نشأ وترعرع في فريج الفاضل بالمنامة، كانت المنامة مليئة بالحكايات على حد تعبيره، قال: "المنامة كانت منفتحة على العالم، المنامة كانت تحوي جميع الأطياف والجاليات المتعايشة بسلام فيما بينها".

ترعرع بشمي في سوق الطواويش آنذاك حيث كانت المنطقة مليئة بالجاليات والمذاهب والديانات المختلفة، وتلك الحقبة كونت لديه شخصية التعايش مع جميع الأطياف.

ووصف الكاتب والروائي البحريني إبراهيم بشمي تلك الحقبة بالذهبية، حيث كان الجميع يتعايش بسلام، واصفاً شخصيات المجتمع بأنهم كانوا منفتحين على بعضهم ومندمجين من الرقعة الجغرافية الصغيرة والتي شبهها بخلية النحل كونها تحوي مختلف الجنسيات والديانات والمذاهب.

وسرد بشمي حكايته في مجلس أمين بن رجب الثقافي في مايو الماضي، حيث جال بذاكرته بين نشأته في فريج الفاضل ودراسته في القاهرة، ثم انتقل لسرد حكاية عمله في الصحافة ذاكراً أغلب الشخصيات التاريخية التي مرت عليه في تلك الحقبه من نشأته.

أصدر بشمي حتى اليوم حوالي 116 كتابا متنوعا، منها 30 قصة قصيرة، له سلسلة كتب أطفال متنوعة بين العامين 1981 حتى 1984 ، في حين شغل الكثير من المناصب منها تأسيس وتولي رئاسة تحرير مجلة بانوراما الخليج المجلة الثقافية والاجتماعية من 1983 إلى 2003، أسس وتولى منصب نائب رئيس صحيفة الأيام منذ 1989 و 2003.

كما كان نائب مدير مركز الأمم المتحدة للإعلام في البحرين من 1982 إلى 1983 ثم عمل مديرا لتحرير مجلة صدى الأسبوع عام 1975، في حين تولى رئاسة هيئة تحرير جريدة الوقت من العام 2005 إلى 2010، وعضو مؤسس جمعية الصحافيين البحرينية، كما تم تعيينه عضوا في مجلس الشورى من 2002 إلى 2014.

كان بوده دراسة تخصص الديكور لشغفه بالرسم، بعد عام 1965 ذهب للقاهرة لدراسة المرحلة الثانوية العامة ولم يواصل الدراسة في البحرين حينها، وكان معظم الطلبة يتوزعون على الأحزاب الوطنية السياسية، درس آنذاك في المدرسة القومية في الزمالك، حينها لم يحصل على المجموع المطلوب في المدرسة وكان ضمن تجمع طلابي، فعاد إلى البحرين ودخل المدرسة الثانوية مرة أخرى فدرس فيها وأصبح الأول على القسم الأدبي.

وحينها حصل على بعثة للقاهرة، وكانت رغبته في كلية العلوم والسياسة ولم يحصل عليها، دخل كلية الآداب في القاهرة واختار تخصص الصحافة بناء على مبدأ "مرغماً أخاك لا بطل" على حد تعبيره فيما عايش حينها التجارب السياسة المصرية.

بدأت رحلته في الصحافه بعد الدراسة في القاهرة، حينها بدأ العمل بعد رجوعه وتخرجه من الجامعة في جريدة الأضواء في الفترة من 1971 حتى 1973. وقبلها كتب مقالة عنوانها ماذا يجب أن تكون عليه الصحافة، المقال كان مليئاً بمشاعر السياسي الشبابي، كان مقالاً طويلاً ، ذهب إلى جريدة الأضواء إلى رئيس تحريرها محمود المردي، الذي طلب منه منذ اللقاء الأول العمل في الصحيفة حيث قام بشمي بتقديم المقال إليه والذي قام بنشره، كما عمل في مجلة صدى الأسبوع لصاحبها علي سيار، بعد عمله في جريدة الأضواء.

ويقول بشمي :"عند عملي في الأضواء خلال 1971 و 1973 ، كان المردي أباً روحياً في مجال العمل بالصحافة كونه كان متمرساً فيه منذ خمسينيات القرن الماضي، حيث كان يعي أهمية الفكرة والكلمة ولذلك لم يوقف أي فكرة أو كلمة سواء لي أو لأي صحافي آخر، مما ترك انطباعاً لدي اتبعته مع الصحافيين".

وأضاف "كنت دائما أقول إن الصحافي يستطيع إغلاق الجريدة بمقال واحد لكن التحدي هو أن تكون ذكيا لتكتب ألف مقال ولا أحد يغلقها، كنت أحثهم على تقديم كل فكرة بطريقة من الطرق التي تسمح بتمريرها وتوصيل الرسالة للطرف المعني، ولهذا الغرض حرصت على أن تكون صحيفة الوقت جريدة تحترم القارئ وتقدم له ما يمكن أن يضيف له في التحقيق والمقال رغم الجرأة التي كنا نقدم المواضيع بها".

وعن تكرار تجربة صحيفة الوقت قال: "ما ذهب لن يعود"، مبيناً أن الصحافة التي يستحقها الشعب حاول أن يقدمها عن طريق الوقت ونجح في في بعض الأشياء وفشل في البعض الآخر لكن في النهاية يكفي شرف المحاولة.

وأضاف: "يستحيل في فترة من الفترات إرضاء الجميع، ومن تجربتي في مجلس الشورى عندما كنا في اللجنة القانونية التي تتكون من 7 أعضاء، كان التحدي هو كيفية تمرير مادة قانونية لكي يتفق معها جميع الأطراف، في حين يجب على كل شخص التنازل عن مافي ذهنه للوصول إلى صيغة وسطية ترضي الجميع ليتم تمرير المادة".

وفي إجابته على سؤال لأحد حضور المجلس بشأن وجود جريدة الوقت بصيغتها الإلكترونية والتي كانت تحمل الكثير من المخزون الثقافي والسياسي، قال بشمي إن الموقع الإلكتروني للجريدة توقف بسبب عدم وجود الإمكانية المادية لدى الطرف المسؤول عنه، مبيناً أن البحث عن رابط الموقع عند من كانوا يتابعون الصحيفة وقتها وإذا تم العثور عليه سيتم فتح الصحيفة إلكترونياً كأرشيف.

وعن كتابه "المنامة شانزيليزيه الخليج" الصادر العام 1994، قال إن قصته مرتبطة بشخصية ماجد الفطيم الذي قدم إلى البحرين في الخمسينيات بملابسه التي كان يرتديها، فتفاجأ بوجود المقاهي والمظاعم وأصوات الغناء والموسيقى والمحلات التجارية في شارع الزبارة بالمنامة، حينها استغرب مما رأى وشبّه المنامه بالشانزيليزيه الفرنسية، فقام بشمي باستغلال تلك الكلمة كعنوان للكتاب حينها وتطرق لتلك التفاصيل في الكتاب.

وتحدث بشمي عن إصداره لكتاب محمد علي التاجر، رداً على سؤال لأحد الحضور عن الكتاب، حيث أجاب بشمي أن الكتاب أدى دوره في المرحلة التي صدر بها وعمل الكثير من الضجة وقتها.

وعن رواية "جراندول" التي طبعت في دار الهلال بالقاهرة لمؤلفها خالد البسام، والتي تتناول حقبة تاريخية هامة في تاريخ المنامة، حيث قال إنه حاول جاهداً الحصول على نسخة من الرواية لكن لم يوفق في ذلك.

وقال: "إن الرواية تعتبر من أجمل الروايات التي تتطرق للعلاقات الاجتماعية والسياسية في تلك الحقبة، في حين تعتبر تلك الرواية غير متوفرة في البحرين حيث تم إصدارها في القاهرة"، في رده على سؤال أحد الحضور حول إمكانية توفر الرواية في البحرين بعد وفاة كاتبها.

لمحة في حياته:

أخذ جينات الطبخ من والده محمد بشمي، الذي كان له شغف في تذوق مختلف الأطعمة نظراً لاختلاف الثقافات في الفريج الذي كانوا يسكنونه، أما عنه فعندما عاش في بيروت بين عامي 1973 و 1974، حينها كان يذهب لشراء السمك من السوق ويطبخه برفقة الطلبة البحريينين الدارسين ببيروت في تلك الفترة، أما عندما لم يكن يملك مبلغاً كافياً لشراء السمك فكان يتفنن في طبخ الأطعمة من المواد الموجودة منها التونة المعلبة، في حين اكتشف في القاهرة 100 طريقة لعمل الفول وقت الإفلاس على حد تعبيره.

وبذلك تكون عنده شغف في الطبخ حتى الفترة الأخيرة، وقال: "تسبب لي ذلك الشغف بمشكلة اختيار وانتقاء الأطعمة بعناية حتى أصبحت معظم الوقت أنتقد بعض الأطعمة" وشبهها بلوحة الفنان، وتلك تعتبر هواية تعطيه صفاء الذهن للكتابة وخلقت لديه نوعا من الانفراج.