* رواية "حرب الكلب الثانية" تفوز بالجائزة العالمية للرواية العربية "بوكر" 2018

* إبراهيم نصرالله يكشف في روايته تحول المعارض إلى متطرف فاسد

أبوظبي – صبري محمود

تتناول "حرب الكلب الثانية" للكاتب الفلسطيني المولود في عمان إبراهيم نصرالله والتي حصدت الجائزة العالمية للرواية العربية "بوكر" لعام 2018 في أبو ظبي مساء الثلاثاء الماضي، تحولات المعارض إلى متطرف فاسد، وتكشف عن نزعة التوحّش التي تسود المجتمعات والنماذج البشرية واستشراء النزعة المادية، فيغدو كل شيء مباحا، حيث تندد الرواية بالميول الوحشية وغير الإنسانية في المجتمع.

وعبر الكاتب إبراهيم نصرالله عن روايته الأخيرة الفائزة بقوله "حين تكتب رواية عن المستقبل ينبغي عليك أن تدرس أشياء كثيرة تم اختراعها حتى الآن، وأن تتحسس رغبات البشر وتطلعهم لاختراعات جديدة، مختلفة لم تنتج بعد، وتخترعها أنت، ربما كانت "اختراعاتي" في الرواية هي الشيء الممتع الوحيد لي، أثناء كتابتها، أما ما يتعلق بالبشر فكان الأمر مرهقا ومدمرا لي..".

وقال نصر الله بعد الجائزة إن "الرواية بالتأكيد هي رواية تسعى لهز القارىء، لضعضعة مفاهيم الاطمئنان بأنه يستطيع أن ينجو. لأن لا أحد يستطيع أن ينجو أن بدأ العالم حوله بالانهيار".

وأضاف "هناك غطرسة التي تمارس علينا من قبل دول كبرى، هذه تسمى غطرسة ظلامية، هناك قتل لأبنائنا وأطفالنا وإفقارنا وسرق ثرواتنا في هذا العالم العربي . وهذا أحدث نوعا من الظلامية وليس فقط الظلامية التي تصدر من هذا التنظيم "المتطرف"، الصغير أو ذلك التنظيم الصغير".

واعتبر رئيس لجنة التحكيم إبراهيم السعافين أن رواية إبراهيم نصرالله "تتناول تحوّلات المجتمع والواقع بأسلوب يفيد من العجائبية والغرائبية ورواية الخيال العلمي، مع التركيز على تشوهات المجتمع وبروز النزعة التوحشية التي تفضي إلى المتاجرة بأرواح الناس في غياب القيم الخُلُقية والإنسانية".

وقال رئيس مجلس أمناء الجائزة ياسر سليمان، "كلما ابتعدنا عن الواقع بغرائبية الروائي، كلما اقتربنا إليه بكل ما فيه من عبثية. تطل علينا "حرب الكلب الثانية"، الرواية الفائزة لهذا العام، من هذا المنطلق لترسم لنا عالماً انهارت فيه الضوابط، وانحسرت فيه منظومة القيم التي يُحتكم إليها في الفصل بين المعقول واللامعقول".

وأضاف أن "إبراهيم نصرالله بخيوطه يحيك روايته بلغة تحاكي الموضوع بكل غرائبيته، وبنفَس يلتقط المضحك المبكي، وكأنه بهذا يعبر عن عمق المأساة التي نواكبها من داخل الرواية إلى خارجها وبالعكس؛ فهنيئًا له وللرواية العربية على هذا الإنجاز".

وتدور أحداث الرواية، بخيالها الطليق، وواقعيتها المجنونة في عالم المستقبل، وبقدر ما تتأمل حالًا عربيًا، بقدر ما تتأمل أحوال البشر في كل مكان، في زمن لم يعد فيه الإنسان قادرًا على التمييز ما إذا كان الإنسان الذي يقف مقابله هو شبيهه أم قاتله.

وتتناول الرواية تحولات المجتمع والواقع بأسلوب فانتازى، يفيد من العجائبية، ومن الخيال العلمي في فضح الواقع وتشوهات المجتمع فى التركيز على فساد الشخصية الرئيسيّة وتحولاتها بين موقعين مختلفين، من معارض إلى متطرف فاسد، وتكشف رواية "حرب الكلب الثانية" هذه نزعة التوحش التي تسود المجتمعات والنماذج البشرية واستشراء النزعة المادية بعيدًا عن القيم الخلقية والإنسانية، فيغدو كل شيء مباحًا حتى المتاجرة بمصير الناس وأرواحهم.

و"حرب الكلب الثانية"، تدخل ضمن الشرفات التي أصدر الكاتب منها، شرفة الهذيان، شرفة رجل الثلج، شرفة العار، شرفة الهاوية، شرفة الفردوس، وأخيرا حرب الكلب الثانية التي تثير قضايا مصيرية كبيرة في مجتمع عربي أغلق على نفسه كل أبواب الحياة والحداثة وبدأ ينزلق نحو السقوط الكلي، مجتمع يموت يوميا بلا هوادة، يفقد أجزاءه الحية في حالة تراجيدية شبه قدرية لا يمكن تفاديها. يعيد إنتاج وسائط تخلفه القاتلة. في هذا النص يخرج إبراهيم من التاريخ جزئيا لينخرط في تخييل جديد لا تاريخي، هو بمثابة تاريخ استباقي يرتسم في الأفق بيقين لا يمكن تفاديه، يستعيد فيه حاضرا لم نعشه بعد لكنه قادم لا محالة، بضجيجه ودمه وتشرده. ضاربا عرض الحائط بكل التأطيرات الشارحة"، وذلك حسبما قال عنها الروائي الكبير واسينى الأعرج.

وفازت رواية "حرب الكلب الثانية" بالجائزة العالمية للرواية العربية في دورتها الحادية عشرة.

وأعلن رئيس لجنة التحكيم، إبراهيم السعافين، عن الرواية الفائزة بالجائزة والصادرة عن الدار العربية للعلوم "ناشرون" في حفل أقيم في أبوظبي مساء الثلاثاء.

وحصل إبراهيم نصرالله المولود عام 1954 في عمان من أبوين فلسطينيين، على مكافأة مالية مرافقة للجائزة قدرها 50 ألف دولار أمريكي خلال مراسم أقيمت مساء الثلاثاء في أبو ظبي، بالإضافة إلى ترجمة روايته إلى اللغة الإنجليزية.

كما تم تكريم الكتاب الخمسة المرشحين في القائمة القصيرة في الحفل، وهم شهد الراوي وأمير تاج السر ووليد الشرفا وعزيز محمد وديمة ونّوس، وتلقى المرشحون جائزة تبلغ قيمتها عشرة آلاف دولار أمريكي.

وضمت لجنة التحكيم والناقد والشاعر الأردني إبراهيم السعافين، رئيساً، وعضوية الروائية والشاعرة الجزائرية إنعام بيوض، والكاتبة السلوفينية باربرا سكوبيتس، والروائي الفلسطيني محمود شقير، والكاتب والروائي السوداني جمال محجوب.

وبهذا الفوز تعتبر رواية "حرب الكلب الثانية" أفضل عمل روائي نُشر خلال العام الماضي، وجرى اختيارها من بين 124 رواية مرشحة تمثل 14 بلداً عربياً.

وسبق أن ترجمت 4 روايات لإبراهيم نصرالله وديوان شعري له إلى الإنجليزية.

وكانت استبقيت 6 روايات في المرحلة اللانهائية هي إلى جانب العمل الفائز، "ساعة بغداد" للعراقية شهد الراوي، و"زهور تأكلها النار" للسوداني أمير تاج السر، و"وارث الشواهد" للفلسطيني وليد الشرفا و"الحالة الحرجة للمدعو ك" للسعودي عزيز محمد، و"الخائفون" للروائية السورية ديما ونوس.

و"الجائزة العالمية للرواية العربية" هي مكافأة سنوية تختص بمجال الإبداع الروائي باللغة العربية، أطلقت في أبوظبي عام 2007. وترعى الجائزة "مؤسسة جائزة بوكر" في لندن، بينما تقوم "هيئة أبو ظبي للسياحة والثقافة" في دولة الإمارات العربية المتحدة بدعمها ماليا. ويقول القيمون على الجائزة إنها تهدف إلى الترويج للرواية العربية على المستوى العالمي حيث تمول الجائزة ترجمة الأعمال الفائزة إلى اللغة الإنجليزية. وستترجم الرواية الفائزة إلى الإنجليزية. وفازت بالجائزة العام الماضي رواية "موت صغير" للسعودي محمد حسن علوان.

والروائي إبراهيم نصر الله من مواليد عمان عام 1954 من أبوين فلسطينيين، وعاش طفولته وشبابه في مخيم الوحدات للاجئين الفلسطينيين في الأردن، وبدأ حياته العملية معلما في المملكة العربية السعودية، وتفرغ للكتابة عام 2006، وترجمت 4 من رواياته وديوان شعر إلى اللغة الإنجليزية، منها "زمن الخيول البيضاء" المرشحة للجائزة العالمية للرواية العربية عام 2009 و"قناديل ملك الجليل" المرشحة للقائمة الطويلة عام 2013.