الرأي

الصرخة السعودية المدوية

قطرة وقت



تعليق المملكة العربية السعودية جميع شحنات النفط الخام التي تصدرها عبر مضيق باب المندب لا يعني أنها غير قادرة على حماية سفنها ولكنها صرخة في وجه السلبية التي تتيح للإرهابيين ممارسة عملياتهم الإرهابية بالكيفية التي يريدون، وهي دعوة قوية لكل ذوي العلاقة والمصلحة ليقوموا بواجبهم ويشاركوا في حماية الطاقة التي يحتاجونها، فالإرهاب الذي يمارسه الحوثيون لا يستهدف السعودية وحدها ولكن يستهدفهم جميعاً، أي أنهم متضررون أيضاً من هذا الذي يحدث وليس السعودية فقط.

القرار السعودي ليس اعترافاً بقوة ميليشيات الحوثي فهم ليسوا أقوياء، والإجرام الذي يمارسونه لا يمكن أن يحقق أهدافه، ولكن القرار جاء ليفضحهم وليوصل رسالة إلى العالم عن حجم الإرهاب الذي يمارسونه وحجم الدعم الذي يحصلون عليه من إيران بشكل خاص، فالحوثيون لا يمتلكون القوة التي تجعلهم قادرين على تنفيذ هذا النوع من العمليات وممارسة مثل هذا التهديد.

إعلان وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية السعودي المهندس خالد بن عبدالعزيز الفالح أن المملكة ستعلّق جميع شحنات النفط الخام التي تمر عبر مضيق باب المندب عبارة عن صرخة في وجه السلبية التي صارت تسيطر على سلوك الدول ذات العلاقة والمصلحة بالطاقة كي تتحمل مسؤولياتها وتشارك في عملية حماية مصالحها، ولكي يكون ذلك أيضاً رداً عملياً على التهديدات الإيرانية التي كثرت في الآونة الأخيرة ولم تستثنِ حتى الولايات المتحدة التي تستطيع بسهولة محو النظام الإيراني من الوجود.

تعرض ناقلتي النفط العملاقتين التابعتين للشركة الوطنية السعودية للنقل البحري واللتين تحملان أربعة ملايين برميل من النفط الخام لهجوم من قبل ميليشيات الحوثي الإرهابية في البحر الأحمر الأربعاء الماضي بعد عبورهما مضيق باب المندب والذي أسفر عن إصابة إحدى الناقلتين بإصابات طفيفة يعني أن الجميع صار مهدداً، فالنفط الذي كان يمكن أن ينسكب في المياه لو أن الإصابات كانت مباشرة وقوية لن يضر السعودية وحدها وأذاه سيطال الجميع؛ دول المنطقة والدول التي لها مصالح في المنطقة، وبالتالي فإن على الجميع من دون استثناء تحمل المسؤولية وتوفير الظروف الصحيحة والآمنة كي تتمكن دول المنطقة من تصدير النفط وليصل إلى وجهته في الوقت المحدد وبالكيفية التي ينبغي أن يكون عليها.

الهجوم على الناقلتين كان يمكن أن يؤدي إلى كارثة بيئية، واستمرار ذوي العلاقة في سلبيتهم يعني أنهم سيظلون مهددين وقد تتمكن تلك الميليشيات من التحكم في البحر وفرض كل ما تريد فرضه، لهذا جاء القرار السعودي، ولهذا كان قوياً وبمثابة الصرخة التي من شأنها أن تجعل الجميع يتحملون مسؤولياتهم ويشاركون في حماية المنطقة والإنسان، فعندما تقول السعودية إنها قررت تعليق جميع شحنات النفط الخام التي تمر عبر مضيق باب المندب "إلى أن تصبح الملاحة خلال المضيق آمنة" يعني أنه حان الوقت لوضع حد لتهديدات الميليشيات الحوثية الإرهابية على ناقلات النفط الخام ووضع حد للإرهاب في كامل المنطقة وإلا فإن حركة التجارة العالمية والملاحة بمضيق باب المندب والبحر الأحمر ستتأثر وستستمر التهديدات ولن يتوفر الأمان الذي من دونه لا يمكن تصدير النفط ولا يمكن وصوله إلى الوجهات المقصودة.

القرار السعودي جاء من أجل سلامة كل الناقلات وطواقمها ولتجنب حوادث انسكاب النفط الخام في المياه، ومن أجل جعل الملاحة خلال المضيق آمنة... ولتنتبه دول المنطقة والدول الكبرى التي لها مصالح في المنطقة وتحتاج النفط إلى أن عليها مسؤوليات يجب أن تمارسها وأنها جميعها تتضرر من غياب الأمن والأمان في هذه المياه وهذه المنطقة، فالسلبية توفر الظروف المناسبة لميليشيات الحوثي ولغيرها من الميليشيات التابعة لإيران ولغير إيران كي تحيا وتنتعش وتمارس العمليات الإرهابية التي من دونها تموت.