مع تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل في سوريا، وتحديداً في منطقة الجولان المحتلة، يبرز الدور الروسي للتدخل في الوقت المناسب لاحتواء التصعيد المتبادل، متأرجحا بين براغماتية موسكو في الحفاظ على مصالحها في سوريا، وبين كونها أصبحت ما يسمى بـ «وسيط الأمر الواقع»، بين طهران وتل أبيب.
وبلغ التوتر ذروته في الجولان المحتل قبل فترة، لاسيما حينما تعرضت لوابل من القذائف أطلقت من داخل سوريا، وردت اسرائيل بشن عشرات الغارات الجوية على أهداف إيرانية في سوريا، حيث أعلنت اسرائيل أن تلك الغارات تأتي رداً على القصف الإيراني على الجزء المحتل من هضبة الجولان السورية، في حين رجح مراقبون ومحللون أن قصف إيران للجولان المحتل يعد رداً سريعاً على واشنطن بعد ساعات على إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي الذي أبرمته الدول الكبرى «مجموعة 5 +1»، «أمريكا وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين إضافة إلى ألمانيا»، مع إيران، في يوليو 2015. لكن الموقف الروسي من تلك الأحداث بدا كمن يمسك العصا من المنتصف محتفظاً بدوره كوسيط بين الطرفين وفي الوقت ذاته يسعى إلى أن يحافظ على مصالحه بسوريا، حيث سارع الكرملين إلى الإعراب عن «قلقه» داعياً البلدين «إلى ضبط النفس»، والعمل على حل خلافاتهما «بالطرق الدبلوماسية فحسب». والملاحظ أنه عشية وقوع الضربات الأخيرة استقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو للمرة الثانية منذ مطلع السنة الحالية، في حين أعلنت موسكو أن نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف توجه إلى طهران لمناقشة تداعيات القرار الأمريكي بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، حيث تحدثت موسكو في ذلك الوقت عن «تعاون وثيق» مع طهران حول هذا الملف.
وبالرغم من أن إسرائيل تقوم بين فترة وأخرى بقصف مواقع عسكرية تابعة لجيش الرئيس بشار الأسد، بالإضافة إلى مواقع عسكرية إيرانية في سوريا، إلا أن روسيا ببراغماتية معهودة ابتدعتها، لم تمارس دوراً رادعاً تجاه تل أبيب خاصة وأنها تعلم جيداً أن الضربات الإسرائيلية لا تهدد الوجود الروسي في سوريا، كما أن تلك الضربات لم تستهدف القواعد العسكرية والمواقع الاستراتيجية التي تسيطر عليها موسكو في سوريا.
وبعد نحو 3 أشهر من التدخل العسكري الروسي في سوريا في سبتمبر 2015، اغتالت إسرائيل القيادي البارز في «حزب الله» سمير القنطار - الملقب بزعيم الأسرى اللبنانيين في سجون إسرائيل والذي قضى 3 عقود في سجون إسرائيل وأطلق سراحه في صفقة تبادل أسرى بين إسرائيل و«حزب الله» في 2008 - في غارة على مبنى سكني في منطقة جرمانا في دمشق، كما استهدفت الغارة أيضاً فرحان الشعلان القائد الميداني فيما يسمى بـ «المقاومة السورية»، التي يقودها الحزب اللبناني، إلا أن المثير للانتباه هو الموقف الروسي الذي بدا على الحياد، حيث لم يحم الحليف الروسي، حلفاء الأسد في قلب دمشق، وهذا ما أثار التساؤل حول إصرار موسكو على الحفاظ على مكاسبها ومصالحها في سوريا بغض النظر عن تصفية حلفاء للأسد في معقل النظام في العاصمة السورية. لذلك مهما حاولت كل من إيران وإسرائيل تصعيد الموقف عبر تبادل الصواريخ والقذائف، يدرك الطرفان جيداً أن موسكو هي من تضع شروط اللعبة في سوريا، ولكل من الدولتين خط محدد لا يمكن تجاوزه. ولذلك يمكن تفسير التقارير التي تتحدث عن عدم مشاركة القوات الإيرانية في معركة «الجنوب السوري» والتي يستعد لها جيش الأسد والتي تجري قرب الحدود مع الأراضي المحتلة. وهذا ما ذكره موقع «ستراتفور» الأمريكي، حيث تحدث عن أن جيش الأسد يستعد لخوض معركة ضد المعارضة السورية في محافظتي درعا والقنيطرة، جنوب غرب البلاد، رغم أن المنطقة المستهدفة تدخل في نطاق «مناطق خفض التصعيد»، التي تم التوافق عليها بين أمريكا وروسيا، ورغم تهديدات واشنطن للأسد، حيث نقلت وسائل إعلام روسية، عن القائم بأعمال السفارة السورية لدى الأردن، أيمن علوش، قوله إن «النظام السوري ليس بحاجة لعملية عسكرية في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية جنوب البلاد»، مضيفاً أنه «حسب الاتفاق الموقع بين روسيا والأردن إضافة إلى أمريكا، فإنه يسمح ببقاء قوات المعارضة في مناطق خفض التصعيد جنوب سوريا». وأتى التصريح بعد تحذير أمريكي للنظام من أن واشنطن ستتخذ «إجراءات حازمة ومناسبة»، رداً على تقارير تفيد بقرب وقوع عملية عسكرية في إحدى مناطق خفض التصعيد جنوب غرب البلاد، لذلك توقع موقع «ستراتفور» الأمريكي عدم مشاركة أية قوات إيرانية في ذلك الهجوم إن تم بناء على توجيهات روسية لتجنب تصعيد أوسع بين طهران وتل أبيب في الجنوب السوري، لاسيما وأن القوات الإيرانية سوف تكون قرب حدود الاحتلال ومن ثم تخشى موسكو من هجوم اسرائيلي أو أمريكي مضاد يضر بمصالح روسيا في سوريا، وهذا يفسر بوضوح تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قبل أيام التي شدد فيها على أن «القوات السورية فقط، هي من يجب أن تتواجد بالقرب من الحدود الإسرائيلية»، فيما تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن أن «روسيا عرضت إقناع إيران بالانسحاب من الهجوم، إذا وافقت إسرائيل على عدم التدخل».
* وقفة:
تتعامل روسيا «البراغماتية» مع التوتر القائم بين إيران وإسرائيل في سوريا بمنطق «وسيط الأمر الواقع» الذي يحدد شروط وقواعد اللعبة مع الاحتفاظ بكافة مصالحه دون خسائر تذكر!!
وبلغ التوتر ذروته في الجولان المحتل قبل فترة، لاسيما حينما تعرضت لوابل من القذائف أطلقت من داخل سوريا، وردت اسرائيل بشن عشرات الغارات الجوية على أهداف إيرانية في سوريا، حيث أعلنت اسرائيل أن تلك الغارات تأتي رداً على القصف الإيراني على الجزء المحتل من هضبة الجولان السورية، في حين رجح مراقبون ومحللون أن قصف إيران للجولان المحتل يعد رداً سريعاً على واشنطن بعد ساعات على إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي الذي أبرمته الدول الكبرى «مجموعة 5 +1»، «أمريكا وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين إضافة إلى ألمانيا»، مع إيران، في يوليو 2015. لكن الموقف الروسي من تلك الأحداث بدا كمن يمسك العصا من المنتصف محتفظاً بدوره كوسيط بين الطرفين وفي الوقت ذاته يسعى إلى أن يحافظ على مصالحه بسوريا، حيث سارع الكرملين إلى الإعراب عن «قلقه» داعياً البلدين «إلى ضبط النفس»، والعمل على حل خلافاتهما «بالطرق الدبلوماسية فحسب». والملاحظ أنه عشية وقوع الضربات الأخيرة استقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو للمرة الثانية منذ مطلع السنة الحالية، في حين أعلنت موسكو أن نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف توجه إلى طهران لمناقشة تداعيات القرار الأمريكي بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، حيث تحدثت موسكو في ذلك الوقت عن «تعاون وثيق» مع طهران حول هذا الملف.
وبالرغم من أن إسرائيل تقوم بين فترة وأخرى بقصف مواقع عسكرية تابعة لجيش الرئيس بشار الأسد، بالإضافة إلى مواقع عسكرية إيرانية في سوريا، إلا أن روسيا ببراغماتية معهودة ابتدعتها، لم تمارس دوراً رادعاً تجاه تل أبيب خاصة وأنها تعلم جيداً أن الضربات الإسرائيلية لا تهدد الوجود الروسي في سوريا، كما أن تلك الضربات لم تستهدف القواعد العسكرية والمواقع الاستراتيجية التي تسيطر عليها موسكو في سوريا.
وبعد نحو 3 أشهر من التدخل العسكري الروسي في سوريا في سبتمبر 2015، اغتالت إسرائيل القيادي البارز في «حزب الله» سمير القنطار - الملقب بزعيم الأسرى اللبنانيين في سجون إسرائيل والذي قضى 3 عقود في سجون إسرائيل وأطلق سراحه في صفقة تبادل أسرى بين إسرائيل و«حزب الله» في 2008 - في غارة على مبنى سكني في منطقة جرمانا في دمشق، كما استهدفت الغارة أيضاً فرحان الشعلان القائد الميداني فيما يسمى بـ «المقاومة السورية»، التي يقودها الحزب اللبناني، إلا أن المثير للانتباه هو الموقف الروسي الذي بدا على الحياد، حيث لم يحم الحليف الروسي، حلفاء الأسد في قلب دمشق، وهذا ما أثار التساؤل حول إصرار موسكو على الحفاظ على مكاسبها ومصالحها في سوريا بغض النظر عن تصفية حلفاء للأسد في معقل النظام في العاصمة السورية. لذلك مهما حاولت كل من إيران وإسرائيل تصعيد الموقف عبر تبادل الصواريخ والقذائف، يدرك الطرفان جيداً أن موسكو هي من تضع شروط اللعبة في سوريا، ولكل من الدولتين خط محدد لا يمكن تجاوزه. ولذلك يمكن تفسير التقارير التي تتحدث عن عدم مشاركة القوات الإيرانية في معركة «الجنوب السوري» والتي يستعد لها جيش الأسد والتي تجري قرب الحدود مع الأراضي المحتلة. وهذا ما ذكره موقع «ستراتفور» الأمريكي، حيث تحدث عن أن جيش الأسد يستعد لخوض معركة ضد المعارضة السورية في محافظتي درعا والقنيطرة، جنوب غرب البلاد، رغم أن المنطقة المستهدفة تدخل في نطاق «مناطق خفض التصعيد»، التي تم التوافق عليها بين أمريكا وروسيا، ورغم تهديدات واشنطن للأسد، حيث نقلت وسائل إعلام روسية، عن القائم بأعمال السفارة السورية لدى الأردن، أيمن علوش، قوله إن «النظام السوري ليس بحاجة لعملية عسكرية في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية جنوب البلاد»، مضيفاً أنه «حسب الاتفاق الموقع بين روسيا والأردن إضافة إلى أمريكا، فإنه يسمح ببقاء قوات المعارضة في مناطق خفض التصعيد جنوب سوريا». وأتى التصريح بعد تحذير أمريكي للنظام من أن واشنطن ستتخذ «إجراءات حازمة ومناسبة»، رداً على تقارير تفيد بقرب وقوع عملية عسكرية في إحدى مناطق خفض التصعيد جنوب غرب البلاد، لذلك توقع موقع «ستراتفور» الأمريكي عدم مشاركة أية قوات إيرانية في ذلك الهجوم إن تم بناء على توجيهات روسية لتجنب تصعيد أوسع بين طهران وتل أبيب في الجنوب السوري، لاسيما وأن القوات الإيرانية سوف تكون قرب حدود الاحتلال ومن ثم تخشى موسكو من هجوم اسرائيلي أو أمريكي مضاد يضر بمصالح روسيا في سوريا، وهذا يفسر بوضوح تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قبل أيام التي شدد فيها على أن «القوات السورية فقط، هي من يجب أن تتواجد بالقرب من الحدود الإسرائيلية»، فيما تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن أن «روسيا عرضت إقناع إيران بالانسحاب من الهجوم، إذا وافقت إسرائيل على عدم التدخل».
* وقفة:
تتعامل روسيا «البراغماتية» مع التوتر القائم بين إيران وإسرائيل في سوريا بمنطق «وسيط الأمر الواقع» الذي يحدد شروط وقواعد اللعبة مع الاحتفاظ بكافة مصالحه دون خسائر تذكر!!