* خلافات بين قادة المتمردين حول عرض أممي لتسليم المدينة

* الأمم المتحدة: 5 آلاف عائلة نازحة في الحديدة بسبب الحرب

* الإمارات ترحب بجهود غريفيث لإقناع الحوثي بتسليم الحديدة

صنعاء - سرمد عبدالسلام، وكالات

أكدت مصادر عسكرية وطبية في اليمن، الأحد، مقتل وإصابة العشرات من ميليشيات الحوثي الإيرانية في مواجهات مع قوات المقاومة اليمنية المشتركة وغارات لمقاتلات التحالف العربي في محيط مطار الحديدة وبداخله، غرب اليمن، خلال الـ24 الساعة الماضية، في حين يواصل مبعوث الأمم المتحدة لليمن مارتن غريفيث مهمته الدبلوماسية في صنعاء سعيا للتوصل إلى حل سلمي يمنع الحرب عن شوارع الحديدة بعدما وصلت إلى مشارفها، فيما ذكرت مصادر يمنية أن المتمردين يرفضون مبادرة أممية لتسليم المدينة.

في غضون ذلك، أعلن وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي، أنور قرقاش، ترحيب الإمارات بالجهود التي يقودها المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، في إقناع الحوثيين بتسليم مدينة الحديدة إلى الحكومة اليمنية، ملمّحاً إلى أنباء جيدة من صنعاء.

وكشفت مصادر وثيقة عن خلافات كبيرة بين قيادات ميليشيات الحوثي الانقلابية، على خلفية معركة الحديدة، والتعاطي مع عرض المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، الذي يزور العاصمة صنعاء حاليا.

وأفادت المصادر، وهي مقربة من قيادات حوثية، بأن خلافاً شديداً يحتدم بين قيادات الحوثي على مستوى الصف الأول، ويتمحور حول ما يجري في الحديدة، غرب اليمن، حيث ترى قيادات، على ضوء تهاوي دفاعاتهم هناك وخسائرهم المتلاحقة، أهمية عدم تضييع الفرصة التي وفرتها زيارة المبعوث الأممي والقبول بالعرض المقترح وتسليم المدينة، مقابل ضمانات "لم تحدد طبيعتها"، في حين يعارض آخرون ذلك بشدة، ويعتبرون أن "خروج الحديدة من سيطرتهم سلماً أو حرباً يعني نهايتهم".

وفي اليوم الخامس للهجوم، أكد المتمردون للمبعوث الدولي أنهم يؤيدون "تسوية سياسية" للنزاع في اليمن، من دون أن يعلنوا عن موقفا واضحا من إمكانية تسليم إدارة ميناء الحديدة، الهدف الأهم للهجوم، إلى الأمم المتحدة.

وهاجم مسؤولون في ميليشيات الحوثي الإيرانية مبعوث الأمم المتحدة لليمن، مارتن غريفيث، مع وصوله إلى صنعاء، واصفين زياته بـ "الفاشلة"، في محاولة منهم على ما يبدو لعرقلة الحلول السلمية، والتأكيد على استمرار تعنتهم وتمسكهم بنهجهم القائم على إفشال أية حلول سلمية.

واستبق المتحدث باسم الانقلابيين الحوثيين، "محمد عبد السلام"، وصول غريفيث بتصريحات تنعي المبادرة المتوقع أن تطرح على قادة الانقلاب قبل ولادتها. وأكد القيادي الحوثي في صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، أن "الزيارة محكوم عليها بالفشل المحتوم"، في تحد سافر للإرادة الدولية.

هجوم ناطق الحوثيين على غريفيث لم يكن هجوماً فردياً، حيث رصدت "الوطن" تغريدات مشابهة لمسؤولين حوثيين بارزين وناشطين إعلاميين مقربين من قادة الميليشيات، جميعها تهاجم المبعوث الأممي وتؤكد رفض أية مبادرات، في توجه حوثي شامل على ما يبدو لتقويض كل فرص السلام الممكنة.

وكان المبعوث الأممي قد وصل إلى صنعاء السبت بهدف إقناع المتمردين الحوثيين بتسليم ميناء الحديدة سلمياً وتجنيب المدينة مآلات الحرب، في محاولة أخيرة قبيل عرض إحاطته المنتظرة على مجلس الأمن الدولي الاثنين، والتي تشكل كما يقول هو خارطة طريق لإيقاف الحرب واستئناف المفاوضات السياسية، في حين لا يزال المتمردون الحوثيون يرفضون الدعوات الدولية والشعبية المتكررة للخروج من الحديدة وتسليم ميناءها، وهو ما قد يضاعف من حجم المعاناة لدى المدنيين في المدينة، وباقي المناطق اليمنية التي تستقبل المساعدات الإنسانية والسلع التجارية عبر الميناء، بحسب تأكيدات المراقبين.

ويعيش نحو 600 ألف شخص من المدنيين في الحديدة أوضاعاً إنسانية واقتصادية صعبة منذ سيطرة الانقلابيين عليها أواخر 2014، نتيجة الانتهاكات المتكررة، بالإضافة إلى سياسات التجويع المتعمدة من قبل الحوثيين الذين يستحوذون على كافة المساعدات الغذائية والدوائية المقدمة ويقومون بالمتاجرة بها في الأسواق السوداء لدعم ما يسمونه بـ "المجهود الحربي"، فيما يتم حرمان المستحقين لها.

وكان التحالف العربي قد أطلق عملية عسكرية وإنسانية واسعة تسمى "النصر الذهبي" لتحرير المدينة وميناءها الإستراتيجي الهام، بغرض تجفيف منابع تمويل الحوثيين الذين يتحصلون منها على ما يفوق 30 مليون دولار شهرياً بحسب تقارير دولية موثوقة.

ويسعى التحالف العربي أيضاً من خلال عملية "النصر الذهبي" التي انطلقت الأربعاء الماضي، إلى تحرير الحديدة -المحاذية لمضيق باب المندب- من السطوة العسكرية لميليشيات إيران في اليمن، وإعادة الأمن والاستقرار للمدينة الإستراتيجية التي تشكل مرتكزاً للانقلابيين في تهديد سلامة وأمن الملاحة الدولية في البحر الأحمر.

وعملت ميليشيات الحوثي الموالية لإيران خلال السنوات الماضية على عرقلة كافة المحاولات السلمية لحل الأزمة عبر خرق اتفاقات الهدنة والتملص من التعهدات وتقويض كل فرص السلام الممكنة.

وشهد محيط مطار الحديدة الأحد قصفا متبادلا واشتباكات متقطعة بعد أيام من المعارك.

وتسيطر القوات الموالية للحكومة الشرعية على الطريق الساحلي من جنوبه وحتى مشارف مدينة الحديدة شمالا عند مدخل المطار الواقع في جنوبها، بينما يسيطر المتمردون على المناطق الداخلية الواقعة شرق الطريق الساحلي.

وكانت القوات الموالية للحكومة بدأت الأربعاء بمساندة قوات إماراتية هجوما واسعا تحت مسمى "النصر الذهبي" بهدف اقتحام مدينة الحديدة، في أكبر عملية تشنها هذه القوات ضد المتمردين الحوثيين منذ نحو ثلاث سنوات.

وتضم مدينة الحديدة ميناء رئيسيا تدخل منه غالبية المساعدات والمواد التجارية والغذائية الموجهة إلى ملايين السكان في البلد الذي يعاني من أزمة إنسانية كبيرة ويهدد شبح المجاعة نحو 8 ملايين من سكانه.

لكن التحالف العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن ويضم الإمارات، يرى فيه منطلقاً لعمليات عسكرية يشنها الحوثيون على سفن في البحر الأحمر ولتهريب الصواريخ التي تطلق على السعودية.

ويدعو التحالف إلى تسليم إدارة الميناء للأمم المتحدة أو للحكومة المعترف بها دوليا لوقف الهجوم.

ونجحت القوات الحكومية في بداية الهجوم بالوصول سريعا إلى مشارف مطار الحديدة.

والسبت أعلنت القوات الموالية للحكومة السيطرة على المطار.

وتشهد محافظة الحديدة منذ مايو الماضي عملية عسكرية كبرى للقوات الموالية للحكومة، توّجتها بالهجوم على مدينة الحديدة، مركز المحافظة، الأربعاء.

ومنذ الأول من يونيو الحالي، نزحت نحو 5 آلاف عائلة عن منازلها بسبب أعمال العنف التي طالت 6 مناطق مختلفة في محافظة الحديدة، بحسب ما أفاد الأحد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.

وستمثل السيطرة على مدينة الحديدة التي يسكنها نحو 600 ألف شخص، في حال تحققت، أكبر انتصار عسكري لقوات السلطة المعترف بها دوليا في مواجهة المتمردين، منذ استعادة هذه القوات 5 محافظات من أيدي الحوثيين في 2015. وتبعد مدينة الحديدة نحو 230 كلم عن صنعاء.