قصفت طائرات اميركية مواقع للجهاديين في شمال العراق اليوم الجمعة ما يمكن ان يشكل نقطة تحول في ازمة مستمرة منذ شهرين تعتبرها واشنطن تهديدا بحصول ابادة للاقليات وتعرض مصالحها للخطر.وياتي قرار الرئيس الاميركي باراك اوباما بشن اولى الضربات الجوية في العراق منذ انهائه الوجود الاميركي في هذا البلد اواخر العام 2011 بعد تحقيق تنظيم الدولة الاسلامية مكتسبات ميدانية بشكل كاسح عبر السيطرة على سد الموصل وارغام الاقليات الدينية على الهجرة بشكل جماعي من شمال العراق.وكتب المتحدث باسم البنتاغون الاميرال جون كيربي على حسابه في تويتر ان القوات الاميركية قصفت الجهاديين بعد ان دكت مدفعيتهم قوات اقليم كردستان التي تدافع عن اربيل.واضاف ان طائرتين القتا قنابل على قطع مدفعية متحركة قرب اربيل.وامر اوباما المقاتلات الاميركية بالعودة الى سماء العراق لمنع الجهاديين من التوغل في اقليم كردستان واحتمال ارتكاب ابادة جماعية بحق الاقليات التي تم تهجيرها.وقد القت الطائرات في اول الامر طعاما ومياها لالاف الاشخاص المختبئين خوفا من المتطرفين السنة في منطقة جبلية نائية جدباء.وغالبية المختبئين في جبل سنجار دون ماء او طعام منذ خمسة ايام وسط حر خانق هم من الايزيديين، الاقلية التي تتبع ديانة عمرها ما لايقل عن اربعة الاف عام.واتهم اوباما الدولة الاسلامية التي تصف الايزيديين بانهم من "عبدة الشيطان" بمحاولة "تدمير شعب برمته بشكل منهجي ما قد يشكل ابادة جماعية". كما انه "حدد" الضربات الجوية بسبب التهديد الذي يشكله الجهاديون للاكراد حلفاء واشنطن بعد التقدم الخاطف الذي يقترب من حدود كردستان.وقد دب الهلع في اربيل بعد التقدم الكاسح للدولة الاسلامية في اليومين الماضيين في سهل نينوى الفاصل بين الموصل ومناطق الاكراد.وقال اوباما "نخطط للبقاء يقظين والتحرك اذا هددوا منشاتنا في اي مكان في العراق وضمنها قنصليتنا في اربيل والسفارة في بغداد".وارغمت قوات البشمركة على التراجع امام الجهاديين بسبب نقص الذخيرة وانتشارها على جبهة ممتدة.وادى انسحاب القوات الكردية من سهل نينوى الى فرار جماعي للمسيحيين ودفع بالقوى الغربية الى التحرك.وصدر قررا اوباما بعد جلسة طارئة لمجلس الامن دعت اليها فرنسا التي اعلنت استعدادها لتقديم المساعدة لوقف تقدم الدولة الاسلامية.وقال بطريرك الكلدان لويس ساكو ان سكان قره قوش، اكبر بلدة مسيحية في العراق، غادروها بشكل جماعي وباتت خالية الخميس مشيرا الى ان عدد المسيحيين الذين ارغموا على مغادرة منازلهم بلغ حوالى المئة الف نسمة.كما سيطر مسلحو الدولة الاسلامية على سد الموصل ما شكل نكسة للبشمركة ايضا.وسد الموصل على نهر دجلة عند بحيرة الموصل التي تقع على بعد حوالى خمسين كيلومترا شمال الموصل، هو المصدر الرئيسي للمياه في محافظة نينوى والمناطق المحيطة بها.وتمثل محطة الطاقة الكهربائية، احدى المحطات الرئيسية في البلاد، المصدر الرئيسي للطاقة لمحافظة نينوى ومناطق اخرى في شمال العراق.وحذر السفير الاميركي في العراق عام 2007، ريان كروكر وقائد القوات الاميركية انذاك في العراق الجنرال ديفيد بترايوس من خطورة تعرض السد للانهيار.وكتب في رسالة وجهها الى رئيس الوزراء نوري المالكي ان اي "فشل (انهيار) كارثي في سد الموصل يؤدي فيضانات على امتداد نهر دجلة حتى بغداد".واضاف انه عند حدوث "اكثر الامور سوءا، قد يحدث انهيار لسد الموصل في طاقته الخزنية القصوى ما يولد موجة (ارتفاعها) عشرين مترا على مدينة الموصل تؤدي الى وقوع خسائر في الارواح واضرارا جسمية".وتستغل الدولة الاسلامية السدود التي تسيطر عليها كاسلحة عبر اغراق مناطق واسعة كما فعلت مطلع العام الحالي، عندما اغرقت مناطق واسعة قرب مدينة الفلوجة، غرب بغداد.لكن الموصل احد اهم واكبر مواقع تواجد تنظيم الدولة الاسلامية، ويعد سد الموصل مهما لاقتصاد الدولة الاسلامية التي تعتبرها مركزا "لدولة الخلافة" التي اعلنتها حزيران/يونيو الماضي.وفي الموصل، دعت خطبة الجمعة الموحدة في مساجد ثاني مدن العراق المصلين الى مبايعة "الخليفة" ابو بكر البغدادي.في الوقت نفسه ما زال عدة الاف من الايزيديين عالقين في منطقة جبلية بعد ان دفعهم مسلحو "الدولة الاسلامية" الى الفرار من بلدتهم سنجار.وروى النحال الايزيدي فارس سنجاري ابو ايفان الذي فر بوالدته التي تبلغ 80 عاما الى الجبال في اتصال هاتفي مع فرانس برس ان بعض المجموعات حاولت الفرار لكنها لم تنجح جميعها.واكد مسؤولون اتراك ان حوالى 800 سنجاري وصلوا الى تركيا فيما اكد حزب العمال الكردستاني الانفصالي انه اجلى عددا من العائلات بعد فتح ممر امن الى سوريا.وجاهرت "الدولة الاسلامية" بانتصاراتها الاخيرة معلنة "يسعدنا ان نزف للامة الاسلامية خبر تحرير جديد في محافظة نينوى، وتلقين الاكراد العلمانيين درسا".