ناقشت ندوة "الراهن الروائي"، التي أقيمت ضمن فعاليات اختيار الشارقة ضيف شرف الدورة 25 من معرض ساوباولو للكتاب، الإمكانات السردية والفنية التي مكنّت الرواية من تصدر المشهد الإبداعي العربي والدولي، وأثر إقبال القراء عليها، وتاريخ حضورها في المنجز الإبداعي لدولة الإمارات.

واستضافت الندوة، التي أدارتها الكاتبة أسماء الزرعوني، كل من الكاتب والإعلامي ناصر الظاهري، والشاعر والروائي سلطان العميمي، اللذان سلطا الضوء على الدور الذي تلعبه الرواية في المشهد الثقافي العربي، والأثر الذي تحدثه في نفوس القراء من خلال المضامين السردية التي تشتمل عليها، وقدرة الصياغة على خلق واقع على صفحات الورق.

وقدّم الظاهري في مداخلته، قراءة تاريخية لظهور الرواية في الأدب الإماراتي، مشيراً إلى أنه لا يمكن الحديث عن الرواية في الإمارات من دون الحديث عن التعليم، والقصة القصيرة، مؤكداً أن الرواية الإماراتية خرجت من معطف القصة القصيرة، وساهم في تشكل تجاربها تنامي الاهتمام بالتعليم، وظهور المؤسسات الإعلامية والصحفية في الدولة.

وقال الظاهري: "مع ازدياد الاهتمام في التعليم وابتعاث الكثير من الطلاب الإماراتيين إلى البلدان العربية والغربية لإتمام دراستهم، ظهرت مؤسسات إعلامية ترعى المثقفين والكتّاب، وتقدم تجاربهم للقراء، الأمر الذي أسفر عن بروز جيل من الأسماء المشغولة في كتابة القصة، غالبهم كان من الصوت النسائي".

وأضاف: "شكلت تلك التجارب القصصية الروافد الأول للرواية فيما بعد، إذ تحول الكثير من القصاصين إلى كتابة الرواية، وذلك بعد أن احتكوا بالثقافة العربية والعالمية، وباتوا على تماس مع متغيرات الحراك الإبداعي، الأمر الذي أفضى إلى تشكل جيل من الروائيين ظهر بالتوازي مع تنامي حركة النشر، وسرعان ما بات يأخذ شكله وينتج أجيالاً من الكتّاب الشباب الذين استسهلوا الكتابة الروائية".

من جانبه قال سلطان العميمي في رده على سؤال حول أسباب انتشار الرواية: "إن الرواية يمكنها أن تجسر الهوّة بين القارئ والواقع المحيط به، فهي تملك مفاتيح اللعب من خلال الحبكة التي يتركها الكاتب على الورق"، لافتاً إلى أن الرواية هي خليط تمتزج به الأجناس الأدبية، إذ يمكن أن تكون فضاءً رحباً يحلق فيه الكاتب حيثما يريد، مؤكداً أن المساحة التي تمنحها الرواية للأديب والكاتب كبيرة.

وأكد العميمي أنه لا يوجد شروط ومعايير محددة لنجاح العمل الروائي، فالكثير من العوامل تتدخل في تحديد نجاح الرواية من عدمه، منها طبيعة الجمهور، والظروف التي كتبت فيها، والموضوع الذي تتناوله، والفترة الزمنية التي نشرت خلالها، لافتاً إلى أن الكثير من الكتاب اشتهرت أعمالهم بعد وفاتهم، وآخرون نجحت لهم رواية واحدة، ولم تلق أي رواية أخرى رواجاً، فيما أنتج الكثير من الروائيين أعمالاً روائية، وظل عمل واحد لهم هو المسيطر على تجربتهم كاملة، إلى جانب أولئك الكتّاب الذين تكاد كل أعمالهم ناجحة.

وقال العميمي، إن الرواية ليست منتشرة في العالم العربي وحسب، وانتشارها ليس وليد العقد الأخير من الأدب العربي، وإنما انتشارها له حضوره التأريخي والطاغي في العالم الغربي منذ قرن من الزمن، إضافة إلى أن الاحتفاء بها لم يكن عربياً وحسب، فهو عالمي، ويظهر ذلك في تتبع أشهر الجوائز الأدبية، إذ غالبها تذهب للرواية، ومثال ذلك جائزة نوبل للآداب، حيث ظل الروائيون هم المسيطرون عليها.