الثبات على الموقف والقيم خصلة رائعة، ولا أقصد بالثبات التعنت بالرأي والاستئثار به، بل أقصد الثبات والتمسك بالموقف والقيم والأفكار أيضاً. ولكن ما نشهده من بعض المسؤولين في الدولة من تناقض يجعل المواطن يقع في دوامة «التناقض عيني عينك».

لو كنت أملك مزيداً من الوقت، لجلست وقمت بتحليل تصريحات المسؤولين الرسمية في الصحف المحلية، ومقارنتها بتصريحاتهم بعد كم سنة، كم شهر، كم يوم!!

نعم كم يوم ولربما ساعات!! هناك بعض المسؤولين لربما ينسى كلامه، لربما يغير رأيه، ولربما بسبب سوء التنسيق مع الأطراف الأخرى يضطر إلى تغيير تصريحاته. والنتيجة في كل الأحوال هي أن يناقض ما قاله خلال تصريحات رسمية صادرة على لسانة بدرجة 180 درجة.

لست ضد تغيير الرأي مطلقاً بل أعتبر أنه من الشجاعة الاعتراف بتغيير الرأي والموقف بأسلوب راقٍ وحضاري يحترم عقل المواطن، ولكن أن يطل علينا المسؤول بتصريح مخالف لتصريحه السابق وكأنه يتبرأ مما قاله جملة وتفصيلاً، وكأن المواطن يعاني من فقدان الذاكرة، فهذه هي الطامة الكبرى وهذا هو «التناقض عيني عينك».

تذكروا أن الصحافة والإعلام هي ذاكرة التاريخ، وأن هناك بعضاً يطبقون المثل الشعبي القائل «إن كنت تأكل التمر غيرك يعد لكم الطعام»، وبضغطة زر على «غوغل» يستطيع أي أحد الرجوع إلى تصريحاتك.. إلى مشاريعك..إلى أفكارك.. ومقارنتها واكتشاف الفجوات والتناقضات فيما بينهما.

وتذكروا أيضاً أن الشعب البحريني واعٍ، وأن له ذاكرة ذهبية، ولديه القدرة على التحليل والتدقيق، ويستطيع أن يعرف من هو المسؤول «المتناقض» في تصريحاته، و»المتملص» من وعوده، والمتخلف عن تسليم مشاريعه.

وتذكروا وأنتم في قمة تناقضاتكم المكشوفة، الوطن ومستقبله، والأمانة التي وليتم عليها، وتذكروا بأنكم مسؤولون ومحاسبون عن نتائج هذا التناقض، محاسبون من قبل الله ومن قبل هذا الوطن وأفراده الذين منحوكم الثقة. واجعلوا تصريحاتكم الرنانة أكثر اتزاناً ومترابطة مع استراتيجية الوطن التي يجب أن تكون واضحة للجميع دونما أستثناء، هذه الاستراتيجية التي يجب أن يحفظها كل مواطن عن ظهر قلب لأنه مشارك أصيل فيها، هذه الاستراتيجية التي ستجعلنا نعرف أين موقعنا اليوم وأين سنكون غداً. وستجعلنا نعرف المسؤول «المتناقض عيني عينك».