الرأي

أضواء على مستقبل الحياة البرلمانية في البحرين

أسدل الستار على الفصل التشريعي الرابع تمهيداً لفصلٍ جديدٍ في الحياة البرلمانية في البحرين يبدأ بعد الانتخابات التشريعية المقبلة. فقد مضى «16» عاماً على التجربة البرلمانية الحديثة في البحرين، وقد زاد الوعي لدى شريحةٍ كبيرة من الناخبين بشكلٍ كبيرٍ، إلا أن ذوي الأبصار مازالوا قلة. فالبصيرةُ هي أعلى درجات الوعي.

ويعد الغلاء المعيشي، والفساد الإداري، والأخطاء الطبية، والتوزيع الديموغرافي من القضايا الرئيسة التي تهم شريحة كبيرة من المواطنين. وهناك قضايا قديمة بعضها متراكمة والأخرى حساسة لا يمكن للمجلس الوطني بغرفتيه أن يعالجها، فالدواء موجودٌ لدى أصحاب الشأن.

ومن المشاكل التي تعرقل عجلة التقدم افتقاد بعض المعنيين في السلطتين التشريعية والتنفيذية لعقليةٍ سياسيةٍ خالصة، وغياب مبدأ الشراكة القائمة على المصلحة العامة. ونتيجةً لذلك، أصبح الوضع شبيهاً بمركبٍ صغيرٍ فيه عشرون رباناً.

ومن الأمور التي أثارت استغرابي ولم أجد لها تفسيراً عدم موافقة مجلس النواب على تعديل البند «ج» من المادة «57» من الدستور الخاصة بشروط الترشح لعضوية مجلس النواب، وذلك أثناء مناقشة مشروع التعديلات الدستورية في عام 2012. والنص الذي توصلت إليه لجنة الشؤون التشريعية والقانونية بمجلس النواب هو «أن يجيد قراءة اللغة العربية وكتابتها، وأن يكون حاصلاً على شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها على الأقل». فعدم الموافقة على النص المقترح سالف الذكر معناه التغاضي عن النقلات النوعية التي شهدها النظام التعليمي في البحرين عبر قرنٍ من الزمن بما في ذلك خفض نسبة الأمية إلى نحو 2 % وفقاً للتصريح الذي أدلى به أحد المسؤولين بوزارة التربية والتعليم لوكالة أنباء البحرين بتاريخ 14 يناير 2018، ونجاح الدولة في نشر التعليم في أنحاءٍ متفرقة من المملكة، وإقبال عددٍ كبيرٍ من المواطنين على التعليم الجامعي.

ولا شيء يسمو على المبادئ الأخلاقية. فإن تلاشت، فلا قيمة لقانونٍ أو تشريع. والمبادئ الأخلاقية ليست دستوراً مكتوباً أو قواعد مقننة أو تشريعاً قابلاً للتعديل، بل هي مبادئ مستمدة من تعاليم ديننا الحنيف وكذلك العادات الحسنة التي اتبعها الناس على مر السنين. هذه المبادئ حددت شكل الثوابت التي بينت العلاقة بين الحاكم والمحكوم، وعلاقة الفرد بالمجتمع، ودور الفرد في الحفاظ على الأمن والسلم الأهلي، وهي ذات الثوابت التي تُرجِمت إلى نصوصٍ تضمنها الدستور وميثاق العمل الوطني. ولا يمكن لأي نهجٍ إصلاحي أن يكون موفقاً ما لم يكن الجانب الأخلاقي ملازماً له.

لذا يجب أن يؤمن عضو مجلس النواب أو مجلس الشورى بالثوابت التي تحدثنا عنها للتو، ويدرك بأنه مسؤولٌ أمام الله عن أعماله، وأنه يمثل شعباً لا أفراداً.