واشنطن - (أ ف ب): اتهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مكتب التحقيقات الفيدرالي "إف بي آي" بالتجسس على حملته الانتخابية في 2016 وأطلق على هذه العملية "غير المسبوقة" و"غير المشروعة "اسم "سباي غايت" مؤكدا أنها مدبرة من الديمقراطيين.

وغرد ترامب "تم دفع مبالغ ضخمة للجاسوس تتخطى المستوى العادي. بدأ الأمر يشبه إحدى أهم الفضائح السياسية في تاريخ الولايات المتحدة" في حين أمر وزارة العدل بالتحقيق في الأمر.

لا دليل في المرحلة الراهنة يثبت هذه الاتهامات. لكن التاريخ الطويل لمكتب التحقيقات الفيدرالي المعروف بتدخله في الحياة السياسية قد يثير الشكوك.

ومنذ بداياته تدخل "إف بي آي" أو انجر إلى الدوامة السياسية الأمريكية حتى أعلى المستويات، معرضا نفسه لاتهامات باستغلال السلطة.

بين الثلاثينات والستينات كان مديره الشهير جاي إدرغار هوفر يحتل موقعا محوريا في السياسة في واشنطن فيقدم خدمات ويجمع معلومات مضرة لضمان تعاون المعنيين لدى الضرورة.

وكان هوفر يتصرف كحليف للرؤساء ويطرح تهديدا على خصومهم. وكشفت سجلات ان الرئيس فرانكلين روزفلت كان يطلب بانتظام تحقيقات حول خصومه.

ومع حلول الستينات كان يملك ملفات حول أكثر من 400 ألف أمريكي.

وقال ريموند باتفينيس الاختصاصي في تاريخ "إف بي آي" إن "هوفر كان يرعب الشخصيات السياسية". وأضاف ""غالبا ما كان يطلب منه الحصول على إشاعات عن سياسيين. وقام بذلك بانتظام مع كافة الرؤساء خلال مسيرته المهنية".

وكان جون أف كينيدي يهابه لأنه كان يعلم بأن هوفر كان لديه الدليل بأنه على علاقة بامرأة لها صلات مع المافيا.

وكان مدير "إف بي آي" أقرب من ليندون بي جونسون الذي طلب من الشرطة الفيدرالية التحقيق حول حزبه نفسه خلال المؤتمر الديمقراطي في 1964، بحسب المؤرخ في جامعة ولاية بنسيلفانيا داغلاس تشارلز.

عند وفاة هوفر في 1972 بعدما ترك بصمته على مكتب التحقيقات الفيدرالي، اختار ريتشارد نيكسون أل باتريك غراي الذي وعد بإقامة علاقة وثيقة مع البيت الأبيض. وأثبتت فضيحة ووترغيت ذلك، لأن غراي نقل إلى مستشارين في الإدارة الأمريكية تفاصيل عن التحقيق الفيدرالي.

في الأثناء، كان معاونه مارك فيلت يزود صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية بمعلومات سمحت بكشف فضيحة ووترغيت للرأي العام، ما أدى إلى استقالة نيكسون.

بعد هذه الفضيحة، سعى مدراء الشرطة الفيدرالية بحسب تشارلز إلى إبقاء الرؤساء على مسافة بعيدة وعهدوا إلى وزير العدل بدور الوسيط.

وبهذه الطريقة تبين أن الشرطة الفيدرالية تشكل تهديدا أكبر على الرؤساء الأمريكيين. فقد أمضى الرئيس بيل كلينتون ولايتيه الرئاسيتين وسط الفضائح تحت مراقبة مدير معاد له هو لويس فريه.

وبلغ التوتر ذروته في 1998 عندما أخذ المحققون الفيدراليون عينات من دم الرئيس الديمقراطي لمقارنة الحمض الريبي النووي مع السائل المنوي الذي عثر عليه على فستان المتدربة في البيت الأبيض مونيكا لوينسكي، ما أدي إلى الشروع في إجراءات إقالة من غير أن تفضي إلى نتيجة.

لكن مكتب التحقيقات الفيدرالي لم يخرج سالما من هذه القضية. في 2004 أكد بيل كلينتون أن فريه استهدفه عمدا لتحويل الانتباه عن أخطاء خطيرة ارتكبها مكتب التحقيقات.

أما الانتخابات الرئاسية في 2016 فقد أغرقت الشرطة الفيدرالية في اخطر وضع سياسي في تاريخها.

فوسط سباق محموم إلى البيت الأبيض، كانت الشرطة الفيدرالية تجري تحقيقات حول المرشحين، الديموقراطية هيلاري كلينتون التي استخدمت بريدها الإلكتروني الخاص في مراسلات الخارجية والجمهوري دونالد ترامب بشكل غير مباشر حول اتصالات مشبوهة بين أعضاء في فريق حملته ومسؤولين روس.

وتعرض جيمس كومي مدير "إف بي آي" في حينها والجمهوري المعروف، لانتقادات من كل حدب وصوب لإدارته لهذه الملفات. وتضررت حملة كلينتون جراء الطريقة التي نشر بها التحقيق في حين أن حملة ترامب استفادت من السرية التي لفت التحقيقات حول فريقه.

ولدى وصوله إلى البيت الأبيض حاول ترامب إعادة نوع العلاقات التي كان يقيمها الرؤساء مع الشرطة الفيدرالية في عهد هوفر.

وطلب ترامب من كومي إثبات ولائه له وإغلاق الملف الروسي. وأمام رفض الأخير أقاله الرئيس الأمريكي من منصبه.