و قال نيكوس كونستانتينايدز، الزميل الباحث لمرحلة ما بعد الدكتوراه في قسم البيولوجيا بجامعة نيويورك، وأحد أبرز المشاركين في تأليف البحث: "لدينا الآن فهم أفضل حول آلية نشوء الخلايا العصبية، وكيفية اكتسابها الخصائص التي تتيح لها أداء وظيفتها في الدوائر العصبية والتي تؤدي بدورها إلى سلوكيات محددة. وتفضي هذه النتائج إلى عدد من المسارات المختلفة التي يمكن للتقدم الطبي أن يسلكها، مثل توجيه نمو الخلايا الجذعية لتتحول إلى أنواع محددة من الخلايا العصبية التي يمكن استخدامها لمعالجة عدد من الأمراض الدماغية، وذلك عن طريق العلاج باستبدال الخلايا أو تحفيز الخلايا الجذعية لتحل مكان الأنسجة الدماغية التالفة".
ويحتوي الدماغ على عدد كبير من أنواع الخلايا العصبية التي تتحكم بسلوكياتنا، إذ تنطوي كل خلية عصبية على خصائص محددة تتيح لها القيام بوظائف مختلفة. وبهدف تنظيم تفاعلاتها، تتواصل الخلايا العصبية فيما بينها باستخدام مواد كيميائية محددة تسمى الناقلات العصبية.
وتمحور البحث الذي نشرته مجلة "ذا سِل" حول الخلايا العصبية في الجهاز البصري لذبابة الفاكهة (دروسوفيلا)، والتي يتم استخدامها في دراسة المبادئ الأساسية التي توجه عمل وظائف الدماغ البشري. وأظهرت الدراسة بأن الأنواع المختلفة من الخلايا العصبية في نظام رؤية ذبابة الفاكهة يمكن أن تكتسب خصائص مشابهة - ولا سيما فيما يتعلق بتوضيح عمل ذات الناقل العصبي - باستخدام آليات مختلفة.
وتم إجراء هذه الدراسة في مختبرات البروفيسور كلود ديسبلان، المؤلف الرئيسي للورقة البحثية، ضمن "مركز علم الجينوم وبيولوجيا الأنظمة" بجامعة نيويورك أبوظبي وقسم البيولوجيا بجامعة نيويورك. واستعانت الدراسة بتقنية Drop-seq)) المتطورة لدراسة نسبة نشاط الجينوم وسَلسَلة الجينات لكل حزمة مكونة من عشرات الآلاف من الخلايا العصبية.
وفي سياق أوسع، اكتشف الباحثون أن هذه الآلية تنطبق على الخصائص الأخرى للخلايا العصبية، ما أفضى إلى تكوين فهم أفضل حول آلية تشكّل أنسجة الدماغ المعقدة والمكونة من مئات الأنواع من الخلايا المتصلة ببعضها.
وبدورها، قالت كاتارينا كابورالين، الباحثة لمرحلة ما بعد الدكتوراه في جامعة نيويورك أبوظبي وإحدى المؤلفين الرئيسيين للدراسة: "يتسم الدماغ البشري بتعقيده البالغ واحتوائه على آلاف الأنواع من الخلايا العصبية، ما يجعله من الأعضاء التي يصعب دراستها لبلورة فهم أعمق حول آلية تكون الخلايا العصبية وتحديد أنواعها المختلفة. لذلك فإنه من الضروري القيام بدراسة الأنظمة العصبية المشابهة حيث يمكننا استخدام تقنيات جديدة لتكوين فهم أفضل حول كل واحدة من الخلايا التي يتكون منها الدماغ. ومن شأن ذلك مساعدتنا على تحديد القواعد الأساسية التي تنطبق على الأنظمة العصبية الأكثر تعقيداً".
وحظيت هذه الدراسة بدعم من "معاهد الصحة الوطنية" R01 EY017916))، و"معهد جامعة نيويورك أبوظبي" (G-1205C)، وجائزة المعاهد الوطنية للابتكارات الجديدة في مجال الصحة (DP2-HG-009623).