في سيارة الأجرة «التاكسي» التي كنت أستقلها في شوارع باريس وتشاركني فيها مجموعة من الشابات البحرينيات حيث كانت السيارة تنطلق بنا للتوجه لإحدى المؤسسات لإنجاز عمل مشترك، استوقفني تصرف شابة بحرينية تجلس بيننا بصمت وهي ترنو بناظريها من النافذة وكأنها تبحث عن ضالة لها في شوارع باريس، وفجأة قطعت صمتها لتقطع الأحاديث التي تدور في السيارة حول موضوعات متفرقة، قائلة كل منا متجه لأداء مهمة مختلفة لكننا جميعنا في نهاية الأمر سنجتهد لإبراز صورة البحرين على أفضل ما يكون، أليس كذلك؟ وبدأت تقنع الجميع أنهن يتبنين قضية من القضايا الوطنية، ظلت تلك الشابة «مي» تثير حماس الجميع بكلمات تزيد من إصرار وعزيمة من معها لتحفزهن على المزيد من الإنجاز من أجل البحرين، تارة بالكلمات وتارة تشغل أغاني وطنية وتلفت نظر الجميع لمعاني الكلمات، وكانت أنغام الأغاني تملأ القلوب لا الآذان، وفي دقائق حققت هدفها فقد تفاعل معها الجميع لدرجة أن الجميع شعر أنه في مهمة وطنية، وأن هذه السيارة تقلهن نحو مصباح سحري لتحقيق حلمهن في المشاركة في هذه المهمة وتحقيق إنجاز يضيف لإنجازات الوطن.
تأملت هذا الموقف، فقد وجدت فيه إجابة لتساؤلات كثيراً ما كانت تشغلني: كيف نجحت بعض المجتمعات في بناء حضارتها وأوطانها وهي صفر اليدين فأرضها متعطشة للموارد الطبيعية وتفتقر الخيرات، فلم يكن أمام تلك المجتمعات إلا استثمار الموارد البشرية والاستفادة منها فهي تعتمد عليها لبناء وتعمير أوطانها. لم تكتفِ بتدريب أبنائها وإكسابهم المهارات الفنية والتقنية ولم تكتفِ بتعليمهم فقط بل ركزت على تأجيج الحماس لديهم وغرست الشعور بالاعتزاز بوطنهم في قلوبهم وعمقت الإيمان لديهم بأهمية المشاركة في بناء الوطن والحرص على نهضته ليكونوا أبناء شعب أعزاء أقوياء على سطح الكرة الأرضية، ليكون المواطن عزيزاً في أرضه وعلى أي أرض تطأه قدماه، نعم إن المحرك الأساسي لهذا المخلوق الهائل القدرات «الإنسان» الذي يبني ويعمر وينجز هو القلب فإن عُمر القلب بالحب والإيمان بقضية وطنية أصبح دافعاً له لأن يصنع المعجزات، فما أكثر معاهد التدريب التي تدرب الشباب على مهارات العمل ولكن قلة من ينجح في غرس مشاعر الوطنية وتعميق الإيمان بقضية وطنية لتكون دافعاً لهم للإنجاز والعطاء ذلك فن قَلّ من يتقنه، أو لعله موهبة ربانية عند البعض.
يظن الكثير أن تعميق مشاعر الوطنية تكون بالترنم بالشعر الذي تتأرجح معانيه أحياناً بين التملق أو صدق المشاعر، والأغاني الوطنية التي قد تنجح حنجرة المغنين في نقل الرسالة الوطنية للجمهور. ولكني على يقين أن تعزيز الشعور بالمواطنة يقوم على تنمية دافع الإنجاز والحرص على البناء والتعمير لتحقيق هدف واحد وهو عزة ورفعة شأن الوطن والمواطن فهم يتجاوزون التعبير عن المشاعر الوطنية بالهتافات والشعارات والكلمات المعسولة إلى العطاء فخير وسيلة للتعبير عن الحب هو العطاء للمحبوب.
وما تجارب بعض الدول مثل: اليابان وماليزيا وسنغافورا عنا ببعيدة تلك الدول التي كانت تفتقر إلى الموارد، وتعاني من الدمار بعد الحروب والفقر ولربما التخلف، ولم يكن أمامها إلا الاعتماد على الطاقة الكامنة وهي الطاقة البشرية فالمورد البشري تكون له قيمته عندما يغذى بمشاعر الوطنية، فيصبح حب الوطن والحرص على رفعة شأن المواطن، دافعاً قوياً للإنجاز ولبذل الجهد والإبداع في العمل، فيكون لكل مواطن هدف وطني يسعى لتحقيقه، فيتكافل محبو الوطن ويتكاتفون لبنائه وصناعة مجده وحضارته وتاريخه.
إن هذه الدول لم تكتفِ بتدريب أبنائها وتعليمهم بل غرست لديهم الشعور بالاعتزاز بوطنهم وعمقت الإيمان لديهم بأهمية بناء الوطن ليكونوا أعزاء أقوياء على سطح الكرة الأرضية لا فقراء ضعفاء فاتفقوا معاً على أن يتعاونوا ليعلوا شأن بعضهم بعضاً، ساعون لأن يكون أبناء وطنهم في أعلى المنازل بين الأمم فيضعون الخطط الاستراتيجية والتدابير لتحقيق هذا الهدف، فيتعاونون معاً لبناء اقتصادهم فهم لم يرددوا بيت الشعر
بالعلم والمال يبني الناس ملكهم
لم يبنَ ملك على جهل وإقلال
بل رددوا معاني هذا البيت بلسان حالهم، بتعاونهم معاً وبتكاتفهم واجتهادهم. إن الوطنية ليست كلمات عامة فكل فرد عليه أن يتبنى قضية وطنية ويجتهد فيها فتجد البعض يتبنى قضية مثل تمكين المستثمر المحلي، حماية أبناء وطنه من الأوبئة، أن لا يبقي أحد من أبناء وطنه أمياً، أن يجعل أبناء وطنه يعيشون في أحياء جميلة منظمة مترابطة وغيرها من القضايا.
إن ترجمة المشاعر الوطنية إلى إنجاز يحتاج لفن ومهارة، ولا بد من تشجيع أبناء الوطن على تبني ملفات في تنمية الوطن والاجتهاد فيها فيصبح المواطن عنصراً فاعلاً مؤثراً في مجتمعه تأثيراً إيجابياً، فالانتماء للوطن هو مؤشر لقوة الشعوب وتماسكها، والقاعدة التي يرتكز عليها في بناء وتنمية المجتمعات ليسهموا في الإنتاج وتشييد الإنجازات والابتكارات وتقديم الخدمات والدفاع الوطني لصالح المجتمع فالانتماء الوطني يعني تعزيز قوة الوطن على قاعدة الحب والمسؤولية المشتركة والسعي الدائم لإضافة مكاسب جديدة إلى مكاسب الوطن، فالحب عطاء لا كلمات معسولة.
تأملت هذا الموقف، فقد وجدت فيه إجابة لتساؤلات كثيراً ما كانت تشغلني: كيف نجحت بعض المجتمعات في بناء حضارتها وأوطانها وهي صفر اليدين فأرضها متعطشة للموارد الطبيعية وتفتقر الخيرات، فلم يكن أمام تلك المجتمعات إلا استثمار الموارد البشرية والاستفادة منها فهي تعتمد عليها لبناء وتعمير أوطانها. لم تكتفِ بتدريب أبنائها وإكسابهم المهارات الفنية والتقنية ولم تكتفِ بتعليمهم فقط بل ركزت على تأجيج الحماس لديهم وغرست الشعور بالاعتزاز بوطنهم في قلوبهم وعمقت الإيمان لديهم بأهمية المشاركة في بناء الوطن والحرص على نهضته ليكونوا أبناء شعب أعزاء أقوياء على سطح الكرة الأرضية، ليكون المواطن عزيزاً في أرضه وعلى أي أرض تطأه قدماه، نعم إن المحرك الأساسي لهذا المخلوق الهائل القدرات «الإنسان» الذي يبني ويعمر وينجز هو القلب فإن عُمر القلب بالحب والإيمان بقضية وطنية أصبح دافعاً له لأن يصنع المعجزات، فما أكثر معاهد التدريب التي تدرب الشباب على مهارات العمل ولكن قلة من ينجح في غرس مشاعر الوطنية وتعميق الإيمان بقضية وطنية لتكون دافعاً لهم للإنجاز والعطاء ذلك فن قَلّ من يتقنه، أو لعله موهبة ربانية عند البعض.
يظن الكثير أن تعميق مشاعر الوطنية تكون بالترنم بالشعر الذي تتأرجح معانيه أحياناً بين التملق أو صدق المشاعر، والأغاني الوطنية التي قد تنجح حنجرة المغنين في نقل الرسالة الوطنية للجمهور. ولكني على يقين أن تعزيز الشعور بالمواطنة يقوم على تنمية دافع الإنجاز والحرص على البناء والتعمير لتحقيق هدف واحد وهو عزة ورفعة شأن الوطن والمواطن فهم يتجاوزون التعبير عن المشاعر الوطنية بالهتافات والشعارات والكلمات المعسولة إلى العطاء فخير وسيلة للتعبير عن الحب هو العطاء للمحبوب.
وما تجارب بعض الدول مثل: اليابان وماليزيا وسنغافورا عنا ببعيدة تلك الدول التي كانت تفتقر إلى الموارد، وتعاني من الدمار بعد الحروب والفقر ولربما التخلف، ولم يكن أمامها إلا الاعتماد على الطاقة الكامنة وهي الطاقة البشرية فالمورد البشري تكون له قيمته عندما يغذى بمشاعر الوطنية، فيصبح حب الوطن والحرص على رفعة شأن المواطن، دافعاً قوياً للإنجاز ولبذل الجهد والإبداع في العمل، فيكون لكل مواطن هدف وطني يسعى لتحقيقه، فيتكافل محبو الوطن ويتكاتفون لبنائه وصناعة مجده وحضارته وتاريخه.
إن هذه الدول لم تكتفِ بتدريب أبنائها وتعليمهم بل غرست لديهم الشعور بالاعتزاز بوطنهم وعمقت الإيمان لديهم بأهمية بناء الوطن ليكونوا أعزاء أقوياء على سطح الكرة الأرضية لا فقراء ضعفاء فاتفقوا معاً على أن يتعاونوا ليعلوا شأن بعضهم بعضاً، ساعون لأن يكون أبناء وطنهم في أعلى المنازل بين الأمم فيضعون الخطط الاستراتيجية والتدابير لتحقيق هذا الهدف، فيتعاونون معاً لبناء اقتصادهم فهم لم يرددوا بيت الشعر
بالعلم والمال يبني الناس ملكهم
لم يبنَ ملك على جهل وإقلال
بل رددوا معاني هذا البيت بلسان حالهم، بتعاونهم معاً وبتكاتفهم واجتهادهم. إن الوطنية ليست كلمات عامة فكل فرد عليه أن يتبنى قضية وطنية ويجتهد فيها فتجد البعض يتبنى قضية مثل تمكين المستثمر المحلي، حماية أبناء وطنه من الأوبئة، أن لا يبقي أحد من أبناء وطنه أمياً، أن يجعل أبناء وطنه يعيشون في أحياء جميلة منظمة مترابطة وغيرها من القضايا.
إن ترجمة المشاعر الوطنية إلى إنجاز يحتاج لفن ومهارة، ولا بد من تشجيع أبناء الوطن على تبني ملفات في تنمية الوطن والاجتهاد فيها فيصبح المواطن عنصراً فاعلاً مؤثراً في مجتمعه تأثيراً إيجابياً، فالانتماء للوطن هو مؤشر لقوة الشعوب وتماسكها، والقاعدة التي يرتكز عليها في بناء وتنمية المجتمعات ليسهموا في الإنتاج وتشييد الإنجازات والابتكارات وتقديم الخدمات والدفاع الوطني لصالح المجتمع فالانتماء الوطني يعني تعزيز قوة الوطن على قاعدة الحب والمسؤولية المشتركة والسعي الدائم لإضافة مكاسب جديدة إلى مكاسب الوطن، فالحب عطاء لا كلمات معسولة.