اللغة هي الوعاء الأساس الذي يحوي العلوم والتكنولوجيا.. الثقافة والتاريخ والحضارة.. الهوية والمشاعر.. ومتى ما كانت اللغة عاملا قوياً وبليغاً دل ذلك على تماسك المجتمع الناطق بها.. فهي العامل الحاسم الذي يشكل هوية الإنسان ويضفي عليها طابعها الخاص بها.
إن الحديث يدور عن لغتنا العربية الأصيلة، الأوسع انتشاراً.. حيث امتدادها على مساحة جغرافية كبيرة.. ويتحدث بها سكان الوطن العربي ودول أخرى.. وهي الأجمل والأكثر قدرة من حيث الاشتقاقات والمفردات.. لغة القرآن والشعر والعلم.. والإرث الحضاري العريق الذي بدأ من بلاد الحجاز في شبه الجزيرة العربية مروراً بسوق عكاظ.. ليطورها حتى أصبحت اللغة العربية الفصحى التي يتغنى بها الآن حتى سكان بلاد المهجر.. هي لغة الضاد المكونة من ثمانية وعشرين حرفاً يمكن ترتيبها أبجدياً وهجائياً وصوتياً.. فأين نحن اليوم من هذه اللغة.. وأين هذه اللغة منا؟
إن الواقع الذي فرضته الظروف على الأمة العربية وانتشار مظاهر العولمة جعل حال اللسان العربي مختلطاً بالمصطلحات الأجنبية التي يرددها الكثير من حولنا أثناء الكلام.. نعم، نحن نعيش اليوم مرحلة صعبة من مراحل تغريب اللغة العربية. فمن الجميل أن يتحدث الإنسان لغة غير لغته، فهذا مكسب إيجابي يتيح للإنسان التعرف على الثقافات الأخرى بلغتها.. ويقترب من فهم شعوب العالم، فاللغة هي المفتاح السحري الذي يضيق المسافة بين من يتحدثون بنفس اللغة.. ولكن بالمقابل فإن الحفاظ على هوية اللغة الأم لكل شعب هي واجب أساس.
عندما كان التعليم النظامي مقتصراً على المدارس الحكومية – قبل الترخيص للمدارس الأهلية والخاصة – كانت كل المواد العلمية والأدبية تدرس باللغة العربية، بالإضافة إلى تدريس اللغة الإنجليزية كلغة ثانية ابتداء من الصف الرابع الابتدائي وما بعدها.. ولم نشعر بغربة اللغة العربية في مدارسنا ولا في مجتمعنا.. وتخرّج من هذه المدارس رجال ونساء قادوا حركة التطوير والنماء في الوطن وتركوا بصمتهم الواضحة في شتى مناشط الحياة، ومازال الكثير منهم ممن تخرجوا من هذه المدارس الحكومية في مناصبهم القيادية يؤدون دورهم ويتحملون مسؤوليتهم المناطة بهم بكل كفاءة واقتدار.
وعندما هبت رياح التغيير تعالت بعض الأصوات مطالبة بضرورة إنشاء مدارس وطنية غير حكومية، وأخرى أجنبية تعتمد في مناهجها على تكثيف التدريس باللغة الإنجليزية كلغة أم، وأن تكون اللغة العربية لغة ثانوية.. مستعينة في ذلك بمناهج هذه الدول كالمنهج الأمريكي والمنهج الإنجليزي بحجة الاستجابة لمتطلبات سوق العمل وخلق فرص التوظيف السريعة لخريجي هذه المدارس والارتقاء بمستوى التعليم.. وهو مطلب لا نختلف عليه، ولكن عند تطبيقه عبر هذه السنين، برزت أضرار هذا التوجه على اللغة العربية.
فمنذ أن تسابق الآباء إلى إدخال أبنائهم إلى المدارس الأجنبية انطلاقاً من أنها ضرورة من ضرورات العولمة دون الانتباه إلى تداعياتها الأخرى تعرض شبابنا لثقافات العالم الجديدة بكل ما تحمل من أساليب مختلفة ومناهج مغايرة ومساحة لحرية الطالب في إبداء وجهة نظره وصقل شخصيته.. وأغراهم هذا التوجه فاندفعوا إليه بقوة.. وأصبح البون شاسعاً بينهم وبين لغتهم الأم سواء في المدرسة أو في البيت حيث درج الآباء والأمهات على التحدث مع أبنائهم بلغة غير لغتهم بدل العربية بحجة خلق أجواء مشابهة لجو المدرسة في البيت.. وكنوع من المفاخرة المجتمعية بأن أبناءهم يتحدثون لغة أجنبية بطلاقة أكثر من العربية. ومع الوقت درج الأبناء على ذلك وبدأت اللغة العربية الفصحى تفسح المجال قسراً للغة الأجنبية كي تحتل الصدارة لدى البعض.. وتقف هذه اللغة المتصلة بشخصية الإنسان العربي في الظل متفرجة أكثر منها فاعلة.
مخطئ من يظن أن المسؤولية في الحال الذي وصلت إليه اللغة العربية في مدارسنا وحياتنا اليومية ومخاطباتنا تقع على تراجع اللغة عن مواكبة التطور.. ويخلي المجتمع من هذه المسؤولية. إن الإخفاق الذي تمر به لغتنا العربية هو مسؤوليتنا جميعاً ابتداء من البيت.. مروراً بدور الحضانة، فالمدارس فالجامعات فالمجتمع.. فمن خلال إهمالنا لثراء لغتنا وقدرتها على التكيف مع كل جديد في العلوم والآداب والفنون.. تسللت إلى قاموس حياتنا اليومية مصطلحات دخيلة جعلت بعضاً من أفراد المجتمع يعتقدون أنهم متى ما أتقنوا لغة غير لغتهم العربية فسوف تكون لهم الغلبة والفوز بالوظائف المهمة والترقيات.. وسيكونون واجهة المجتمع وصفوته.
فهل نحن اليوم أمام استعمار أجنبي جديد غير تقليدي.. لا يهتم بالاقتصاد لأنه قادر على تحريكه قوة وضعفاً متى ما شاء.. وبدأ ينصرف إلى الاهتمام باللغة العربية وخلق غربة بينها وبين الناطقين بها.. لأنها المحرك الأقوى.. ففي تغريبها يتم تغريب الهوية الوطنية والانتماء.. تغريب الإبداع الأدبي والفني وتغريب الإنسان نفسه داخل وطنه.. وهذا أخطر أنواع التغريب.
جرس إنذار خطير يجب أن يدق ويلتفت إليه كي لا تضيع لغتنا العربية وهويتها.. فكل الشعوب المتطورة تقنياً وصناعياً كالصين، اليابان، كوريا، فرنسا، ألمانيا وغيرها من الدول تعتز وتفخر بلغتها الأم ولم تتأثر بحجة مواكبة العولمة.. فلماذا اللغة العربية وحدها التي تحارب دون سائر لغات العالم؟ أعتقد نحن في حاجة إلى فرسان الضاد حتى تصمد ألسنة أطفالنا وشبابنا في وجه محاولات تغريب لغتنا.
إن الحديث يدور عن لغتنا العربية الأصيلة، الأوسع انتشاراً.. حيث امتدادها على مساحة جغرافية كبيرة.. ويتحدث بها سكان الوطن العربي ودول أخرى.. وهي الأجمل والأكثر قدرة من حيث الاشتقاقات والمفردات.. لغة القرآن والشعر والعلم.. والإرث الحضاري العريق الذي بدأ من بلاد الحجاز في شبه الجزيرة العربية مروراً بسوق عكاظ.. ليطورها حتى أصبحت اللغة العربية الفصحى التي يتغنى بها الآن حتى سكان بلاد المهجر.. هي لغة الضاد المكونة من ثمانية وعشرين حرفاً يمكن ترتيبها أبجدياً وهجائياً وصوتياً.. فأين نحن اليوم من هذه اللغة.. وأين هذه اللغة منا؟
إن الواقع الذي فرضته الظروف على الأمة العربية وانتشار مظاهر العولمة جعل حال اللسان العربي مختلطاً بالمصطلحات الأجنبية التي يرددها الكثير من حولنا أثناء الكلام.. نعم، نحن نعيش اليوم مرحلة صعبة من مراحل تغريب اللغة العربية. فمن الجميل أن يتحدث الإنسان لغة غير لغته، فهذا مكسب إيجابي يتيح للإنسان التعرف على الثقافات الأخرى بلغتها.. ويقترب من فهم شعوب العالم، فاللغة هي المفتاح السحري الذي يضيق المسافة بين من يتحدثون بنفس اللغة.. ولكن بالمقابل فإن الحفاظ على هوية اللغة الأم لكل شعب هي واجب أساس.
عندما كان التعليم النظامي مقتصراً على المدارس الحكومية – قبل الترخيص للمدارس الأهلية والخاصة – كانت كل المواد العلمية والأدبية تدرس باللغة العربية، بالإضافة إلى تدريس اللغة الإنجليزية كلغة ثانية ابتداء من الصف الرابع الابتدائي وما بعدها.. ولم نشعر بغربة اللغة العربية في مدارسنا ولا في مجتمعنا.. وتخرّج من هذه المدارس رجال ونساء قادوا حركة التطوير والنماء في الوطن وتركوا بصمتهم الواضحة في شتى مناشط الحياة، ومازال الكثير منهم ممن تخرجوا من هذه المدارس الحكومية في مناصبهم القيادية يؤدون دورهم ويتحملون مسؤوليتهم المناطة بهم بكل كفاءة واقتدار.
وعندما هبت رياح التغيير تعالت بعض الأصوات مطالبة بضرورة إنشاء مدارس وطنية غير حكومية، وأخرى أجنبية تعتمد في مناهجها على تكثيف التدريس باللغة الإنجليزية كلغة أم، وأن تكون اللغة العربية لغة ثانوية.. مستعينة في ذلك بمناهج هذه الدول كالمنهج الأمريكي والمنهج الإنجليزي بحجة الاستجابة لمتطلبات سوق العمل وخلق فرص التوظيف السريعة لخريجي هذه المدارس والارتقاء بمستوى التعليم.. وهو مطلب لا نختلف عليه، ولكن عند تطبيقه عبر هذه السنين، برزت أضرار هذا التوجه على اللغة العربية.
فمنذ أن تسابق الآباء إلى إدخال أبنائهم إلى المدارس الأجنبية انطلاقاً من أنها ضرورة من ضرورات العولمة دون الانتباه إلى تداعياتها الأخرى تعرض شبابنا لثقافات العالم الجديدة بكل ما تحمل من أساليب مختلفة ومناهج مغايرة ومساحة لحرية الطالب في إبداء وجهة نظره وصقل شخصيته.. وأغراهم هذا التوجه فاندفعوا إليه بقوة.. وأصبح البون شاسعاً بينهم وبين لغتهم الأم سواء في المدرسة أو في البيت حيث درج الآباء والأمهات على التحدث مع أبنائهم بلغة غير لغتهم بدل العربية بحجة خلق أجواء مشابهة لجو المدرسة في البيت.. وكنوع من المفاخرة المجتمعية بأن أبناءهم يتحدثون لغة أجنبية بطلاقة أكثر من العربية. ومع الوقت درج الأبناء على ذلك وبدأت اللغة العربية الفصحى تفسح المجال قسراً للغة الأجنبية كي تحتل الصدارة لدى البعض.. وتقف هذه اللغة المتصلة بشخصية الإنسان العربي في الظل متفرجة أكثر منها فاعلة.
مخطئ من يظن أن المسؤولية في الحال الذي وصلت إليه اللغة العربية في مدارسنا وحياتنا اليومية ومخاطباتنا تقع على تراجع اللغة عن مواكبة التطور.. ويخلي المجتمع من هذه المسؤولية. إن الإخفاق الذي تمر به لغتنا العربية هو مسؤوليتنا جميعاً ابتداء من البيت.. مروراً بدور الحضانة، فالمدارس فالجامعات فالمجتمع.. فمن خلال إهمالنا لثراء لغتنا وقدرتها على التكيف مع كل جديد في العلوم والآداب والفنون.. تسللت إلى قاموس حياتنا اليومية مصطلحات دخيلة جعلت بعضاً من أفراد المجتمع يعتقدون أنهم متى ما أتقنوا لغة غير لغتهم العربية فسوف تكون لهم الغلبة والفوز بالوظائف المهمة والترقيات.. وسيكونون واجهة المجتمع وصفوته.
فهل نحن اليوم أمام استعمار أجنبي جديد غير تقليدي.. لا يهتم بالاقتصاد لأنه قادر على تحريكه قوة وضعفاً متى ما شاء.. وبدأ ينصرف إلى الاهتمام باللغة العربية وخلق غربة بينها وبين الناطقين بها.. لأنها المحرك الأقوى.. ففي تغريبها يتم تغريب الهوية الوطنية والانتماء.. تغريب الإبداع الأدبي والفني وتغريب الإنسان نفسه داخل وطنه.. وهذا أخطر أنواع التغريب.
جرس إنذار خطير يجب أن يدق ويلتفت إليه كي لا تضيع لغتنا العربية وهويتها.. فكل الشعوب المتطورة تقنياً وصناعياً كالصين، اليابان، كوريا، فرنسا، ألمانيا وغيرها من الدول تعتز وتفخر بلغتها الأم ولم تتأثر بحجة مواكبة العولمة.. فلماذا اللغة العربية وحدها التي تحارب دون سائر لغات العالم؟ أعتقد نحن في حاجة إلى فرسان الضاد حتى تصمد ألسنة أطفالنا وشبابنا في وجه محاولات تغريب لغتنا.