أدلى الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك بشهادته اليوم، أمام المحكمة حول ثورة 25 يناير 2011، والرد على التهم الموجهة له في ما يعرف بمحاكمة القرن في مصر. وفور انتهاء مبارك من شهادته قرر قاضي محكمة الجنايات في قضية القرن التي يحاكم بها مبارك وعدد من رجالات السلطة بتأجيل نطق الحكم حتى 27 سبتمبر المقبل.وكان مبارك أدلى بشهادته موجها حديثه لهيئة المحكمة والقضاة، قائلا "لقد قررت أنا وأسرتي منذ تركت السلطة تحمل حملات تنتقص من إنجازاتي، بعد أن أمضيت 62 سنة في خدمة بلادي، بدءا بالقوات المسلحة ثم نائبا ثم رئيسا، وخضت كل حروب مصر بعد ثورة 23 يوليو ثم توليت قيادة حرب أكتوبر في عام "1973.وأضاف في كلمته التي كانت مكتوبة "ولم أكن يوما ساعيا وراء سلطة أو منصب، وتحملت مسؤولية الرئاسة خلفا للرئيس السادات وواجهت تحديات جسام، وتصديت لإسرائيل في سيناء حتى تم انسحابها، ثم انسحاب إسرائيل في طابا في 1989 واسترددنا كل أراضينا، دون أن أتهاون في حقوق الشعب الفلسطيني".وأكمل قائلاً "رفضت زيارة إسرائيل طالما بقي الاحتلال، وظل موقفي في قضية السلام، راعيا للمصالح الفلسطينية، ولم أتردد لحظة في دعم المحاصرين في غزة، لكني تصديت لأمن حدود مصر، حافظت على السلام، ولم أغامر بحياة المصريين، وحرصت على تطوير القوات المسلحة، عتادا وتسليحا وتدريبا، ليحمي أرضه وشعبه وسيادته".وتابع يقول "انتصرت مصر في حربها مع الإرهاب في الثمانينات والتسعينات كما ستنتصر في مواجهتها مع الإرهاب اليوم".وأضاف "أعدنا إعمار البنية المتهالكة والاقتصادية السيئة، ونجحنا في إسقاط ما يقرب 27 مليار دولار تمثل نصف ديون مصر، وفتحنا المناخ المناسب والجاذب للاستثمار.. وفتحت سياساتنا الاقتصادية ملايين البيوت المصرية، وحققنا أعلى احتياطي أجنبي وأعلى نمو في الدخل، دون أن تتخلى الدولة عن تحقيق الرعاية الاجتماعية".واستطرد قائلا "إنني لا أبالي في حملات البعض من خلال التعبئة ضد حربي في أكتوبر ومحاولة تشويه اسمي، ولا أبالي بأن يمحى اسمي كذلك من مشاريع قومية أو ثقافية فهي وغيرها ستظل باقية ضمن شواهد عديدة على اتساع أرض الوطن".وأضاف "أقمت سياسة مصر الخارجية على الندية والتكافؤ، فلم نكن يوما حليفا متهادنا أو متهاونا في الحفاظ على سيادة مصر واستعدت علاقاتي مع الدول العربية، وعلاقتها الإفريقية والأوروبية والعربية، ولم أقبل أي تدخل خارجي في الشأن المصري أو أي تواجد عسكري أو مساس بشريان حياتها نهر النيل، وحرصنا في نفس الوقت على تحديث البنية التحتية، وإتاحة مساحات غير مسبوقة في حرية الرأي العام والإعلام، محذرين من خلط الدين بالسياسة ومن انتكاسة للوراء مثلما حدث، وعندما قامت التظاهرات وقام البعض بالنهب وترويع للشعب، والتعدي على الممتلكات العامة، واقتحام للسجون وإحراق لأقسام الشرطة، أصدرت تعليماتي بنزول القوات المسلحة يوم 28 يناير بعد عجز الشرطة القيام بدورها".وواصل قائلاً "في إطار استجابتي لمطالب المتظاهرين، طرحت قرارات تضمن انتقالاً سلمياً للسلطة، في سبتمبر في 2011 وأعلنتها في أول فبراير، فسعى من أرادوا الانقضاض على الدولة الى تأجيج الأوضاع، بل الوقيعة بين الشعب والقوات المسلحة، ومع تفاقم الأحداث، اخترت طواعية التنازل عن حقي كرئيس للبلاد حقنا للدماء وكي لا تنجرف مصر لمنزلقات خطرة". مضيفا "اخترت بحس وطني أن أسلم السلطة والأمانة إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة ثقة بقدرتها بعبور شعب مصر إلى بر الأمان".وتابع "أقول بصدق إن ضميرنا الوطني يملي علينا إعادة قراءة الأحداث منذ بداية 2011، بعد أن تكشفت الأحداث، لم أتحدث لكي أستعرض لعطائي، فيظل عطاء مصر الأكبر، فهي الوطن والأرض والملاذ، إذ إنني أدافع عن نفسي اليوم، لا أدعي لنفسي الكمال، وأنا كغيري من البشر أصيب وأخطئ، لقد تحملت المسؤولية بشرف وإخلاص، وسوف يحكم التاريخ علي وعلى غيري بما لنا وما علينا، من المؤكد أن التوفيق لم يحالفني من بعض القرارات، وأن بعضها لم يرتق لتطلعات من بني وطني، لكني في كل قرار أو سياسة انتهجتها إنما توخيت صالح الشعب".وشدد على أن محمد حسني مبارك لم يكن ليأمر بقتل المتظاهرين، وإراقة دماء المصريين، وهو الذين أفنى عمره في مصالحهم، مبينا "إنني قضيت حياتي مقاتلا لأعداء الوطن هكذا عقيدتي وتربيتي منذ تخرجي من سلاح الطيران، ولم آمر بقتل أي مواطن مصري تحت أي ظروف أو أسباب، وحذرت مرارا من مخاطرها، ولم يكن لي أن أصدر إحداث فراغ أمني، وكم سعيت للحفاظ على سلامة مصر وأمنها القومي والشعبي، ولم أستغل المال العام، فلا الشرف العسكري يسمح لي ذلك، إنني كنت وسوف أظل حريصا على شرفي العسكري حتى الرمق الأخير".