أكد رئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة "دراسات" د.الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة، أن منتدى "دراسات" الذي ينطلق الاثنين بعنوان "قطر عراب الفوضى والأزمات في الشرق الأوسط"، سيطرح الخيارات البديلة للتعامل مع قطر خصوصاً مع استمرارها في انتهاج المناورة والاستقواء بأطراف إقليمية، وتوظيف منابرها الإعلامية للإساءة إلى دول الاعتدال.
وأضاف في لقاء مع "بنا"، أن المنتدى الذي يشارك فيه أكثر من 240 مشارك من مختلف المجالات والقطاعات المعنية ومختلف الدول، يأتي في وقت بالغ الأهمية، من حيث التطورات الراهنة على الساحة الإقليمية وتأثيراتها على المنطقة.
وقال د.الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة: "نحن بالتأكيد أمام حالة فرز حقيقية لحماية الأمن القومي العربي ومكافحة الإرهاب..رسالتنا في هذا الشأن واضحة بأن أمن المنطقة خط أحمر ولا يمكن السماح لأي جهة العبث به".
وأشار إلى أن المنتدى الذي ينطلق في نسخته الأولى يتميز بكونه "ذو طابع متفرد ومتميز، فهو يعبر أساساً عن هوية وعراقة البحرين، وقيمها الإنسانية الراقية، التي تحصلت من خلال سمعة ومكانة البحرين كدولة محبة وداعية للسلام تتبنى سياسة ثابتة ومتوازنة.
ولفت إلى أن البحرين تقدم نموذجاً للإصلاح والحريات العامة، وتنعم بدولة القانون والمؤسسات، حيث إن المملكة هي ملتقى الحوار والثقافات المتنوعة، ولديها مقومات كثيرة إنسانياً وثقافياً وتنموياً تؤهلها كمركز تفاهم وريادة إقليمي، ويتم على استثمار مزايا البحرين ومقوماتها التنافسية، كي تكون وجهة للاستثمار في المعرفة..وفيما يلي نص اللقاء:
كيف نشأت فكرة إقامة منتدى "دراسات" السنوي؟... وما هي الغاية من اطلاقه في هذا التوقيت؟
كان الأمر الملكي السامي رقم (5) لسنة 2017 بإنشاء مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة "دراسات" كمركز متخصص مستقل، نقلة نوعية وحقيقية في مسيرة المركز، وتحديد رسالته ودوره المقبل، وكذلك مستوى وآفاق تطلعاته وأهدافه.
وتبلورت رؤيتنا في أن نكون مؤسسة فكرية وبحثية رائدة ومتطورة وفق أعلى المعايير العالمية، تسعى إلى تقديم رؤي استراتيجية شاملة ومتكاملة وآليات جديدة في إطار بيئة عمل خلاقة، من أجل تحقيق المصالح الحيوية لمملكة البحرين، والمساهمة في رسم مستقبل أفضل للمنطقة، وتحقيق شراكة منتجة مع المجتمع، لخدمة جهود التنمية المستدامة، والاستثمار في الموارد البشرية الوطنية.
ويعتبر منتدى "دراسات" إحدى أدوات المركز في تحركاته ومجالات نشاطه المتنوعة. وفكرته تنبع من الرغبة في إيجاد ملتقى سنوي مرموق يركز على تحليل السياسات وتقييم القضايا والمستجدات التي لها انعكاسات على مملكة البحرين ومنطقة الخليج، واطلاق المبادرات الرامية لتحقيق المصالح العليا في ضوء رؤية مستقبلية أكثر وضوحًا وشمولا.
وأن يكون أيضاً المنتدى، منصة متقدمة للحوار المفتوح المسؤول بفضل ما تنعم به مملكة البحرين من حريات وانفتاح أتاحها التطور الديمقراطي الشامل والمستمر الذي تشهده المملكة في ظل العهد الزاهر لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى والذي تواكبه إنجازات كبرى ومكتسبات هائلة على مختلف الأصعدة تجد الدعم والمساندة من صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس مجلس الوزراء، وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء.
ونطمح من خلال المنتدى إلى تعزيز الشراكة بين الفكر الاستراتيجي ودوائر صنع القرار، لمواجهة التحديات القائمة التي يشهدها الأمن الخليجي والعربي في الوقت الراهن عبر مقاربات واقعية وإسهامات جديدة، تفرزها الآراء المختلفة والتوصيات الختامية.
حدثونا عن المزايا والإضافات الجديدة التي سيقدمها المنتدى مقارنة بالمنتديات الدولية الأخرى؟
منتدى "دراسات" له طابع متفرد ومتميز، فهو يعبر أساساً عن هوية وعراقة البحرين، وقيمها الإنسانية الراقية. وهذا الطابع الخاص يستمده من عوامل عدة يأتي في مقدمتها: سمعة ومكانة مملكة البحرين كدولة محبة وداعية للسلام تتبنى سياسة ثابتة ومتوازنة كفلت لها علاقات واسعة ووطيدة مع مختلف دول العالم.
كما إن البحرين تقدم نموذجا للإصلاح والحريات العامة، وتنعم بدولة القانون والمؤسسات. والمملكة هي ملتقى الحوار والثقافات المتنوعة، ولديها مقومات كثيرة إنسانيا وثقافيا وتنمويا تؤهلها كمركز تفاهم وريادة إقليمي، ونعول على استثمار مزايا البحرين ومقوماتها التنافسية، كي تكون وجهة للاستثمار في المعرفة.
وفي الوقت ذاته، حرصنا على أن يكون المنتدى كثيفا في جلساته، ومميزا في حضوره، ومتفردا في طرحه، وواقعيا في توصياته، بالإضافة إلى التركيز على استشراف سيناريوهات المستقبل، اعتمادا على قراءة شاملة لخارطة ومجريات الأحداث. وبالتالي لا نتحدث عن فروق مع تجمعات إقليمية ودولية على مستوى الشكل فقط وإنما في جوهر المضمون، ومغزى الرسائل التي ستخرج عن المنتدى.
ويسعدني شخصيا أن منتدى "دراسات" أثبت وقبل انطلاق نسخته الأولى قدرته على أن يفرض موقعه كملتقى جامع لتبادل الأفكار والآراء والتشاور حول المستجدات على الصعيدين الداخلي والخارجي، إذ نجح في استقطاب نخبة مميزة من المسؤولين والخبراء وأصحاب الفكر والإعلام والأكاديميين.
ويقدم المنتدى خدمة جديدة بإصدار "ملحق خاص" عن فعالياته سيكون متاحا للجمهور، فالتوجه لدينا إيجاد التواصل والتفاعل المنشود بين النخب الفكرية وشعوب دول المنطقة.
لماذا اخترتم أن تكون أزمة قطر مع محيطها الخليجي والعربي موضوع المنتدى في نسخته الأولى؟
أزمة قطر مع العديد من دول مجلس التعاون والدول العربية، هي تعبير عن تراكمات لممارسات نظام الدوحة العدائية والتخريبية ضد منطقتنا وعالمنا العربي لصالح مشاريع إقليمية توسعية، وأغراض تصب في اختراق الأمن القومي العربي، ونشر الفوضى عبر دعم ورعاية الإرهاب والإعلام الموجه والمال السياسي وغيرها. ومع ذلك فإن قطر في حد ذاتها لا تمثل قضية ذات شأن كبير للدول الداعية لمكافحة الإرهاب وإنما تكمن المشكلة في السلوك غير المسؤول الذي يسعى إلى زعزعة استقرار دول المنطقة، واستنزاف ثرواتها، وقبل ذلك الضحايا الأبرياء وأولئك الذين يعانون حتى هذه اللحظة جراء تلك الممارسات.
ويناقش المنتدى هذا السلوك ومآلاته بالنسبة لمملكة البحرين وأمن الخليج والدول العربية والعالم، فالبحرين صبرت كثيرا على التدخلات القطرية المتعمدة والتي لم تراع مبادئ وأخلاقيات الدين الحنيف وعلاقات الجوار والقربى، وقامت بالاعتداء على أراضي المملكة، وسعت إلى تخريب أمنها الوطني ونسيجها الاجتماعي، ومحاولة تشويه سمعة المملكة الدولية.
وبالانتقال إلى الجوار الإقليمي نجد أن منظومة مجلس التعاون لازالت تعانى من سياسات قطر والمزاعم والمغالطات التي يتم الترويج لها، والإصرار على أن تدور في فلك الشر والضرر. أما التورط القطري في شؤون الدول العربية فهو أمر ماثل للعيان تعكسه الوقائع والمآسي الإنسانية اليومية.
ونحن بالتأكيد أمام حالة "فرز" حقيقية لحماية الأمن القومي العربي ومكافحة الإرهاب. ورسالتنا واضحة بأن أمن المنطقة خط أحمر ولا يمكن السماح لقطر أو أي جهة أخرى العبث به. ومملكة البحرين دولة مؤسسات ولا تتنازل عن حقوقها السيادية، ولا يمكن النيل من قدراتنا وإرادتنا، كما أن عزيمتنا ليست موضع اختبار، ولا سبيل أمام الدوحة إلا تنفيذ التعهدات والالتزام بالبنود الثلاثة عشر بشكل فعلي وكامل.
ومن هنا كان من المنطقي أن يسعى منتدى "دراسات" إلى طرح الخيارات البديلة للتعامل مع تلك الأزمة خصوصا مع استمرار قطر في انتهاج المناورة والاستقواء بأطراف إقليمية، وتوظيف منابرها الإعلامية للإساءة إلى دول الاعتدال.
هل يمكنكم تقديم نبذة موجزة عن أبرز جلسات ومحاور منتدى "دراسات"؟
- يأتي اختيار عنوان المنتدى "قطر عراب الفوضى والأزمات في الشرق الأوسط" كدلالة على استمرار النظام القطري في صناعة الأزمات في المنطقة، ورعاية الإرهاب. ويتضمن المنتدى ثلاث جلسات تعقد على مدار يوم واحد، إلى جانب جلسة ختامية كالتالي:
الجلسة الأولى: التهديدات القطرية لمملكة البحرين: شواهد الماضي وممارسات الحاضر. وتستهدف إلقاء الضوء على تاريخ الممارسات القطرية ضد مملكة البحرين من خلال الاستيلاء على أراض بحرينية، ودعم قطر للإرهاب في البحرين والذي أثبتته التسجيلات الصوتية الموثقة بين مسؤولين قطريين وجماعات الإرهاب، وكذلك تتناول ملف تجنيس مواطنين بحرينيين من مكون واحد، وأخيرًا تناقش الجلسة الإعلام القطري الموجه الذي يستهدف التحريض وإحداث الفتن. ويتحدث فيها ويديرها كوكبة من رواد الإعلام والتاريخ في مملكة البحرين.
وتستعرض الجلسة الثانية، نماذج وتجارب عربية للتورط القطري في زعزعة الاستقرار بهدف إسقاط النظم السياسية الشرعية والمؤسسات الوطنية بما يؤكد أن قطر تتبنى مشروعا تخريبيا ضد الأمة ككل له هدف وتمويل وآليات غير مشروعة. ويتحدث في الجلسة ويديرها مسؤولون ونواب برلمانات ومفكرون ومحللون من دول عربية، ليقدموا شهادات حية على هذا التورط.
أما الجلسة الثالثة، فتخصص للحديث عن أمن الخليج والسيناريوهات المستقبلية للسياسة القطرية العدائية، وتجيب عن المسارات التي يتوقع أن تؤول إليها السياسة القطرية خلال الفترة المقبلة، وكذلك خيارات الدول الداعية لمكافحة الإرهاب تجاه تلك السياسة وأساليب مواجهتها. وسوف يصدر المنتدى بيانا ختاميا يتضمن التوصيات التي خلص إليها.
وأرحب في هذا الصدد، بضيوفنا الكرام في بلد الضيافة الأصيل، كما نقدر عاليا الحضور رفيع المستوى في جلسات المنتدى من داخل وخارج المملكة.
باعتباركم رئيسا لمجلس أمناء "دراسات"، كيف ترون الدور المنتظر من المركز خلال الفترة القادمة؟
الأهداف كثيرة وكبيرة طالما كان مستوى الطموح عاليا ولا حدود له. وخلال فترة وجيزة استطاع المركز أن يعيد ترتيب البيت من الداخل، إداريًا وتنظيميًا ومنظومته البحثية، وأرسى هيكلاً فاعلاً، وبناءً تراكميًا، وقواعد ضامنة لمستوى متقدم من الجاهزية والكفاءة كي يتمكن من تحقيق انطلاقة قوية ومؤثرة تواكب أهدافه ورؤيته، إلى جانب تطوير الأداء ومخرجاته وفقا للمعايير العالمية من خلال إيلاء أولوية لبرامج التدريب، وتعزيز التعاون مع العديد من مراكز الدراسات وبيوت الخبرة الدولية، وهناك فعاليات وورش عمل متميزة من تنظيم المركز، وكذلك مشاركات مهمة في محافل دولية.
وكان تنظيم مركز "دراسات" لمؤتمر "التحالفات العسكرية في الشرق الأوسط" بمعرض ومؤتمر البحرين الدولي للدفاع "بايدك" وما تحقق من نجاح باهر بفضل القيادة الملهمة والرائعة لسمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة خطوة مهمة وموفقة في سجل أداء "دراسات"، وارتفاع أسهمه كمركز بحثي يناهز مراكز الدراسات العالمية المرموقة.
وهناك مشاريع متنوعة في مجالات مختلفة تم الانتهاء من دراسة جدواها، وجاري الإعداد والترتيب لها خلال الفترة القادمة مع التركيز على مبدأ الكيف والجودة، ومدى استفادة المملكة من أي حدث أو فعالية يتم تنظيمها أو المشاركة بها.
وفي الوقت نفسه يقدم المركز نفسه كشريك وحليف استراتيجي للمؤسسات والهيئات بما يخدم رؤية البحرين الاقتصادية 2030، وتوصيات الملتقى الحكومي الثاني، وتوجت هذه الشراكة بتمثيل المركز في عضوية لجنة تقييم مراكز الخدمة الحكومية.
وأود أن أثمن التعاون القائم والمثمر بين مركز "دراسات" مع وسائل الإعلام المختلفة لاسيما صحافتنا المحلية التي نكن لها كامل التقدير والاعتزاز، وهو الأمر الذي انعكس بوضوح في حجم المشاركة الصحافية والإعلامية في جلسات المنتدى.
أنتهز هذه المناسبة، لأتقدم بالشكر للأخوة الأفاضل أعضاء مجلس أمناء مركز "دراسات" والزملاء من الباحثين والإدارة، وجميع منتسبي المركز على التعاون الصادق والجهد المبذول، حيث تم ترسيخ مبدأ الفريق الواحد، وإتاحة المجال أمام الأفكار المتنوعة وغير التقليدية في شتى المجالات، بما يتماشى مع مرحلة تجاوز مملكة البحرين مرحلة الإصلاح إلى توطيد أطر الحكم الرشيد، القائم على بناء دستوري ومؤسسي سليم، وتوافق مجتمعي عام، وثوابت وطنية جامعة، داعين الله العلي القدير أن يوفقنا لخدمة مملكة البحرين في ظل قيادتها الحكيمة.