تبدو محافظة درعا في الجنوب السوري، الهدف الاستراتيجي القادم لقوات الرئيس بشار الأسد بدعم إيران وروسيا والميليشيات المسلحة، بعد إعلان النظام السيطرة على الغوطة الشرقية في ريف دمشق، والتي بالسيطرة عليها تمكن النظام من بسط نفوذه وإحكام سيطرته أمنياً وأزال التهديد العسكري عن العاصمة، فيما يمضي جيش الأسد بثبات نحو استعادة السيطرة على الأرض حيث يتحكم في نحو 60 % من مساحة البلاد، خاصة وأنه يسعى إلى بسط نفوذه الكامل على دمشق من خلال محاولاته المستميتة لطرد تنظيم الدولة «داعش» من أحياء جنوب العاصمة خاصة مخيم اليرموك، وأحياء الحجر الأسود والتضامن والقدم.
وقد جاء ذلك التطور الاستراتيجي في المعارك السورية، بعدما سلم فصيل جيش الإسلام كافة أسلحته الثقيلة، وغادر قادة الصف الأول الغوطة بموجب اتفاق إجلاء من دوما يستمر تنفيذه منذ أيام، حيث شكلت الأخيرة محور اهتمام العالم، بعدما دفع قصف النظام للمدنيين في المدينة بالسلاح الكيميائي، والذي أسفر عن مقتل وإصابة المئات، إلى تحرك الدول الثلاث «أمريكا وبريطانيا وفرنسا» لتنفيذ ضربات محددة استهدفت مواقع السلاح الكيميائي للنظام. وكان فصيل جيش الإسلام الأكثر مقاومة في الخروج من دوما، لكن الهجوم الكيميائي الأخير والضربات القوية والغارات العنيفة أجبرت الفصيل المسلح على الخروج، ليطوي النظام معركة كبيرة في سلسلة المعارك الدامية في الحرب السورية. وتبدو محاولة استعادة درعا، المحافظة التي شهدت انطلاق الثورة السورية وأولى الاحتجاجات الحاشدة ضد النظام في مارس 2011، أمراً أيسر بكثير من الاتجاه نحو إدلب شمال غرب سوريا حيث تبدو محاولة استعادتها في الوقت الراهن أمراً بالغ التعقيد والخطورة، خاصة وأن الفصائل الإسلامية والمتشددة تتقاسم السيطرة على المحافظة الاستراتيجية، ومنها من هو مدعوم من تركيا، وأمريكا، حتى وإن كان هناك صراع قائم بين تلك الفصائل من أجل النفوذ وبسط السيطرة، لكن النظام السوري بدعم حلفائه ربما يتريث قبل الإقدام على تلك المغامرة مقدماً درعا على إدلب في الوقت الراهن، حيث تمثل الأخيرة منطقة صراع دولي بحسابات معقدة بين قوى دولية. وعلى مدار خمسِ سنوات تمكن الأسد من استعادة مدن ومحافظات استراتيجية من بينها مدينة القصير في يونيو 2013، حيث كانت تلك المدينة الحدودية قرب لبنان معقلاً للمعارضة لكن النظام كان ينظر إليها باعتبار أنها تربط دمشق بالساحل السوري، حيث فجرت معارك القصير التوتر الطائفي بين العلويين والسنة. وتبدو معارك حلب قريبة مما حدث في دوما والغوطة حيث تمكن جيش النظام في 22 ديسمبر 2016، من استعادة نصف المدينة التي تعد ثاني أكبر مدن سوريا والتي سيطر عليها مقاتلو المعارضة في يوليو 2012. وانتهت المعارك هناك مثلما انتهت معارك دوما بإجلاء عشرات آلاف المسلحين مع أسرهم إلى مناطق سيطرة المعارضة في الشمال السوري. ولم تقلَّ معارك تدمر في محافظة حمص أهمية عن سابقاتها حيث أعلن جيش الأسد في مارس 2017 سيطرته على المدينة، بعد معارك عنيفة ومتكررة مع تنظيم الدولة «داعش»، وتبادل النظام والتنظيم المتطرف السيطرة على تلك المدينة الأثرية نحو عامين. وبعد شهرين من سيطرته على تدمر، تمكن جيش الأسد من إحكام قبضته على حمص، قبل أن يطرد «داعش» في نهاية العام من مدينة البوكمال في دير الزور الحدودية مع العراق.
وخلال تلك السنوات، لم يتخلَّ النظام عن محاولة استعادة مدن في درعا حيث تمكن الأسد بدعم روسيا وإيران و«حزب الله» من السيطرة على بلدة الشيخ مسكين الحدودية مع الأردن في الجنوب السوري، واعتبر مراقبون تلك البلدة محوراً استراتيجياً لأنها تؤدي في الشمال إلى دمشق وفي الشرق إلى السويداء. ولم يتوقف الأمر عن ذلك الحد بل تمكن النظام شيئاً فشيئاً من السيطرة على بلدة عتمان قرب درعا، والتي تعد مركز محافظة درعا في الجنوب. وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، تسيطر فصائل معارضة على 70 % من محافظة درعا وعلى أجزاء من المدينة مركز المحافظة، لكن الوضع الاستراتيجي للمحافظة والمدينة يجبر نظام الأسد على التعامل بحنكة مع المعارك في المحافظة، خاصة وأنه وفقاً للمحلل المتخصص في الشأن السوري في مجموعة الأزمات الدولية سام هيلر فإن «لمناطق الجنوب السوري حساسية خاصة كونها تقع بين دمشق من جهة والحدود الأردنية والأراضي المحتلة من جهة أخرى. وبالتالي من شأن أي عمل عسكري أن يمس بالأمن القومي لهذه الدول». ومن ثم يحاول النظام جاهداً السيطرة على مناطق استراتيجية في المحافظة خاصة معبر نصيب مع الأردن، الذي يقع تحت سيطرة الفصائل المعارضة منذ 2015، لاسيما وأن المعبر له أهمية استراتيجية بالنسبة للنظام كونه تنتقل عبره معظم البضائع بين سوريا والأردن والخليج.
* وقفة:
لن يتردد الأسد بدعم حلفائه في تنفيذ سياسة الأرض المحروقة في درعا وربما يلجأ إلى «الكيميائي» مجدداً من أجل إحكام قبضته على الحدود الجنوبية لاسيما وأن للمحافظة أهمية سياسية واقتصادية وستسهم في إنعاش اقتصاد دمشق!!
وقد جاء ذلك التطور الاستراتيجي في المعارك السورية، بعدما سلم فصيل جيش الإسلام كافة أسلحته الثقيلة، وغادر قادة الصف الأول الغوطة بموجب اتفاق إجلاء من دوما يستمر تنفيذه منذ أيام، حيث شكلت الأخيرة محور اهتمام العالم، بعدما دفع قصف النظام للمدنيين في المدينة بالسلاح الكيميائي، والذي أسفر عن مقتل وإصابة المئات، إلى تحرك الدول الثلاث «أمريكا وبريطانيا وفرنسا» لتنفيذ ضربات محددة استهدفت مواقع السلاح الكيميائي للنظام. وكان فصيل جيش الإسلام الأكثر مقاومة في الخروج من دوما، لكن الهجوم الكيميائي الأخير والضربات القوية والغارات العنيفة أجبرت الفصيل المسلح على الخروج، ليطوي النظام معركة كبيرة في سلسلة المعارك الدامية في الحرب السورية. وتبدو محاولة استعادة درعا، المحافظة التي شهدت انطلاق الثورة السورية وأولى الاحتجاجات الحاشدة ضد النظام في مارس 2011، أمراً أيسر بكثير من الاتجاه نحو إدلب شمال غرب سوريا حيث تبدو محاولة استعادتها في الوقت الراهن أمراً بالغ التعقيد والخطورة، خاصة وأن الفصائل الإسلامية والمتشددة تتقاسم السيطرة على المحافظة الاستراتيجية، ومنها من هو مدعوم من تركيا، وأمريكا، حتى وإن كان هناك صراع قائم بين تلك الفصائل من أجل النفوذ وبسط السيطرة، لكن النظام السوري بدعم حلفائه ربما يتريث قبل الإقدام على تلك المغامرة مقدماً درعا على إدلب في الوقت الراهن، حيث تمثل الأخيرة منطقة صراع دولي بحسابات معقدة بين قوى دولية. وعلى مدار خمسِ سنوات تمكن الأسد من استعادة مدن ومحافظات استراتيجية من بينها مدينة القصير في يونيو 2013، حيث كانت تلك المدينة الحدودية قرب لبنان معقلاً للمعارضة لكن النظام كان ينظر إليها باعتبار أنها تربط دمشق بالساحل السوري، حيث فجرت معارك القصير التوتر الطائفي بين العلويين والسنة. وتبدو معارك حلب قريبة مما حدث في دوما والغوطة حيث تمكن جيش النظام في 22 ديسمبر 2016، من استعادة نصف المدينة التي تعد ثاني أكبر مدن سوريا والتي سيطر عليها مقاتلو المعارضة في يوليو 2012. وانتهت المعارك هناك مثلما انتهت معارك دوما بإجلاء عشرات آلاف المسلحين مع أسرهم إلى مناطق سيطرة المعارضة في الشمال السوري. ولم تقلَّ معارك تدمر في محافظة حمص أهمية عن سابقاتها حيث أعلن جيش الأسد في مارس 2017 سيطرته على المدينة، بعد معارك عنيفة ومتكررة مع تنظيم الدولة «داعش»، وتبادل النظام والتنظيم المتطرف السيطرة على تلك المدينة الأثرية نحو عامين. وبعد شهرين من سيطرته على تدمر، تمكن جيش الأسد من إحكام قبضته على حمص، قبل أن يطرد «داعش» في نهاية العام من مدينة البوكمال في دير الزور الحدودية مع العراق.
وخلال تلك السنوات، لم يتخلَّ النظام عن محاولة استعادة مدن في درعا حيث تمكن الأسد بدعم روسيا وإيران و«حزب الله» من السيطرة على بلدة الشيخ مسكين الحدودية مع الأردن في الجنوب السوري، واعتبر مراقبون تلك البلدة محوراً استراتيجياً لأنها تؤدي في الشمال إلى دمشق وفي الشرق إلى السويداء. ولم يتوقف الأمر عن ذلك الحد بل تمكن النظام شيئاً فشيئاً من السيطرة على بلدة عتمان قرب درعا، والتي تعد مركز محافظة درعا في الجنوب. وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، تسيطر فصائل معارضة على 70 % من محافظة درعا وعلى أجزاء من المدينة مركز المحافظة، لكن الوضع الاستراتيجي للمحافظة والمدينة يجبر نظام الأسد على التعامل بحنكة مع المعارك في المحافظة، خاصة وأنه وفقاً للمحلل المتخصص في الشأن السوري في مجموعة الأزمات الدولية سام هيلر فإن «لمناطق الجنوب السوري حساسية خاصة كونها تقع بين دمشق من جهة والحدود الأردنية والأراضي المحتلة من جهة أخرى. وبالتالي من شأن أي عمل عسكري أن يمس بالأمن القومي لهذه الدول». ومن ثم يحاول النظام جاهداً السيطرة على مناطق استراتيجية في المحافظة خاصة معبر نصيب مع الأردن، الذي يقع تحت سيطرة الفصائل المعارضة منذ 2015، لاسيما وأن المعبر له أهمية استراتيجية بالنسبة للنظام كونه تنتقل عبره معظم البضائع بين سوريا والأردن والخليج.
* وقفة:
لن يتردد الأسد بدعم حلفائه في تنفيذ سياسة الأرض المحروقة في درعا وربما يلجأ إلى «الكيميائي» مجدداً من أجل إحكام قبضته على الحدود الجنوبية لاسيما وأن للمحافظة أهمية سياسية واقتصادية وستسهم في إنعاش اقتصاد دمشق!!