في مقابلة شهيرة للإعلامية الأمريكية أوبرا وينفري مع الشاعرة والكاتبة الأمريكية العظيمة مايا أنجلو قدمت أنجلو مفهوما ًإنسانياً راقياً للتسامح والغفران، يقوم المفهوم على أن التسامح لا يعني أن تعود "مياهك إلى مجاريها" مع من اختلفت معه، ولا يعني أن تنسى ما حدث. بل أن تنتهي ممن أساء لك، وتتركه يغادرك.... ويذهب.
كيف نسامح نحن؟ قليلون هم الذين يعلنون أنهم قد غضبوا، ولن يسامحوا. وكثيرون لا يعلنونها، ويتصنعون التسامح، فقط، تماشياً مع الذوق العام. ونسبة متوسطة، هم الذين يكسرون ما بقي من قلوبهم المتشظية، ويتجرعون مرارة الألم... ويسامحون فعلاً. ويتسامحون بمعنى نسيان الإساءة والخديعة والآلام وبالتجاوز عن كل ذلك بإعادة تأويل الحكايات المتناقضة، أو بممحاة "المسامح كريم". إننا نتسامح بإعادة تأهيل ابتسامتنا التي تبعث بعد موتها عرجاء. وبإعادة تدوير ألفاظ "اللطافة" الجوفاء. إننا نعول على الزمن ليضمد جراحنا ويشفيها، ونراهن على من سامحناهم ليثمنوا لنا تسامي أرواحنا. ونكراننا لذواتنا. فماذا يحدث لنا إن عادت كرّة الخديعة والإساءة ؟!!
في حقيقة الأمر، إن التسامح بمعنى النسيان والتجاوز، لا يعالج الأورام التي أصابنا بها الآخرون. ما يحدث أننا نضغط على أورامنا لتغور تحت الجلد، أسفل الشرايين، بين الأنسجة، متوارية بالعظام ذات اليمين وذات الشمال. فإذا ما عادت إساءات من سامحناهم، انتفخت أورامنا القديمة أكثر، فمزقت الأنسجة وشرخت العظام، وتوشك أن تقطع شرايين قلوبنا، فتبلغ أرواحنا المهزومة الحناجر، وتحبس بين غصاتها. التجاوز عن إساءات الآخرين والمضي كأن شيئاً لم يحدث يثبت أن شعوراً (بكسر النفس) يفلت عن السيطرة ويعشعش في وجداننا، ويبقى يتخلق في الظلام متغذياً مع مشاعر الإحباط وعدم التقدير التي قد تهيئ لها الظروف أن تكبر... ثم تنفجر في سورة غضب عارمة... وفي التوقيت الخطأ!!
تقول مايا أنجلو: "أن نسامح لا يعني أن ننسى، لا يعني أن أتقاسم معك فنجان القهوة في المقهى. التسامح أن أنتهي منك... وأتركك تذهب". هذا التسامح الذي صاغته أنجلو هو "تسامح التطهير". وهو يتطلب أن يتقاسم المرء مع نفسه فنجان قهوته، ويصفي معها أحزانه وآلامه وآماله التي تحطمت، ويطهر روحه من كل علائق الجراح والآلام التي سببها له (أحدهم). يحتاج الأمر منا أيضاً، إعادة تثمين مواقع الأشخاص في حياتنا وأدوارهم. فليس كل شخص يستحق أن نبكي عليه، أو أن نعبأ بأفعاله. ثمة أشخاص يمكن انتزاعهم من حياتنا كما ننتزع صورة قديمة أو مملة من ألبوم صورنا. ولن يترتب على ذلك حدوث شيء. أبداً.
ولن يترتب عن هذا النوع من التسامح تقديم تنازلات كالسابق، ولن يترتب عنه أيضاً حبك خطط للانتقام. لأننا سوف نقابل من أساؤوا لنا وسامحناهم. ولن نتجاهلهم. لكننا سوف لن ننتبه لهم. سيصبحون غرباء دون تكلف منا. وقد نتبادل معهم تحية رسمية، لا تختلف عن التحية التي نتبادلها مع الغريب الذي يشاركنا المصعد ذات صدفة، أو حارس البناية الذي نضطر لإثبات لباقتنا له لضرورة دخول المبنى. هذا المنطق كفيل بأن يمنح السكينة لقلوبنا، والسلام لأرواحنا، وسنرتاح.... لأننا تمكنا من معالجة أسوأ عطب يودي بنا دائماً إلى إساءة البعض لنا. وهو تغير مواقعهم في حياتنا من الهامش إلى الصدارة. أو تخليهم، طواعية، عن مكانهم الأثير عندنا، الذي كانوا لا يستحقونه. كل ما في الأمر... أنهم سيعودون لمواقعهم الحقيقية،.. التي يستحقونها.... وسوف نرتاح نحن.
كيف نسامح نحن؟ قليلون هم الذين يعلنون أنهم قد غضبوا، ولن يسامحوا. وكثيرون لا يعلنونها، ويتصنعون التسامح، فقط، تماشياً مع الذوق العام. ونسبة متوسطة، هم الذين يكسرون ما بقي من قلوبهم المتشظية، ويتجرعون مرارة الألم... ويسامحون فعلاً. ويتسامحون بمعنى نسيان الإساءة والخديعة والآلام وبالتجاوز عن كل ذلك بإعادة تأويل الحكايات المتناقضة، أو بممحاة "المسامح كريم". إننا نتسامح بإعادة تأهيل ابتسامتنا التي تبعث بعد موتها عرجاء. وبإعادة تدوير ألفاظ "اللطافة" الجوفاء. إننا نعول على الزمن ليضمد جراحنا ويشفيها، ونراهن على من سامحناهم ليثمنوا لنا تسامي أرواحنا. ونكراننا لذواتنا. فماذا يحدث لنا إن عادت كرّة الخديعة والإساءة ؟!!
في حقيقة الأمر، إن التسامح بمعنى النسيان والتجاوز، لا يعالج الأورام التي أصابنا بها الآخرون. ما يحدث أننا نضغط على أورامنا لتغور تحت الجلد، أسفل الشرايين، بين الأنسجة، متوارية بالعظام ذات اليمين وذات الشمال. فإذا ما عادت إساءات من سامحناهم، انتفخت أورامنا القديمة أكثر، فمزقت الأنسجة وشرخت العظام، وتوشك أن تقطع شرايين قلوبنا، فتبلغ أرواحنا المهزومة الحناجر، وتحبس بين غصاتها. التجاوز عن إساءات الآخرين والمضي كأن شيئاً لم يحدث يثبت أن شعوراً (بكسر النفس) يفلت عن السيطرة ويعشعش في وجداننا، ويبقى يتخلق في الظلام متغذياً مع مشاعر الإحباط وعدم التقدير التي قد تهيئ لها الظروف أن تكبر... ثم تنفجر في سورة غضب عارمة... وفي التوقيت الخطأ!!
تقول مايا أنجلو: "أن نسامح لا يعني أن ننسى، لا يعني أن أتقاسم معك فنجان القهوة في المقهى. التسامح أن أنتهي منك... وأتركك تذهب". هذا التسامح الذي صاغته أنجلو هو "تسامح التطهير". وهو يتطلب أن يتقاسم المرء مع نفسه فنجان قهوته، ويصفي معها أحزانه وآلامه وآماله التي تحطمت، ويطهر روحه من كل علائق الجراح والآلام التي سببها له (أحدهم). يحتاج الأمر منا أيضاً، إعادة تثمين مواقع الأشخاص في حياتنا وأدوارهم. فليس كل شخص يستحق أن نبكي عليه، أو أن نعبأ بأفعاله. ثمة أشخاص يمكن انتزاعهم من حياتنا كما ننتزع صورة قديمة أو مملة من ألبوم صورنا. ولن يترتب على ذلك حدوث شيء. أبداً.
ولن يترتب عن هذا النوع من التسامح تقديم تنازلات كالسابق، ولن يترتب عنه أيضاً حبك خطط للانتقام. لأننا سوف نقابل من أساؤوا لنا وسامحناهم. ولن نتجاهلهم. لكننا سوف لن ننتبه لهم. سيصبحون غرباء دون تكلف منا. وقد نتبادل معهم تحية رسمية، لا تختلف عن التحية التي نتبادلها مع الغريب الذي يشاركنا المصعد ذات صدفة، أو حارس البناية الذي نضطر لإثبات لباقتنا له لضرورة دخول المبنى. هذا المنطق كفيل بأن يمنح السكينة لقلوبنا، والسلام لأرواحنا، وسنرتاح.... لأننا تمكنا من معالجة أسوأ عطب يودي بنا دائماً إلى إساءة البعض لنا. وهو تغير مواقعهم في حياتنا من الهامش إلى الصدارة. أو تخليهم، طواعية، عن مكانهم الأثير عندنا، الذي كانوا لا يستحقونه. كل ما في الأمر... أنهم سيعودون لمواقعهم الحقيقية،.. التي يستحقونها.... وسوف نرتاح نحن.