تكاد تكون الظروف التي تأسس فيها أول برلمان عراقي مشابهة للظروف التي تأسس فيها البرلمان الحالي، فأول برلمان تأسس في العراق كان في سنة 1924 وافتتحت أولى جلساته في يوم 27 مارس، تأسس والعراق يرزح تحت الاحتلال البريطاني كما تأسس البرلمان الحالي والعراق تحت الاحتلال الأمريكي، ومثلما قوبل البرلمان الحالي بفتاوى تحرم الترشح والاقتراع، رافق عملية تأسيس البرلمان الأول سيل من الفتاوى التي تحرم المشاركة والاقتراع، وكما أصرت أمريكا وتصر دوماً على المضي في عمليتها السياسية وإجراء الانتخابات في موعدها بالرغم من فشل هذه العملية وجرها الويلات على العراق، أصرت بريطانيا على تشكيل أول برلمان لأنها كانت تنتظر منه المصادقة على معاهدة الانتداب وقد حصل، كذلك جرت محاولات اغتيال لأعضاء المجلس وقتل أحدهم، مثلما اغتيل عدد من أعضاء البرلمان الحالي في بدايات تأسيسه.
الغريب أن هناك تشابهاً كبيراً في نوعية أعضاء البرلمان والمرشحين له في كلا المجلسين فهناك عدد قليل من الشخصيات التي لها تاريخ في العمل السياسي بغض النظر عن توجهاتهم السياسية والفكرية وهناك نسبة من شيوخ القبائل الذين لا علاقة لهم بالسياسة، جاؤوا طمعاً في التفاخر والحصول على منصب يسمح لهم بالاستحواذ على مزيد من الأراضي كما كانت هناك نسبة من الرعاع والنكرات، وكما هو حاصل اليوم من تهكم شعبي بنوعية المرشحين وتفاهة كثير منهم ومهزلة وعودهم للناخبين، وجدنا في الدورات الأولى للبرلمان الأول مرشحاً عن مدينة الكوت يقدم برنامجاً يعد فيه «بتبليط طريق بغداد الكوت بالكاشي والمرمر ورشه بماي المسك والعنبر وزرعه بالورد الأحمر المعطر، وتشجيع المنتجات الوطنية بركوب الخيل والدواب ومنع استيراد السيارات الأجنبية، وتبريد ماء النهر بالصيف وتسخينه بالشتاء، والسعي لمنع تجارب القنبلة الذرية بالبحار حرصاً على سلامة وصحة الأسماك والحيتان واحتراماً لشعور أسماك سدة الكوت»، وغير ذلك من المهازل، كذلك وجدنا أسوأ منه في البرلمان الأخير، وكانوا كلهم مدعاة للسخرية والتهكم من قبل أصحاب الرأي والكلمة، والحقيقة أن وجود هذه النماذج في البرلمان أمر مقصود يتطلبه النظام في كلا المرحلتين لتمرير إما ما يريده المحتل أو ما يريده من يقود البلد، لذا وجدنا كثيراً ممن وصلوا إلى البرلمان في كلتا الفترتين هم من جياع المنصب والمال وأصحاب المكانة والمنزلة المتدنية وهم على استعداد لفعل أي شيء للحفاظ على كراسيهم وعدم خسارتها فهي كراس مليئة بالامتيازات، ومن الجدير بالذكر أن هناك مرحلة أخرى مر بها العراق وهي مرحلة حكم حزب البعث، مرحلة تمت فيها السيطرة على المرشحين فلم نعد نرى تلك النماذج المضحكة، وكان عضو البرلمان مجرداً من الامتيازات، لكن في المقابل كان المرشحون للبرلمان أغلبهم من مرشحي حزب البعث ونسبة قليلة جداً من المستقلين الذين لا يحملون أي توجه سياسي فكري شرط أن يحصلوا على تزكية حزب البعث، هذا يعني أن الحزب الذي يحكم وحده هو نفسه يشرع ويراقب نفسه وحده، ولذلك لم يكن الناس في العراق يشعرون بوجود برلمان من الأساس في تلك الفترة.
والحقيقة أنه منذ تأسيس البرلمان في العراق سنة 1924 وحتى أيامنا هذه لم يعش العراق حياة برلمانية بمفهومها الصحيح، لكن على السلبيات الموجودة في كل المراحل لم تصل مرحلة منها إلى السوء الذي يعيشه البرلمان العراقي اليوم وأعضاؤه ومرشحوه.
الغريب أن هناك تشابهاً كبيراً في نوعية أعضاء البرلمان والمرشحين له في كلا المجلسين فهناك عدد قليل من الشخصيات التي لها تاريخ في العمل السياسي بغض النظر عن توجهاتهم السياسية والفكرية وهناك نسبة من شيوخ القبائل الذين لا علاقة لهم بالسياسة، جاؤوا طمعاً في التفاخر والحصول على منصب يسمح لهم بالاستحواذ على مزيد من الأراضي كما كانت هناك نسبة من الرعاع والنكرات، وكما هو حاصل اليوم من تهكم شعبي بنوعية المرشحين وتفاهة كثير منهم ومهزلة وعودهم للناخبين، وجدنا في الدورات الأولى للبرلمان الأول مرشحاً عن مدينة الكوت يقدم برنامجاً يعد فيه «بتبليط طريق بغداد الكوت بالكاشي والمرمر ورشه بماي المسك والعنبر وزرعه بالورد الأحمر المعطر، وتشجيع المنتجات الوطنية بركوب الخيل والدواب ومنع استيراد السيارات الأجنبية، وتبريد ماء النهر بالصيف وتسخينه بالشتاء، والسعي لمنع تجارب القنبلة الذرية بالبحار حرصاً على سلامة وصحة الأسماك والحيتان واحتراماً لشعور أسماك سدة الكوت»، وغير ذلك من المهازل، كذلك وجدنا أسوأ منه في البرلمان الأخير، وكانوا كلهم مدعاة للسخرية والتهكم من قبل أصحاب الرأي والكلمة، والحقيقة أن وجود هذه النماذج في البرلمان أمر مقصود يتطلبه النظام في كلا المرحلتين لتمرير إما ما يريده المحتل أو ما يريده من يقود البلد، لذا وجدنا كثيراً ممن وصلوا إلى البرلمان في كلتا الفترتين هم من جياع المنصب والمال وأصحاب المكانة والمنزلة المتدنية وهم على استعداد لفعل أي شيء للحفاظ على كراسيهم وعدم خسارتها فهي كراس مليئة بالامتيازات، ومن الجدير بالذكر أن هناك مرحلة أخرى مر بها العراق وهي مرحلة حكم حزب البعث، مرحلة تمت فيها السيطرة على المرشحين فلم نعد نرى تلك النماذج المضحكة، وكان عضو البرلمان مجرداً من الامتيازات، لكن في المقابل كان المرشحون للبرلمان أغلبهم من مرشحي حزب البعث ونسبة قليلة جداً من المستقلين الذين لا يحملون أي توجه سياسي فكري شرط أن يحصلوا على تزكية حزب البعث، هذا يعني أن الحزب الذي يحكم وحده هو نفسه يشرع ويراقب نفسه وحده، ولذلك لم يكن الناس في العراق يشعرون بوجود برلمان من الأساس في تلك الفترة.
والحقيقة أنه منذ تأسيس البرلمان في العراق سنة 1924 وحتى أيامنا هذه لم يعش العراق حياة برلمانية بمفهومها الصحيح، لكن على السلبيات الموجودة في كل المراحل لم تصل مرحلة منها إلى السوء الذي يعيشه البرلمان العراقي اليوم وأعضاؤه ومرشحوه.