تناولنا أمس من خلال مقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، «كيف تناقض أقوال إيران أفعالها؟»، غير أن اليوم نقف على جملة من التساؤلات، لما أراد ظريف التوصل إليه من الدعوة للحوار وبناء علاقات جوار حسنة، فهو ببساطة يدعو إلى ألا يفسد الخلاف للود قضية في ظرافة تؤكد حسن اختيار نسبته، فهل يعتقد أن خلافنا جرّاء نقاش سياسي حول الأزمة الروسية البريطانية أو بناء ترامب لحائط مع المكسيك مثلاً؟! متجاوزاً حقيقة أن منشأ الخلاف احتلال طهران لجزر الإمارات وشبكات إرهابية دمرت بلداناً وأزهقت أرواحاً وهددت أمن دول واقتصاداتها وفتت النسيج الوطني لدول وقسمت أطيافها. يصور ظريف الأمر ببساطة توجساً ومصالح آنية قد لا تكون على سلم الأولويات في قادم السنين، تُرى أيمكنني التساؤل عن عمر المصالح الآنية بمنظور إيران وإذا ما كنا ملزمين بمسايرتها عندما تغير سلم أولوياتها تحسباً لسنوات العقوبات القادمة؟!

يدعونا ظريف لتجنب الحروب و«النظر في عيون بعضنا البعض والاتفاق على حل اختلافاتنا على الطاولة»، بينما نعلم أن إيران لطالما أرادت الحرب وأدارتها بالوكالة، وأنفقت ميزانيات مهولة عليها كلفت شعبها العيش بجوع وهوان، فما الذي تغير؟! ثم كيف حاز ظريف على عين (.....) لا تنكسر، بالدعوة للمواجهة والنظر في عيون بعضنا البعض وكأن جرماً لم ترتكبه طهران يوماً.

مزيد من الجدية يعترضنا عند الوقوف على قول ظريف بشأن مشاركتنا حدوداً برية وبحرية، مشيراً إلى أن «الأمن المشترك يقوم على الالتزام بمعايير مشتركة تكفلها مواثيق الأمم المتحدة، كالسيادة، والامتناع عن التهديد باستخدام القوة، وحل الأزمات بشكل سلمي، واحترام سيادة الدولة على أراضيها وحرمة الحدود، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وحق تقرير المصير داخلها». ولو يتفضل ظريف بالإجابة، ماذا عن التلويح بإغلاق مضيق هرمز؟ ماذا عن مواثيق الأمم المتحدة التي أشبعتها إيران «احتراماً»؟! ماذا عن التدخلات في الشأن البحريني والكويتي والسعودي وخلايا طهران وعملائها؟ ماذا عن حق تقرير المصير السوري الذي أقحمت إيران أنفها فيه؟

مزيد من المفاجآت يترجمها ظريف بشأن ما يستلزم لبناء الثقة، مطالباً بالإشعار بتنظيم المناورات العسكرية، والشفافية في الإجراءات العسكرية، وخفض الإنفاق على التسليح، وتنظيم زيارات عسكرية متبادلة، وتشجيع السياحة بين بلداننا والاستثمارات المشتركة، وإقامة مشاريع مشتركة في إطار السلامة النووية وإدارة الأزمات. «حبّة حبّة.. يا ظريف»!! أتطلب طهران أن نستأذنها في تنفيذ مناوراتنا العسكرية داخل حدودنا الجغرافية؟! أيرضي طهران أن نبلغ من الشفافية عسكرياً معها أن تعين مندوباً لها أو سفيراً في كل منشأة عسكرية على أراضينا؟! هل الغرض من تشجيع السياحة رفع حجم المتورطين بالعمالة لإيران؟! أو لرفع فرص تهريب الأسلحة والممنوعات للدول الخليجية؟! أما الحديث عن «السلامة النووية» فلربما كان الختام الأنسب لنكتة الموسم..!!

* اختلاج النبض:

بدم بارد يدعو ظريف للسلام مع العرب بعدما سطرت طهران بالدم جرائمها الحمقاء بحقهم، وبجرأة يستخدم انتهاكات بلاده أسلوباً تسويقياً لبيعنا سلعة الأمن المزعومة، تلك التي سرقها منا أجداده ليسير على خطاهم ومن في الشيطان والاهم، وبينما يدعو للمصافحة بيد بشأن الحوار، يشرع ذراعيه ويبرز صدره لحضن عسكري كبير قادته بلاهته إليه.