من الفيروزيات الوديعة الحالمة نغني، ونلهب الكلمات بروح العدالة المغتصبة إذ يضج صخب الظلم وصرخات القهر، وتشتعل القلوب حتى تحرق الأخضر واليابس في الحقول، فلكم أعادتني طائراتهم الورقية إلى أغنيتها الشهيرة «طيري يا طيارة طيري يا ورق وخيطان»، تلك الأغنية التي كتبت في 1967 سنة النكسة.
لم تكن مسيرة العودة الفلسطينية المنطلقة في 30 مارس الماضي كسابقاتها من المسيرات، إذ جسدت هذه المسيرة الابتكار الشعبي في أقوى وأبدع تجلياته، ما جعلها ذات تأثير إيجابي على القضية الفلسطينية بما يفوق القوة العسكرية حسبما قال المحللون، وقد استوحى الفلسطينيون فكرتهم من تجارب شبابية شهدتها انتفاضة الحجارة عام 1987، إذ حرقوا مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية للمستوطنين في محيط قطاع غزة.
إن الحديث عن طيارة ورقية تغنت بها فيروز ثم الولوج في خضم الحرائق مفارقة كبرى لم نختبرها بتلك الفجائية إلاَّ عبر الطائرات الورقية الحارقة، ومن الطريق أنه بات لدينا ما يعرف بـ»وحدة الطائرات الورقية» التي تعمل على صناعة سلاحها من الخوص والورق والخيوط، وعبوات المعلبات المعدنية الفارغة المغطاة بالنايلون أو الأوراق الملونة التي تحمل ألوان العلم الفلسطيني، إلى جانب حشوة العلبة من القماش المبلل بالديزل. ولا تكتفي تلك الوحدة بالإنتاج العسكري المبدع وحسب، بل وينطلق أفرادها طائراتهم حين تهب الرياح، وبطريقة احترافية مبدعة يحدد الأفراد أهدافهم من الأراضي الزراعية للمستوطنين ليسقطوا فيها طائراتهم الورقية بقطع خيط التحكم. تلك الوسيلة الحربية الماتعة المقدمة في قالبها الأنيق الجاذب أسماها الشباب الفلسطيني الساخر بـ «إف 16 الفلسطينية».
قد يرى بعض القراء أن ذلك ليس نضالاً وكفاحاً بقدر ما هو ضرب من لهو الطفولة، ولكن دحض ذلك التصور ليس صعباً إذا ما تلمسنا أضرارها على المستوطن وإلى أي مدى تبلغ صعوبة مواجهتها، فالحريق الذي يأكل كل ما أتى عليه من حقول ومنشآت أمر لا يمكن إصلاحه ويكبد المحتل الإسرائيلي الكثير من الخسائر، لاسيما مع تكرار انتشار ألسنة اللهب في مستوطناتهم بصفة شبه يومية، وإن كثفت أنشطة مسيرة العودة أيام الجمعة على نحو واسع النطاق. وما يميز الطائرات الورقية كوسيلة فاعلة أنها أصبحت تصل لأراضٍ تتجاوز حدوداً ليس بمقدور الفلسطيني اجتيازها، والأهم من هذا أن نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي المعروف بـ»القبة الحديدية» لا يمكنه تمييز تلك الطائرات عبر راداراته ولا اعتراضها.
* اختلاج النبض:
أبدع الشعب الفلسطيني في ابتكار أدوات النضال، ما اضطر المستوطنين لحصاد حقول القمح قبل موعدها خيفة ألاَّ تبقي النار منها شيئاً ولا تذر، وكأن الفلسطينيين يحملون للصهيوني رسالة مفادها «احصد ما زرعت». فمن يصدق أن طائرة تكلف الفلسطيني 10 دولارات كفيلة بإحراق معدات هندسية ومناطق زراعية يتمخض عنها خسائر إسرائيلية بملايين الدولارات. ولعلنا نقترح على الفلسطينيين تسمية نوع من الطائرات باسم فيروز تيمناً بأغنيتها الشهيرة «طيري يا طيارة» التي كتبها الأخوين رحباني.
لم تكن مسيرة العودة الفلسطينية المنطلقة في 30 مارس الماضي كسابقاتها من المسيرات، إذ جسدت هذه المسيرة الابتكار الشعبي في أقوى وأبدع تجلياته، ما جعلها ذات تأثير إيجابي على القضية الفلسطينية بما يفوق القوة العسكرية حسبما قال المحللون، وقد استوحى الفلسطينيون فكرتهم من تجارب شبابية شهدتها انتفاضة الحجارة عام 1987، إذ حرقوا مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية للمستوطنين في محيط قطاع غزة.
إن الحديث عن طيارة ورقية تغنت بها فيروز ثم الولوج في خضم الحرائق مفارقة كبرى لم نختبرها بتلك الفجائية إلاَّ عبر الطائرات الورقية الحارقة، ومن الطريق أنه بات لدينا ما يعرف بـ»وحدة الطائرات الورقية» التي تعمل على صناعة سلاحها من الخوص والورق والخيوط، وعبوات المعلبات المعدنية الفارغة المغطاة بالنايلون أو الأوراق الملونة التي تحمل ألوان العلم الفلسطيني، إلى جانب حشوة العلبة من القماش المبلل بالديزل. ولا تكتفي تلك الوحدة بالإنتاج العسكري المبدع وحسب، بل وينطلق أفرادها طائراتهم حين تهب الرياح، وبطريقة احترافية مبدعة يحدد الأفراد أهدافهم من الأراضي الزراعية للمستوطنين ليسقطوا فيها طائراتهم الورقية بقطع خيط التحكم. تلك الوسيلة الحربية الماتعة المقدمة في قالبها الأنيق الجاذب أسماها الشباب الفلسطيني الساخر بـ «إف 16 الفلسطينية».
قد يرى بعض القراء أن ذلك ليس نضالاً وكفاحاً بقدر ما هو ضرب من لهو الطفولة، ولكن دحض ذلك التصور ليس صعباً إذا ما تلمسنا أضرارها على المستوطن وإلى أي مدى تبلغ صعوبة مواجهتها، فالحريق الذي يأكل كل ما أتى عليه من حقول ومنشآت أمر لا يمكن إصلاحه ويكبد المحتل الإسرائيلي الكثير من الخسائر، لاسيما مع تكرار انتشار ألسنة اللهب في مستوطناتهم بصفة شبه يومية، وإن كثفت أنشطة مسيرة العودة أيام الجمعة على نحو واسع النطاق. وما يميز الطائرات الورقية كوسيلة فاعلة أنها أصبحت تصل لأراضٍ تتجاوز حدوداً ليس بمقدور الفلسطيني اجتيازها، والأهم من هذا أن نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي المعروف بـ»القبة الحديدية» لا يمكنه تمييز تلك الطائرات عبر راداراته ولا اعتراضها.
* اختلاج النبض:
أبدع الشعب الفلسطيني في ابتكار أدوات النضال، ما اضطر المستوطنين لحصاد حقول القمح قبل موعدها خيفة ألاَّ تبقي النار منها شيئاً ولا تذر، وكأن الفلسطينيين يحملون للصهيوني رسالة مفادها «احصد ما زرعت». فمن يصدق أن طائرة تكلف الفلسطيني 10 دولارات كفيلة بإحراق معدات هندسية ومناطق زراعية يتمخض عنها خسائر إسرائيلية بملايين الدولارات. ولعلنا نقترح على الفلسطينيين تسمية نوع من الطائرات باسم فيروز تيمناً بأغنيتها الشهيرة «طيري يا طيارة» التي كتبها الأخوين رحباني.