حقق مؤتمر "بوابة الخليج" الذي عقد برعاية صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى رئيس مجلس التنمية الاقتصادية، نجاحاً كبيراً في تعريف المستثمرين الدوليين بالفرص الاستثمارية في الخليج وأبرز مكانة البحرين كبوابة للاستثمار في المنطقة.

وقال تقرير بثته وكالة أنباء البحرين (بنا) إن المؤتمر بحث عبر جلساته النقاشية التي شارك فيها أكثر من 90 متحدثاً أبرز القضايا الاقتصادية الراهنة التي يقع في صلبها ما تشهده منطقة دول مجلس التعاون من تحولات اقتصادية تدعم تبني نموذج اقتصادي جديد لتحقيق النمو بقيادة القطاع الخاص. واستعرض المؤتمر الفرص الاستثمارية في القطاعات الاقتصادية الحيوية أمام أكثر من 500 من المستثمرين الدوليين وقيادات الأعمال ومسؤولي القطاع العام من أكثر من 40 دولة.

وشكّلت الجلسات النقاشية للمؤتمر حواراً بين جميع الأطراف الحاضرة، حيث استعرضت عدداً من المشاريع الاستثمارية في المنطقة تقدر قيمتها بـ26 مليار دولار إلى جانب منظومة المشاريع الكبرى بقيمة 32 مليار دولار في البحرين تغطي عدداً من القطاعات الحيوية مثل الطاقة والمياه، والنفط والغاز، والصناعة، والخدمات اللوجستية، والبنية التحتية، والسياحة، والخدمات الاسكانية والعقارات أمام مسؤولي الحكومة وقيادات الأعمال والمستثمرين من دول الخليج والعالم، كما أتاح المؤتمر الفرصة للربط بين التمويل ومشاريع البنية التحتية الكبرى في البحرين.

وسلّط مؤتمر بوابة الخليج الضوء على عمل فريق البحرين الذي يعمل وفق رؤية موحدة بما يعزز مردود المقومات التنموية والاقتصادية ويواصل تطوير بيئة صنع الفرص تحقيقاً لرؤية وتوجيهات صاحب السمو الملكي ولي العهد حول تعزيز منهجية التعاون بين الحكومة والقطاع الخاص وخلق الحلول وإبراز فرص الاستثمار بمنتهى المرونة لتحقيق تطلعات الرؤية الاقتصادية وتنفيذ المشاريع الاستراتيجية التي تتبناها المملكة في تعزيز دور القطاع الخاص كمحرك رئيس للنمو الاقتصادي.

صندوق البحرين للطاقة

وتمحورت الجلسات النقاشية للمؤتمر حول موضوعات عدة تحت مظلة تبني نموذج اقتصادي جديد لتحقيق النمو بقيادة القطاع الخاص بينها استقطاب النوع الملائم من الاستثمارات المباشرة نحو المنطقة، إلى جانب المسائل المتعلقة باقتصاد دول مجلس التعاون، وتغير دور الحكومات في الاقتصاد الخليجي، ودور التنويع الاقتصادي في الاستثمار الإقليمي، وخطط الأعمال للاستثمار في المنطقة، والتحديات فيما يتعلق بإعادة تقييم دور الإنفاق الحكومي، واستعراض الموضوعات المتعلقة باستقطاب الاستثمارات المباشرة ودعم وتمكين الأعمال والمشاريع التجارية المحلية.

وفي ما يتعلق بقطاع النفط والغاز الذي شهد دفعة كبيرة من بعد إعلان المملكة اكتشاف مصدر جديد للنفط والغاز العميق في حوض الخليج البحري الواقع قبالة الساحل الغربي للمملكة وهو أكبر اكتشاف للنفط في المملكة منذ عام 1932، فقد أعلن وزير النفط الشيخ محمد بن خليفة آل خليفة خلال المؤتمر عن إطلاق صندوق البحرين للطاقة الذي سيكون الأول من نوعه في دول التعاون في تزويد المستثمرين المؤسسين بإمكانية الوصول إلى أصول الطاقة المحلية، حيث سيسعى الصندوق إلى جمع ما مجموعه مليار دولار وتلقي رأس المال الابتدائي من مؤسسات في البحرين بما فيها الشركة القابضة للنفط والغاز وشركة أصول وشركة سيكو، كما سيكون مفتوحاً للمستثمرين في البحرين ودول التعاون ودول العالم.

وسيستثمر الصندوق في مجموعة من مشاريع الطاقة بالبحرين في قطاعات التكرير والإنتاج، وتشمل التطورات في حقول النفط والغاز المكتشفة حديثاً، واستعراض بعض المشاريع النفطية في المراحل المتقدمة ما يسمح باستقطاب مزيد من الاستثمار وزيادة رأس المال؛ إضافة إلى تزويد المستثمرين بإمكانية الوصول إلى فئة أصول جذابة للغاية، كما يقدم الصندوق أيضاً رأس المال الخاص للمساعدة في تمويل البنية التحتية الرئيسة في البحرين وتعزيز تطوير مشاريع الطاقة الحيوية.

صندوق الصناديق

وعلى صعيد ما تبذله المملكة من جهود في سبيل تعزيز البيئة الداعمة للأعمال الناشئة، أعلن بنك البحرين للتنمية خلال المؤتمر إطلاق رأس المال الاستثماري (صندوق الصناديق) بقيمة 100 مليون دولار، وسيعطي دفعة نوعية للبيئة الداعمة للمشروعات الناشئة في البحرين والشرق الأوسط. حيث سيستثمر صندوق الصناديق (الواحة) بالرساميل الاستثمارية في البحرين وهو ما سيتيح رأس المال الإضافي اللازم لدعم وتمويل المشروعات الناشئة في البحرين والشرق الأوسط. وسيساعد صندوق الصناديق في استقطاب مزيد من الرساميل الاستثمارية إلى البحرين بجانب توفير الرساميل الإضافية للمشروعات الناشئة في المنطقة.

ويشكل "صندوق الصناديق" إضافة نوعية إلى العديد من الإصلاحات الاقتصادية في السنوات الأخيرة التي جرى إنجازها ومنها تقليل الحد الأدنى من رأس المال لإطلاق الأعمال، ووضع المعايير لتمكين التمويل الجماعي في خدمات التمويل التقليدية والمتوافقة مع الشريعة إلى جانب تقديم مبادرة البيئة الرقابية التجريبية لمشروعات التكنولوجيا المالية.

اهتمام بالسياحة

وركزت الجلسات النقاشية لمؤتمر بوابة الخليج على دور الابتكار في قيادة التكنولوجيا باعتباره المحرك الرئيس للنمو في مختلف القطاعات، وإمكانية أن تلعب الحكومة دوراً في الاستفادة من دور الابتكار في دعم النمو، وأهمية وضع التأثير الاجتماعي في قلب الابتكار واستراتيجيات الاستثمار. وأولى المؤتمر اهتماماً كبيراً بقطاع السياحة الذي حقق نمواً سريعاً في العام 2017 وزاد عدد زوار المملكة بمعدل 11.9%، وشهد العديد من جوانب التطوير تلبية لإمكانيات النمو وبالتالي من المؤمل أن يلعب هذا القطاع دوراً مهماً في عملية التنويع الاقتصادي التي تتميز بها المملكة، إذ يسهم هذا القطاع بنسبة 6.3% في الناتج المحلي الإجمالي، وشكل ما نسبته 10٪ من إجمالي تدفقات الاستثمار إلى المملكة في العام الماضي.

وفي سياق المشروعات السياحية الاستثمارية التي تم تسليط الضوء عليها في المؤتمر، أعلنت شركة منتجع الساحل خلال مؤتمر بوابة الخليج عن تطوير منتجع من فئة خمس نجوم في الساحل الجنوبي الغربي للبحرين، إذ يعتبر المنتجع الخطوة الأولى ضمن مشروع الساحل، ويتوقع أن يتم الانتهاء منه خلال عامين، حيث سيضم المشروع ساحلاً على امتداد 1.25 كم، كما سيتيح إمكانية الوصول إلى جميع الوجهات السياحية الرئيسة في المملكة عبر ما تتميز به البحرين من شبكة مواصلات متطورة.

كما جرى استعراض مشاريع "درة داون" و"درة كريسينت" بقيمة ملياري دولار، وهي مشاريع عقارية تشتمل على المرافق السكنية والتجارية إلى جانب المعالم السياحية لتشكل جميعها مدينة متكاملة للاستجمام في جنوب شرق البحرين. وتم الإعلان عن مشروع تطوير منطقة بلاج الجزائر من خلال إنشاء فندق "فيرمونت" على ساحل بلاج الجزائر ليشكل وجهة سياحية جديدة في جنوب غرب المملكة، إضافة إلى مشاريع لتطوير جزر حوار لتكون وجهة عالمية وصديقة للبيئة، حيث سيتم الإعلان عن المرحلة الأولى في الأشهر القادمة.

مشاريع استثمارية كبيرة

وحازت الفرص الاستثمارية لمشروعات الإسكان والتطوير العمراني على نصيب كبير من الاهتمام في فعاليات المؤتمر مع الأخذ في الاعتبار العوامل المتعلقة بزيادة الطلب على الخدمات الإسكانية على المعروض بفضل التركيبة السكانية الشابة للمملكة التي تنمو بشكل متسارع، وبالتالي يزداد الطلب على الشقق التي حققت زخماً كبيراً في أسعار المبيعات خلال السنوات الأخيرة.

وأعلنت "أجميرا مايفير جلوبال ريالتي" وهما مطورتان عقاريتان هنديتان تحظيان بخبرة تزيد على القرن في مجال العقارات وسبق أن قامتا بتعمير مساحة قدرها 40 مليون قدم مربع لتكون مساحات تجارية وسكنية في الهند، عن مشروع بقيمة 250 مليون دولار في منطقة خليج البحرين التطويرية لبناء أعلى أبراج سكنية في البحرين "ذي غولدن غيت تاورز". وجرى توقيع عقد المشروع خلال زيارة صاحب السمو الملكي ولي العهد إلى جمهورية الهند في 2007، حيث يضم المشروع مرافق عالمية المستوى مع وجود 750 شقة فاخرة تتكون من تشكيلة منوعة من الخيارات.

وفي إطار استعراض المؤتمر للمشاريع الاستثمارية في قطاعي الماء والطاقة، أعلن وزير الكهرباء والماء د.عبدالحسين ميرزا خلال المؤتمر أن المرحلة الثانية من مشروع الماء والطاقة المستقل "الدور2" ومشروع الطاقة سيبدأ العمل فيه بداية يونيو 2020 بالتعاون مع القطاع الخاص. ومع اختتام المرحلة الثانية من المشروع يتوقع أن يصل الإنتاج إلى ما مجموعه 5421 ميغاواط و229 مليون غالون يومياً، ما يمثل زيادة 38% في الطاقة الإنتاجية للكهرباء حالياً وحوالي 28% من طاقة إنتاج الماء حالياً.

وسلط المؤتمر الأضواء على المشاريع الاستثمارية لقطاع التصنيع الحيوي، حيث شهد المؤتمر استعراض انطلاق شركة سخانات الماء الكهربائية الإيطالية أريستون ثيرمو عبر مصنعها الأول في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المملكة، ويبلغ حجمه 7000 متر مربع بمنطقة البحرين العالمية للاستثمار وسينتج 250,000 سخانة مائية كهربائية للتصدير في المنطقة سنوياً.

كما أعلن خلال مؤتمر بوابة الخليج عن توسعة مشروع "باور روت" الماليزي والمصنع لمزيج القهوة (Alicafe) وغيرها من المشروبات الساخنة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث سيستثمر هذا المشروع أكثر من 14 مليون دولار في وحدة إنتاجية كبيرة بمنطقة البحرين العالمية للاستثمار. ومن المتوقع أن يخلق المشروع أكثر من 160 وظيفة جديدة في السوق المحلي، ويأتي ذلك ليعكس اهتمام الشركات المصنعة للأغذية بالبحرين للتوريد لأسواق الخليج والشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي تشهد نمواً سكانياً وزيادة الدخل والطلب على سوق يبلغ حجمه 125 مليار دولار، كما أنه يشير إلى ما تتميز به البحرين من روابط لوجستية قوية وبيئة أعمال منفتحة وداعمة للأعمال.