اتخذت الدول المنتجة للنفط العديد من التدابير لتعظيم نسب الإنتاج واكتساح الأسواق بصورة غير عادية، حيث عملت الولايات المتحدة سابقاً على إلغاء القيود المفروضة لاستغلال موارد الطاقة، الأمر الذي ساعد في تأمين جزء كبير من الاحتياجات اليومية من النفط للكثير من بلدان العالم، إضافة إلى أن ذلك شكل رادعاً قوياً لنمو أسعار النفط والدخول في المزيد من التقلبات والمخاطر في ظل ما تشهده الأسعار من تذبذب غير محدود.
وأوضحت شركة نفط "الهلال" في تقريرها الأسبوعي، أن تطوير القدرات الإنتاجية من النفط والغاز يعتمد بشكل كبير على مدى التطورات المسجلة على مسارات الإنتاج لدى الولايات المتحدة الأميركية، حيث إنه لا يمكن وضع تصور محدد لمسارات أسواق النفط العالمية دون الأخذ بالحسبان مستويات المخزونات الأميركية والتي تفاجئ الأسواق مع كل ارتفاع أو هبوط متوقع وغير متوقع منذ فترة طويلة.
وأضافت أن تزايد مستويات الإنتاج ودعم الأسعار المتداولة لدى أسواق النفط العالمية يوضح إمكانيات ارتفاع الإنتاج الأميركي إلى مستويات قياسية قد تتجاوز حاجز الـ 10 ملايين برميل يومياً، ليتجاوز بذلك إنتاج السعودية، ويقترب من مستويات الإنتاج الروسي، الأمر الذي من شأنه اشتداد حدة المنافسة بين كبار المنتجين مستقبلاً.
وذكر التقرير أن الولايات المتحدة الأميركية سجلت مستويات إنتاج قياسية خلال الربع الرابع من العام الماضي، ووصلت إلى مستوى جديد عند 9.64 مليون برميل يومياً، وهو المستوى الأعلى منذ فترة طويلة، كما أن القدرة التصديرية لدى الولايات المتحدة أخذت بالتحسن ليرتفع إجمالي صادرات المنتجات النفطية المكررة إلى 3.6 مليون برميل يومياً في أكتوبر، فيما وصل الطلب المحلي إلى 19.8 مليون برميل يومياً.
ووفقا لهذه المعطيات، فإن زيادة الإنتاج ستؤهل السوق الأميركي نحو زيادة التصدير والاعتماد على الإنتاج المحلي دون التخلي تماماً عن الاستيراد عند حدود تصل إلى 7 ملايين برميل يومياً في المتوسط، ما سيعمل على الضغط على الأسعار وعلى كبار المنتجين والأسواق.
وأشار التقرير إلى أن المخاوف تتزايد في الوقت الحالي لدى أسواق المنتجين كلما اقتربت تكاليف إنتاج النفط الصخري من تكاليف إنتاج النفط التقليدي، إضافة إلى أن التقديرات المتوفرة تُظهر وجود ما يزيد عن 345 مليار برميل نفط صخري حول العالم، فيما يتوقع أيضاً أن تستمر ثورة النفط الصخري نتيجة التطورات التقنية والتي تعمل على إحراز قفزات كبيرة في الإنتاج حول العالم، يأتي ذلك في الوقت الذي تسجل فيه تكاليف إنتاج النفط الصخري أقل من 50 دولارا للبرميل الواحد.
وتوقع التقرير استمرار انخفاض مؤشرات التكاليف مقتربة من تكاليف استخراج النفط التقليدي، حيث من المتوقع ازدياد مخاطر توسيع إنتاج النفط الصخري لدى الولايات المتحدة وغيرها من الدول، ما سيؤدي إلى الاستثمار في التقنيات الحديثة، الأمر الذي بدوره سيعمل على توسيع الإنتاج خلال الفترة القادمة.
وأوضح أن الثابت الوحيد ضمن المعادلات المتغيرة لدى أسواق النفط والمنتجين والمستهلكين، بأن السوق الأميركي سيبقى مستوردا للنفط من الخارج خلال السنوات القادمة، بما لا يقل عن 40% من الطلب المحلي، حيث بات على المنتجين التقليديين العمل على مراقبة ومتابعة ما يجري في أسواق الطاقة الأميركية عند القيام بإعداد الخطط والاستراتيجيات ذات العلاقة بالاستثمار وتعزيز القدرات الإنتاجية وضبط وإدارة المعروض من النفط، وذلك لأن التطورات التي يحملها سوق الطاقة الأميركي سيفرض الكثير من التغيرات لدى أسواق النفط العالمية.