الرأي

قيمة المعلومات

صار تدفق المعلومات على الإنترنت يشبه تدفق الأنهار أو تولد الطاقة الشمسية اللامحدود، بالطبع في هذا العالم التقني الشديد التشابك، تتعدد فيه ينابيع المعلومات ومصادرها ولم يعد الإنسان وحده المصدر الرئيس للمعلومات المنشورة على صفحات الإنترنت. ففي خلال بضع سنين فائتة اختلطت وامتزجت المعلومات التي يوفرها ما يزيد عن 30 مليون آلة وجهاز مع المعلومات التي نوفرها أو نكتبها على صفحات الإنترنت، كما يسر الإنترنت الوصول إلى هذه المعلومات لكل المستخدمين. شركة «IBM» تقدر كمية المعلومات التي تُنتج في اليوم الواحد بمليار جيجا «1018» بايت في اليوم، وأنه قد تم إنتاج 90% من المعلومات الموجودة اليوم خلال العامين السابقين فقط.

أمام بحر المعلومات هذا، يأتي السؤال عن قيمة هذه المعلومات؟ الجواب لهذا السؤال ليس بالبسيط، فبالطبع فإن قيمة هذه المعلومات تعتمد على نوع المعلومة نفسها وكيفية الاستفادة من هذه المعلومات، وتخضع قيمة المعلومات السوقية لنظريات العرض والطلب كأي سلعة أخرى. عندما تدفع شركة مايكروسوفت 26.2 مليار دولار لشراء شركة «LinkedIn»، لتحصل شركة مايكروسوفت بالتالي على مجمل خدمات شركة «LinkedIn»، وعلى 433 مليون مستخدم مقيد على سجلاتها منهم 100 مليون مستخدم نشط فقط، فذلك يجعل من قيمة كل مستخدم في حدود 260 دولاراً أمريكياً لكل مستخدم نشط. وبالمثل دفعت شركة فيسبوك 19 مليار دولار لتستحوذ على شركة «WhatsApp»، التي يستخدم تطبيقها ما يزيد عن 600 مليون مستخدم أي بحدود 30$ لكل مستخدم. بالرغم من هذه الأمثلة المشهورة، إلا أنه في الكثير من الأحيان تباع مثل هذه المعلومات بمبالغ زهيدة جداً عبر وسطاء بيع المعلومات بسعر يقدر بأقل من 1$ لكل مستخدم. وتستخدم هذه المعلومات لفهم احتياجات الزبائن وتصميم البضائع وتطوير السلع وتخفيض الكلفة ولأغراض التسويق واتخاذ القرارات وتحقيق الأرباح. كما تباع وتشترى المعلومات الشخصية في السوق السوداء على الإنترنت بما يعرف بـ«dark web»، فهناك تباع المعلومات الشخصية المسروقة والتي تم جمعها بطرق القرصنة والاحتيال وغيرها من الطرق غير القانونية بصورة خفية لتستخدم في نطاق واسع في الجرائم الإلكترونية والإرهاب. وعندما تكون المعلومات مرتبطة بصورة شخصية بأحد الأشخاص كالصور العائلية والمناسبات، فقد تكون هذه المعلومات بالنسبة لهم لا تقدر بثمن ولذلك لا يمكن إغفال القيمة الإنسانية والاجتماعية للمعلومات.

معلوماتنا الشخصية صارت تستل بصورة لا شعورية عبر تطبيقات الهواتف الذكية وتتدفق لمختلف المنصات على الإنترنت، إلا أنه علينا كمستخدمين أن نتوخى الحذر كل الحذر عند استخدامنا لهذه التطبيقات أو عند تخزيننا لأي معلومة وعدم إرسال أي معلومات شخصية لأي جهة أو الرد على أي بريد إلكتروني مشبوه. استخدام أحدث برمجيات مكافحة الفيروسات الإلكترونية قد يقي في الكثير من الأحيان من القرصنة وفيروسات الفدية من أمثال «Wannacry»، التي صارت لا تستهدف الشركات الكبرى والبنوك فقط بل حتى أجهزة الحاسب الآلي الشخصية. الأولى هو إعادة النظر في سلوكنا كمستخدمين لهذه التقنيات ومراجعة ما ننشره من معلومات وصور على صفحات الإنترنت والتواصل الاجتماعية واتباع آليات فعالة لاسترجاع المعلومات وكيف نستخدم التطبيقات الذكية والاجتماعية المختلفة، فدرهم وقاية خير من قنطار علاج.

* جامعة البحرين