوم ويهتف بها كل يوم.
يا صديقي حين يصبح نصف ثلث سكان إيران تحت خط الفقر، فهل هذا وطن قوي؟ يتذرعون دائماً بالعقوبات الاقتصادية فمن المسؤول عن السياسة التي جعلتنا في مواجهة العالم؟
ذقنا المر سنوات طويلة ودفعنا ثمناً من لقمة عيشنا للحصول على الطاقة النووية، قالوا لنا إنها ستجعلنا في نادي الدول العظمى، وإنه هدف يستحق الموت دونه. لم يسأل أحد يومها لماذا نحتاج الطاقة النووية ونحن على بحر من النفط والغاز؟! لأن ما رسخ في الوجدان الإيراني هو القنبلة النووية التي ستجعل الجميع يخافنا.
وبعد كل هذه السنوات اكتشفوا أنه من الأفضل أن نتخلى عن القنبلة لترفع عنا العقوبات! إذن لماذا دفعنا كل هذا الثمن؟ ومن يتحمل المسؤولية؟!
ألم تشاهد فرحة الإيرانيين بالاتفاق النووي؟ كان كمن يزيح الصخرة عن صدورهم. شعروا أنهم سيعيشون كبقية البشر بعد ذلك. لكن الأمور ازدادت سوءاً، ووصلت نسبة البطالة بين الشباب إلى 30%.
في 2009 غيّروا نتائج الانتخابات في وضح النهار، الشباب لم يتحملّوا، خرجوا في مظاهرات، نزلت القوات التي تستقطع الحصة الأكبر من قوت الشعب لتقتله. القيادات حوصرت وانتهى الأمر لكنه خلّف في الأنفس كثيراً من المرارة وأبقى النار تغلي في الصدور.
وبالمناسبة من أشعل الاحتجاجات الأخيرة في مشهد المحافظون المتشددون لإضعاف روحاني، لكنهم لم يتوقعوا أن الإيراني ينتظر الفرصة لينفجر.
- لكن ليس كل الشعب الإيراني ضد النظام؟
بالتأكيد، بعضهم خائفون من مصير كسوريا أو ليبيا أو العراق خصوصاً مع مشكلات عرقية كثيرة تحت الرماد، وبعضهم مؤدلج بطريقة أغلقت عقولهم، وبعضهم من أصحاب المصالح الكبيرة، لكن المزاج العام مستاء جداً، كثير منهم جائعون.
- إلى أين تتجه الأمور، هل تهدد الاحتجاجات حكام طهران فعلاً؟
يا صديقي أنت لا تعرف القوة القمعية الموجودة، لم يستخدموا إلا جزءاً صغيراً منها بعد، لكن لا أحد يدري إلى أين تتجه الأمور. دخل الإيراني قاعة التدريس في الجامعة ليواصل تعلم اللغة السويدية، وعينه على الموبايل تقلب الأخبار القادمة من إيران، فيما فتحت موبايلي لأجد مقالاً للعربي عبدالباري عطوان يدافع فيه عن الولي الفقيه ويكتب «السلطات الإيرانية لم تطلق النار على المتظاهرين المناوئين لسياستها والذين أحرقوا صور مرشدها الأعلى (..) إن نسبة البطالة في إيران عشرة في المئة أي أقل من نظيرتها في المملكة العربية السعودية أكثر الدول تصديراً للنفط في العالم».
فضحكت وأغلقت الموبايل.