أولت قوة دفاع البحرين اهتماماً خاصاً بالعنصر النسائي، وذلك لسببين رئيسيين، أحدهما، هذه الهمة التي تحلت بها المرأة البحرينية منذ فجر تاريخ هذه البلدة الطيبة، وعزمها ومثابرتها كي تتصدر أوائل حاملي راية العلم والعمل في البلاد، أما الآخر، تلك العناية الخاصة التي أولتها القيادة الرشيدة لتنمية وتطوير ملكات المرأة البحرينية ورعاية طموحها ودعم اجتهادها وسعيها لاقتحام ميادين العمل المختلفة، سيما المجال العسكري الذي كان ومازال في العديد من الدول شبه محتكر على الرجال، حتى تُضاف إسهاماتها لسجلها الحافل بالعطاء في كل القطاعات والمجالات.

لذلك، لم يكن غريباً أن تسند قوة دفاع البحرين للمرأة العديد من المهام التي كانت لها قيمتها المضافة لمؤسسة القوة ذاتها، وللمجتمع البحريني بأسره، وتجلى ذلك ليس فقط في مشاركة المرأة أخيها الرجل في حمل السلاح وخوض المعارك لدعم المملكة في الجبهات كافة، وإنما أيضا في المساعدة التي قدمتها المرأة لدعم منظومة العمل الإداري واللوجيستي بمختلف أسلحة وأفرع ووحدات قوة دفاع البحرين.

بدا ذلك واضحاً عند النظر لدور المرأة البحرينية منذ بداية تأسيس قوة الدفاع، حيث فُتح لها باب المشاركة والعمل داخلها في العديد من المواقع والمهن، الإدارية والطبية، منذ أكثر من ثلاثة عقود على الأقل، وهو تاريخ قديم يجسد حقيقة وأهمية الدور الذي قامت به المرأة لدعم مسيرة تطور المؤسسة العسكرية الوطنية.

ومع نجاحها في أداء المهام الموكلة إليها، تدرجت المرأة البحرينية في مسيرة تطورها المزدهرة بمختلف قطاعات السلك العسكري الوطني، الفنية والخدمية سواء بسواء، حيث تم تخريج العديد من الضابطات وضابطات الصف والجنود، ويحمل بعضهن الشهادات الدراسية العليا.

كما تولت المرأة العسكرية أداء العديد من الوظائف، ونجحت في القيام بواجباتها كاملة غير منقوصة، ما مكنها من اعتلاء العديد من المناصب القيادية داخل أبنية القوة ومرافقها، ونيل الرتب العسكرية العليا، والمشاركة في برامج تدريبية متنوعة، والابتعاث داخل وخارج المملكة أيضاً.

ويرجع النجاح الذي حققته المرأة البحرينية في دعم مسيرة تطور وازدهار قوة دفاع البحرين إلى العديد من الأسباب، أهمها، دعم القيادة الرشيدة لها لخوض معارك النهضة الحضارية الشاملة التي شهدتها المملكة منذ انطلاق المشروع الإصلاحي لجلالة عاهل البلاد المفدى، وهو ما تُوج بإنشاء المجلس الأعلى للمرأة عام 2001.

واعتبر إنشاء المجلس الأعلى للمرأة بمثابة نقلة نوعية في تاريخ العمل النسائي بالمملكة ككل، وليس للقطاع العسكري فحسب، خاصة أن المجلس أولى عناية خاصة لهذا القطاع باعتباره من ميادين العمل الأولى والكبيرة التي استوعبت نجاحات المرأة البحرينية ولبت طموحاتها.

ويبرز هنا دور المجلس في تنظيم المؤتمر الأول للمرأة العسكرية الذي أقيم بدعم كريم من قبل العاهل المفدى عام 2010، وكذلك تخريج الدورة الأولى للمستجدات الإناث بالخدمات الطبية الملكية في سبتمبر من نفس العام.

وساهم هذا التطور في تأكيد أن العهد الملكي الزاهر كان سبباً رئيساً فيما حظيت به مسيرة المرأة البحرينية من تطور ونماء عاد بالخير على كل جنبات المجتمع بأفراده ومؤسساته ومكوناته، وأن تاريخ العمل النسائي بالقطاع العسكري سيواصل تقدمه مادامت المرأة تواصل اكتشاف قدراتها وتصقل خبراتها ومهاراتها.

ولا شك أن لقوة دفاع البحرين كمؤسسة وطنية وكقيادة واعية دورها الذي لا يمكن إنكاره في توفير البيئة الملائمة لتقلد المرأة العديد من المناصب القيادية ونيل الرتب العسكرية بداخلها، حيث استطاعت القوة وضع العديد من الاستراتيجيات والخطط التي ساهمت في تشجيع المرأة على المشاركة الفعالة يدا بيد مع أخيها الرجل، وإعطائها الفرصة الكافية والمتكافئة لنيل حقوقها كاملة، ولإثبات وجودها وتطوير مهاراتها وخبراتها، فضلا عن تعزيز مسيرة نجاحها داخل أبنية ومرافق ووحدات المؤسسة العسكرية الوطنية برمتها.

ولعل من بين أهم الفرص التي وفرتها قيادة قوة الدفاع للمرأة العسكرية، تخصيص دورتين سنوياً للعنصر النسائي في جميع التخصصات، ما وصف باعتباره نقلة نوعية في مسيرة المرأة البحرينية في هذا القطاع.

وكذلك إنشاء فرع متخصص للشؤون النسائية بمديرية شؤون الضباط والأفراد بحيث تتولى وبشكل متخصص شؤون المرأة، والعمل على توفير وضبط حقوقها وواجباتها كافة داخل مؤسسة الدفاع الوطنية.

فضلاً عن دور المرأة العسكرية ضمن مديرية الإعلام والتوجيه المعنوي، حيث تتولى مجموعة من الموظفات المتخصصات إدارة حسابات القوة على مواقع التواصل الاجتماعي بهدف المشاركة في صناعة الرسالة الإعلامية لمؤسسة القوة.

يضاف إلى ذلك، الاعتماد شبه الكلي على المرأة العسكرية في الخدمات الطبية الملكية، حيث تعمل المرأة البحرينية في العديد من المجالات بهذا القطاع الحيوي، وكذلك في كتيبة الميدان الطبية.

كما أتيح للمرأة البحرينية فرصة الالتحاق في سبتمبر 2013 بالدورة الخاصة بالفرقة الموسيقية العسكرية النسائية، وتم إلحاق المتخرجات من الدورة في أبريل 2014 بالدورة التأسيسية الموسيقية رقم واحد، والتي شكلت أول نواة للفرقة العسكرية النسائية بالمملكة، حيث تعتبر البحرين حاليا الدولة الثانية بعد سلطنة عمان التي تؤسس فرقة موسيقية عسكرية بين دول الخليج العربي.

ومن بين أهم الفرص التي وفرتها قوة دفاع البحرين للمرأة البحرينية تلك المشاركة الواسعة التي أتيحت لها في الاتحاد الرياضي العسكري، حيث كان لها دورها البارز في العديد من البطولات الإقليمية والدولية، فضلا عن الأنشطة والفرق الرياضية المحلية سواء كلاعبة أو إدارية، كالفريق العسكري للرماية، والمبارزة، واليخوت الشراعية، والتايكوندو، وكرة القدم وغيرها، بل وحصدت العديد من الميداليات وشهادات التقدير والتكريم.

غير أن عناية القيادة الرشيدة واهتمام مؤسسة القوة بالمرأة البحرينية لا ينفي مساعي هذه الأخيرة الدؤوبة وطموحها المتوثب للمشاركة في بناء الوطن ودعم درعه الحامي، حيث أثبتت المرأة البحرينية جدارة واستحقاق لخوض غمار هذا القطاع المهم الذي كان لفترة ما، وفي عدد من الدول الأخرى حصرا على الرجال وحدهم.

وتمكنت المرأة البحرينية من إظهار نبوغها وقدراتها وإثبات كفاءتها وتنفيذ المهام المنوطة بها باقتدار في المواقع التي شغلتها سواء كطبيبة أو كممرضة أو في المهن الطبية المساندة أو كباحثة اجتماعية وقانونية ورياضية وإدارية وغير ذلك الكثير.

يشار هنا إلى أن المرأة العسكرية البحرينية حصلت لأول مرة على لقب الركن، بعد تخرج ضابطتين من الكلية الملكية للقيادة والأركان عام 2009، ما كان سبباً في تكليفها في مهام إضافية أخرى، أكبر حجماً وأكثر عدداً.

وكذلك يبرز تخصيص يوم المرأة البحرينية عام 2014 للاحتفاء بإنجازاتها في المجال العسكري، وهو اليوم الذي أسهم في رفح الروح المعنوية للمرأة العسكرية في المملكة، وجسد مدى التقدير الذي توليه قيادة الدولة ومؤسساتها للأدوار التي تقوم بها.

علاوة على نجاحات المرأة في القضاء العسكري، الذي عُد من أولى وأهم القطاعات داخل قوة الدفاع التي أولت للمرأة اهتماماً خاصاً، حيث استعانت بها مديرية القضاء في أداء بعض أعمالها، سيما في أقسام الشؤون القانونية ومكتب البحث الاجتماعي وقسم التحقيق النسائي بالنيابة العسكرية الذي يتولى عملية التحقيق الاستدلالي مع العناصر النسائية والأطفال دون سن الـ15.

وتطورت هذه النجاحات النسوية العسكرية مع اجتياز باحثتين قانونيتين لإحدى الدورات العسكرية الخاصة بالإناث وبتفوق، وتزامن ذلك مع صدور الأمر الملكي السامي بتعيينهما وكيلتين للنيابة العسكرية ليؤكد أن تقدير منجزات المرأة لا يمكن أبداً أن يغيب عن القيادة الرشيدة.

الأمر ذاته بالنسبة للمساهمة الكبيرة التي قدمتها وتقدمها المرأة البحرينية لوحدة الشرطة العسكرية منذ استقبال العناصر النسائية الأولى في دورة الشرطة العسكرية التأسيسية للإناث رقم 1 التي انتظمت في عام 2008، وكانت بمثابة النواة الأولى لقسم الشرطة النسائية بوحدة الشرطة العسكرية الملكية.

إن هذه الروح المتوثبة التي امتلكتها المرأة البحرينية لخوض غمار قطاع صعب كالقطاع العسكري كانت بمثابة تجسيد حقيقي على ما يمكن أن تقدمه المرأة لوطنها ومجتمعها إذا ما توفرت لها البيئة المناسبة للانطلاق والإبداع، وهو ما وعته القيادة الرشيدة ومؤسسات الدولة كافة، ومنها قوة دفاع البحرين، التي عملت ومازالت تعمل من أجل رفعة المملكة ونهضتها.