يوسف ألبي

قبل بدء بطولة كأس العالم، استبشرت جميع الجماهير العربية سواء في الخليج العربي أو عرب أفريقيا خيراً بكأس العالم المقامة حالياً في روسيا، لتواجد أربعة منتخبات عربية صاحبة الصيت والتاريخ الكبير، سواء على مستوى البطولات القارية أو من حيث المشاركة في كأس العالم، وهي السعودية ومصر وتونس والمغرب.

ولكن ما حدث في مونديال موسكو عكس ما كانت تتمناه الجماهير العربية خصوصاً المنتمية للمنتخبات الأربعة، فمع بداية مبارياتهم توالت الهزائم واحدة تلو الأخرى، إلى أن خرجت جميع المنتخبات مبكراً من البطولة، ما جعل الجميع يتأسف ويتحسر على هذه المشاركة المحبطة والأليمة للعرب.

ففي المجموعة الأولى ودع ممثلو العرب السعودية ومصر البطولة بأداء شحيح وباهت، وبخسارتين متتاليتين أمام روسيا المستضيفة وأوروغواي اللذين ضمنا تأهلهما بسهولة وأريحية تامة عن هذه المجموعة، أتبعه خروج المنتخب المغربي عن المجموعة الثانية التي ضمت أسبانيا والبرتغال وإيران، صحيح أن "أسود الأطلس" قدموا مستويات كبيرة وكانوا الأفضل من بين المنتخبات العربية، ولكن هذا لا يجدي نفعاً، فالأهم هو الفوز والتأهل وهذا ما سيذكره التاريخ، وأخيراً المنتخب التونسي الذي انتقلت له العدوى ولم يكن حاله أفضل من البقية، فقد تجرع مرارة الخسارة في أولى مباراتيه ضد كل من إنجلترا وبلجيكا، وستكون مواجهته القادمة مع بنما مجرد تحصيل حاصل ليلحق بأشقائه العرب خارج البطولة.

تلك المنتخبات العربية خصوصاً الأفريقية منها، ورغم احتراف أغلب لاعبيهم في أوروبا وبالتحديد في الدوريات الكبرى، ومشاركة البعض منهم في المسابقات الأوروبية سواء في دوري الأبطال أو اليوروبا ليغ، إلا أننا لم نشاهد المنفعة المنتظرة منهم مع منتخباتهم في المونديال، لعدم اكتسابهم للثقافة والعقلية التي يتمتع بها اللاعبون في الدول المتقدمة كروياً، أما السعودية فلاعبوها المصدرين للاحتراف في إسبانيا مضارهم أكثر من مفادهم، بحجة مشاركاتهم القليلة جداً وتوقفهم عن اللعب لفترة طويلة، كما أن تلك الدول لا تعمل بمهنية احترافية للارتقاء بمجال كرة القدم، فيجب عليها القيام بالإصلاحات ووضع خطة طويلة المدى لتحقيق النتائج المطلوبة.

وإذا أردنا أن نأخذ العبرة من الغير فأكبر مثال هو المنتخب الياباني الذي تطور بشكل كبير بخطة وضعتها الدولة لتطوير لعبة كرة القدم في البلاد مطلع التسعينات، فنشاهده الآن يقدم مسويات رائعة واكتسب سمعة كبيرة حول العالم، والمثال الآخر آيسلندا التي بعدد سكان لا يتجاوز 350 ألف نسمة وبلاعبين مغمورين وأغلبيتهم هاوون، ولكن بعقليات ناضجة وبعمل مدروس واستراتيجية واضحة تمكنوا من الصعود لكأس أمم أوروبا 2016، بل والتأهل للدور الـ8 والإطاحة بمهد الكرة المنتخب الإنجليزي، بالإضافة إلى أنهم يقدمون مستويات رائعة في أول مشاركة لهم في كأس العالم المقامة حالياً في روسيا، وأحرجوا المنتخب الأرجنتيني المدمج بالنجوم، كما أنهم يملكون فرصة التأهل للدور الـ16 على عكس منتخباتنا العربية التي فقدت كل الفرص في المونديال.