يدور هذه الأيام الحديث الكثير في الصحافة الخليجية ووسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام الأخرى عن البعض من أصحاب الشهادات الأكاديمية.. وخصوصاً ذوي المؤهلات العلمية العليا.. والذين حصلوا عليها بطرق غير مشروعة، مما جعلهم في نظر الناس والقانون "مزورين".
إن قضية الشهادات العليا وحتى الجامعية ليست بالجديدة.. فهي تطفو فوق السطح من حين لآخر، فقد أثيرت عدة مرات ومرات.. ودارت حولها الشبهات.. وحول العديد من أصحاب تلك الشهادات ممن أخذوا تلك المؤهلات بدون وجه حق.. الحقيقة التي يجب أن ننوه إليها.. بأن هذا الوضع كان، وليس أصبح.
فالجدير بالذكر أن وزارة التربية والتعليم متمثلة في اللجنة الوطنية لمعادلة الشهادات، والأمانة العامة لمجلس التعليم العالي، تقوم بدور الرقابة الصارمة والشديدة من خلال إجراءات لفحص الشهادات، والجامعات والبرامج من حيث المحتوى والزمن، من قبل مجموعة من المختصين والمسؤولين الأكفاء.. وتمر حالياً المؤهلات الأكاديمية بلجان فحص واختبار لسلامة المؤهل.. مما يعرض الوزارة أحياناً إلى اتهامها من قبل بعض الجهات والمتابعين بالمماطلة في التصديق.. وهم لا يعلمون بأن تلك الإجراءات تستدعي جهداً ووقتاً كبيرين لحماية مؤهلاتهم وسنين تعليمهم.. والذي يجب أن يشكر عليه القائمون بهذا الدور الكبير في مواجهة هذا الوباء الخطير الذي يشكل خطراً وتهديداً للمجتمع.
ولكن بالرغم من كل هذا الحرص الشديد والتمحيص الدقيق للمؤهلات العلمية.. إلا أن هناك من فلت من هذا النظام قبل تطبيقه.. فأين هم من فلتوا من هذا النظام؟ وهل من تقلّد منهم بوجاهة اللقب العلمي غير المستحق.. نعم بالمنصب وظلم بذلك من يستحق؟؟ ونسي بأن هذا اللقب غير حقيقي ومزور؟ وهل هناك من لم يتم تصديق شهاداته إلى اليوم، وهو يتقلد مناصب عليا، حيث لا يمكن مسه من قبل قانون التصديق؟ فأين هي القيم وأين هو الضمير؟؟
إننا نحرص على تعليم أبنائنا التعليم الذي يؤهلهم لخدمة وطنهم ومجتمعهم.. سواء داخل الوطن أو خارجه.. ونربّيهم على القيم الإنسانية العالية كالصدق والنزاهة والأمانة وغيرها.. لنحمي بهم الوطن ونحميهم في الوقت ذاته ممن يحاول اختراق هذا الحصن من المبادئ لتدمير هذه القيم.. والإغواء بقيم أخرى مضللة.. ومغلفة بإغراءات تحرك الخيالات النائمة لدى البعض.. بأوهام يمكن تحقيقها عن طريق المال - ممن يتوفر لديه هذا المال - كطريق للحصول على الوجاهة الاجتماعية، عند الحصول على هذه المؤهلات والألقاب العلمية المزيفة.
إن المال عندما يتوفر يجب أن يكون عاملاً للبناء المجتمعي والتعمير.. وليس طريقاً لهدم القيم والتدمير.. فالخطر يكمن هنا.. والحرص يبدأ من هنا.. فالخوف من استشراء هذا الاتجاه في المجتمع.. حيث هناك من يجد ويجتهد ويقاسي متاعب الغربة من أجل الحصول على المؤهل العلمي الذي يحقق من خلاله ذاته ويخدم وطنه.. وهناك من يختصر الطريق وهو في مكانه للحصول على نفس هذا المؤهل ظناً منه أن المسألة ليست سوى لقب علمي يمكن الحصول عليه بطرق غير مشروعة.. وعصابات التزوير تعرف كيف تصل إلى هؤلاء الناس من ضعاف النفوس وتدغدغ مشاعرهم وتسهل لهم طريق الوصول إلى هدفهم.
إذا كانت الإجراءات الرسمية المتبعة حالياً في تقييم المؤهلات العلمية يعتبرها البعض شديدة ومعقدة.. فإننا نطالب بمزيد من الشدة والتعقيد والصرامة والتدقيق والتمحيص في كل مؤهل علمي قبل صدور ما يؤكد صحته.. كي نحمي التجربة الثرية والغنية من مسيرة التعليم في بلادنا والتي يشهد لها الجميع بالنزاهة.. ونحمي المجتمع من خطر عصابات تزوير المؤهلات التي تتداعى قصصها في المنطقة من خلال وسائل الإعلام المختلفة.. ونقطع الطريق أمام أهدافهم الشريرة.. ليطمئن الجميع بأنه في النهاية لا يصح إلا الصحيح.. ولا يستحق المؤهل واللقب العلمي إلا من حصل عليه بالشكل المشروع والقانوني والصحيح.