كتبت- زهراء حبيب:
بعد ثلاث سنوات من التقاضي في قضية البحرينية المدانة بقتل بحريني بكسر رقبته، عدلت محكمة الاستئناف العليا الجنائية الخامسة التهمة من القتل العمد إلى الضرب المفضي إلى الموت، وعاقبته بالسجن 7 سنوات بدلاً من 15 سنة.
القضية صدر فيها حكم أول درجة بمعاقبة المتهمة بالسجن المؤبد، وخفف أمام محكمة الاستئنافية إلى السجن 15 سنة، فطعنت أمام محكمة التمييز التي نقضت الحكم وأعادته للمحكمة الاستئنافية بهيئة مغايرة لتعيد الفصل فيها.
وأشارت المحكمة في حيثيات حكمها إلى أن أمر القتل لا يدرك بالحس الظاهر ولكن بالظروف المحيطة والظروف الخارجية وملابسات الواقعة، وأن المتهمة لم تكن في حالة دفاع عن النفس ولكنها لم تقصد قتل المجني عليه نظرا للظروف المحيطة بالواقعة وغيرت المحكمة القيد والوصف في القضية لتكون ضربا أفضى إلى الموت بدلا من القتل العمد، فقضت بمعاقبتها بالسجن 7 سنوات عن هذه التهمة.
وتشير تفاصيل الواقعة إلى أن المستأنفة تعرفت على المجني عليه عندما تلقت اتصالا منه يطلب توصيل ابن شقيقه، فأخبرته أنها توقفت عن التوصيل، إلا أنه استمر في التواصل معها هاتفيا، ثم أخبرها بأنه يستطيع توفير وظيفة لها كطباخة في مطعم يملكه صديقه، فتقابلت معه في المطعم المزعوم وتطورت علاقتهما فأصبحا يخرجان معا.
وانتقلت للسكن معه بعد ترك زوجته المنزل، فاتصلت به لتشكو ضيق حالها، فطلب منها الحضور إلى شقته، وهناك أبلغته بأنها لا تملك المال لدفع أجرة شقتها في الدراز، فعرض عليها السكن معه بشقته كونه وحيدا، وقالت إنه لم يعاشرها إلا مرة واحدة، ثم رفضت بعدها أن يتكرر ذلك إلا بعد أن يتزوجها، فأخبرها أنه سيبحث عن شيخ دين يزوجهما، لكن في يوم الواقعة احتسى المجني عليه المشروب، وعندما وصل إلى حالة السكر طلب معاشرتها فرفضت وارتدت ملابسها، وهمت بالخروج من المنزل لكنه وقف أمام الباب ومنعها وأخذ المفتاح، وحدثت بينهما مشاجرة وقام بشدها من شعرها فدفعته من صدره ليقع على بطنه في الأرض ثم جثت على ظهره، وأمسكت رقبته بيدها اليسرى وأخذت تحركها يمينا ويسارا بقوة حتى كسرت رقبته، وعندما شاهدته يتقيأ ويسعل خرجت على الفور من الشقة.
واتصلت بشخص تعرفت عليه منذ شهر، وأخبرته بالواقعة لكنه ظن في البداية أنها تبالغ، وخرجت معه في اليوم التالي وطلبت منه الاتصال بهاتف المجني عليه، والمرور بالقرب من منزله للتأكد من وفاته، فأخبر صديقه الذي تقدم بالبلاغ.
ومن جانبه دفع المحامي عبدالرحمن غنيم في مرافعته أمام المحكمة الاستئنافية بعدم تطابق القيد والوصف لانتفاء نية إزهاق الروح لدى المستأنفة وطالب احتياطياً بتوافر حالة الدفاع الشرعي عن النفس، خاصة أن محكمة التمييز قد فصلت في الطعن لوجه قانونيا قوامه أن جناية القتل تتميز عن غيرها من جرائم التعدي على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد من ارتكاب الفعل الجنائي إزهاق روح المجني عليه، وما أورده تحريات القضية في هذا الخصوص على توافر نية القتل في حق الطاعنة لا يفيد سوى الحديث عن الفعل المادي وهو ضغط الطاعنة بيدها على عنق المجنى عليه وتحريكه يمنا ويسارا بما لا يفيد حتما أنها نوت إزهاق روحه وأن قصدها كان الحصول على مفتاح الشقة لمغادرتها لرفضها الانصياع له .
وأكد عدم توافر نية إزهاق الروح باعتبارها ركنا من أركان جريمة القتل التي دان المستأنفة بها، لأن موكلته لم تضمرها لا قبل الواقعة ولا أثناء السجال بينها وبين المجني عليه قبيل مغادرتها لمنزله، بحيث لا يتوفر القصد الجنائي الخاص لهذه الجريمة في حقها فضلاً عن وجودها في حالة دفاع شرعي عن النفس.
كما أن الثابت من تقرير الصفة التشريحية لجثة المجني أن وفاته إنما تعزى لأسفكسيا الخنق وقد ساهم الكحول الموجود بجثة المتوفى في حدوث الوفاة عن طريق إضعاف قدرة جسم المذكور على المقاومة، ويستدل بهذه النتيجة التي انتهى إليها الطبيب الشرعة عدة قرائن تدعم عدم توافر نية إزهاق الروح لدى المستأنفة.
وشدد غنيم على أن قصد المستأنفه من الأفعال المادية التي اتخذها هو فقط الدفاع عن نفسها، بدليل أنها تركت المجني عليه بمجرد استشعارها زوال خطورته الأمر الذي تكون معه المستأنفة قد استخدمت حقها الشرعي في الدفاع عن النفس دون أن تتعدى حدود هذا الحق. وإذ خالف الحكم المستأنف هذا النظر الأمر الذي يعيبه ويوجب إلغاؤه.