(د ب أ)

"من الصعب أن تسمع صوت الصمت. ولكنني سمعت الصمت في هذه اللحظة ، وكنت أعلم أن الكرة داخل المرمى".. هذا هو ما قاله نجم كرة القدم الإسباني الشهير أندريس إنييستا في برنامج تلفزيوني لوصف أهم هدف في تاريخ كرة القدم الإسبانية.

ورغم وجود 80 ألف مشجع في الاستاد لحضور المباراة النهائية لبطولة كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا ، بدا أن كل شيء توقف بالنسبة لإنييستا عندما تسلم الكرة داخل منطقة جزاء المنتخب الهولندي وخلال تسديدها إلى داخل المرمى محرزا هدف الفوز 1 / صفر على المنتخب الهولندي في الدقيقة 116 من هذه المباراة.

وكان هذا قبل أربع دقائق فقط من نهاية الوقت الإضافي للمباراة على استاد "سوكر سيتي" في جوهانسبرج في نهائي مونديال 2010 .

وشهدت المباراة ، قبل هذا الهدف ، طرد أحد لاعبي المنتخب الهولندي في هذه المواجهة التي اتسمت ببعض العنف خاصة من قبل لاعبي هولندا.

وساد الاعتقاد قبل هدف إنييستا أن المباراة في طريقها للانتهاء بالتعادل السلبي ومن ثم الاحتكام إلى ركلات الترجيح رغم عدم ادخار أي من الفريقين لأي جهد أو لأي لاعب.

ورغم هذا ، كان لدى المنتخب الإسباني ما يحسم به اللقاء في الوقت القاتل قبل الوصول لركلات الترجيح.

وجاء الهدف بعدما تنقلت الكرة بين خيسوس نافاس وإنييستا وفابريجاس ثم نافاس مجددا وفيرناندو توريس وفابريجاس مجددا قبل أن تعود لإنييستا داخل منطقة الجزاء.

ومن خلال لمستين فقط ، سيطر إنييستا على الكرة وسددها في المرمى. وتمت اللعبة في غضون ثوان قليلة على المتابعين في جميع أنحاء العالم إلا على إنييستا نفسه.

وعن ذكريات هذا الهدف ، قال إنييستا : "كل شيء توقف وكنت هناك والكرة فقط مثلما يحدث عندما ترى صورة بالتصوير البطيء. كان الأمر هكذا بالنسبة لي".

لم يكن فقط هدفا في نهائي كأس العالم. كان هدفا. الهدف الذي أنهى عقودا من المرارة والإحباط للمشجعين الإسبان.

كان هذا الهدف الذي منح إسبانيا أول ألقابها في بطولات كأس العالم علما بأن المنتخب الإسباني قبلها لم يبلغ دور الثمانية في البطولة سوى مرة واحدة فقط وكانت في نسخة 1950 بالبرازيل.

ورغم ارتداء قميص الفريق المنافس ، نال إنييستا تصفيقا حادا في جميع الاستادات التي حل فيها فريقه برشلونة ضيفا على منافسيه في الدوري الإسباني بالموسم التالي 2016 / 2017 .

ولكن الاستقبال الأكثر حرارة كان في استاد فريق اسبانيول جار برشلونة في إقليم كتالونيا.

ولم يكن هناك تعبير عن التقدير أو الاحترام للاعب الراحل داني خاركي أفضل مما قدم إنييستا بعد تسجيل الهدف الحاسم في نهائي المونديال حيث حرص إنييستا أمام ملايين المشاهدين عبر شاشات التلفزيون على خلع قميص اللعب وإظهار عبارة تكريم لاعب الراحل على القميص الداخلي الذي يرتديه.

وكان خاركي قائد اسبانيول السابق توفي في 2009 عن عمر يناهز 26 عاما نتيجة أزمة قلبية.

وكتب إنييستا ، الذي كان يرتبط بعلاقة صداقة قوية مع خاركي منذ الصبا ، على القميص الداخلي : "داني خاركي سيظل معنا دائما" .

وأوضح إنييستا : "يسعدني أنني لست الوحيد الذي سأظل في الذاكرة ولكن داني خاركي سيكون هكذا أيضا".

ولا يحظى إنييستا بالشعبية الطاغية في إسبانيا من خلال مهاراته الفنية فحسب وإنما أيضا لشخصيته المتعقلة والمتواضعة والمعتدلة.

وقال إنييستا : "ما يراه الناس هو ما تعلمته من والداي".

وكان إنييستا ترك مدينة فييونتيالبيا الصغيرة بوسط إسبانيا وسافر إلى برشلونة حيث التحق بمدرة "لا ماسيا" العريقة للناشئين بنادي برشلونة.

ولم يكن تصعيده في قطاع الناشئين والشباب وحتى وصوله إلى الفريق الأول للنادي أمرا سهلا. وفي 2010 ، فرض اللاعب مكانته بين أبرز اللاعبين في تاريخ كرة القدم الإسبانية.

وكان موسم 2009 / 2010 ، وهو آخر موسم قبل سفر اللاعب لجنوب أفريقيا والمشاركة مع المنتخب الإسباني في الفوز بالمونديال ، مصدرا لمعاناة وقلق إنييستا حيث تعرض النجم الإسباني لأربع إصابات عضلية كانت آخرها قبل المونديال بشهرين فقط.

ورغم هذا ، قاد إنييستا الفريق للفوز بلقب كأس العالم 2010 ليكتب تاريخا لنفسه وللمنتخب الإسباني.