القاهرة – عصام بدوي
أثار مقتل أسقف مصري على يد راهب، جدلاً واسعاً بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، وهزت الوسط الكنائسي في البلاد، خاصة أن الواقعة حدثت في 29 يوليو الماضي، إلا أن الغموض الذي أحاط الجريمة أوجد هذا الجدل، بينما المفاجآت التي كشفت عنها التحقيقات كانت البطل الحقيقي وراء ارتفاع مؤشر الجدل واستمراره في نفس الوقت.
وتعود الواقعة لـ29 يوليو الماضي عندما وجد الأنبا إيبيفانيوس "68 عاماً" رئيس دير أبو مقار بوادي النطرون، التابعة لمحافظة البحيرة غرب القاهرة غارقاً في بركة من الدماء ومهشم الرأس.
وبدأت الأجهزة الأمنية تحرياتها داخل الدير بعد استبعاد أن يكون الحادث إرهابياً، نظراً لأن منطقة مقتل الأنبا من المناطق المحظور دخولها لغير الرهبان، وأيضاً لأنه كان من الواضح أن القاتل كان على دراية كاملة بمكان الأسقف وتوقيت خروجه والطريق الذي يسلكه إلى الكنيسة.
وبعد الاستماع لشهادات الرهبان وعمال الدير، بدأت الخيوط تشير إلى عدد من الرهبان الذين كانوا على خلاف مع الأسقف أو سبق أن عبروا عن رفضهم له ولتوجيهاته، فتم وضع ستة رهبان تحت التحقيق المطول الذي استمر لأكثر من 20 ساعة.
وهنا برز اسم الراهب اشعياء، والذي سبق وحاول الأسقف تجريده عدة مرات لارتكابه مخالفات ضد قانون الرهبنة، وكان دائم الإثارة للمشاكل، ومتمرد على حياته الرهبنية، وسبق أن صدر قرار ضده بالفعل في فبراير الماضي لإبعاده عن الدير، ولكن تدخل الرهبان مع التماس الراهب وبكائه للأسقف، ساهم في إعطائه فرصة أخرى للتوبة، ولكن دون جدوى، حيث اعتاد الراهب الخروج من الدير دون إذن الأسقف.
وتم التحقيق مع الراهب في مخالفات أخرى، لكن أخلي سبيله ليعود إلى الدير، ثم حاول الراهب الانتحار عن طريق شرب مبيد حشري، إلا انه تم إنقاذه عن طريق الأمن بعلاجه فى مستشفى دمنهور عاصمة محافظة البحيرة، ليتم التحقيق معه في محاولة الانتحار.
في اليوم التالي لمحاولة انتحاره، صدر قرار لجنة شؤون الأديرة والرهبنة بتجريده، لارتكابه تجاوزات تخالف قوانين الرهبنة، وبعد تجريد الراهب تم اقتياده من قبل الأمن الى مقر أمنى بدمنهور، لتبدأ عمليات تحقيق موسعة ومواجهته بالأدلة، وأقوال الشهود، فلم يستطيع الصمود حتى اعترف بشكل صريح بجريمته وأرشد على أداة الجريمة، وبالفعل تم العثور على الأداة بناءً على اعترافه، وهي قضيب حديد مستطيل في مخزن الخردة بالدير.
وفى اليوم التالي، حاول راهب يدعى فلتاؤس، وهو ممن تم التحقيق معهم في جريمة القتل، الانتحار بقطع شرايين يده وإلقاء نفسه من الطابق الرابع بالدير، ليتم نقله لمستشفى الأنجلو أمريكان، حيث أصيب بكسور في الحوض والساق وبعض الفقرات.
وانتقل فريق من نيابة وادي النطرون، وتم الاستماع لأقوال الراهب، بعد أن سمحت حالته الصحية بذلك ولم تكشف النيابة عن طبيعة أقوال الراهب فلتاؤس الذى يبلغ من العمر 33 عامًا وأصبح راهبا بالدير سنة 2010، ثم طالبت النيابة تقديم تحريات الشرطة حول الواقعة والتحري حول آخرين ربما يكونوا على صلة بالجريمة.
ووجّهت النيابة العامة المصرية إلى الراهب تهمة "القتل العمد" وأصدرت بحقّه قراراً وجاهياً بالحبس الاحتياطي في قضية مقتل الأسقف.
وأعلن المحامي أمير ناصيف وكيل الدفاع عن المتهم إن الراهب أشعياء المقاري مثُل أمام النيابة العامة في الإسكندرية التي وجّهت إليه تهمة القتل العمد وأودعته الحبس الاحتياطي على ذمة التحقيق.
وقال المحامي إن النيابة العامة وجّهت إلى موكله "للمرة الأولى تهمة القتل العمد، وصدر قرار ضده بالحبس الاحتياطي لمدة أربعة أيام".
وأضاف إنه يتوقّع "تجديد حبسه لمدة 15 يوماً".
وكانت الكنيسة القبطية فرضت، إثر العثور على الأسقف جثة هامدة، سلسلة قيود على أنشطة الرهبان، من بينها إمهالهم شهراً واحداً لإغلاق كل حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، بحسب وسائل الإعلام الحكومية.
وبالفعل فقد أغلق البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية، وبطريرك الكرازة المرقسية، شخصياً صفحته الرسمية على موقع "فيسبوك".
وفي ظل الصمت المطبق الذي أحاطت به الكنيسة القبطية إجراءاتها هذه، فإن مقتل الأسقف إيبيفانيوس قد يكون مرتبطاً بخلافات داخل الكنيسة.
يذكر أن البابا تواضروس وصف الجريمة في العظة الأسبوعية بالحادث المؤلم، وأنه يجب النظر له كجريمة، كم وصفه بالحادث لأنه وقع في دير وفي حق رئيس دير.
ولم تُصدِر الكنيسة الأرثوذكسية، بيانات للتعليق على حادثتَي الانتحار، إلا أن المتحدث الرسمي باسمها، القس بولس حليم، ذكر أن تجريد الراهب أشعياء المقاري جاء لأسباب رهبانية بحتة، ولا علاقة للقرار بالتحقيقات التي تجريها نيابة وادي النطرون في واقعة قتل الأنبا إبيفانيوس، والتي ترجح اشتراك أكثر من شخص في واقعة قتله.
ولطالما مثّل دير الأنبا مقار صداعا في رأس الكنيسة الأرثوذكسية المصرية، على وقع الخلاف بين البابا شنودة ومتى المسكين على كرسي الباباوية في عام 1971، والذي وصل ذروته في عام 1981، عندما حدد الرئيس الراحل، أنور السادات، إقامة شنودة في دير اﻷنبا بيشوي، ضمن ما عُرف بـ"اعتقالات سبتمبر"، وتكليفه آنذاك اﻷب متى بإدارة أمور الكنيسة، والذي كان بمثابة اﻷب الروحي لدير اﻷنبا مقار.
أثار مقتل أسقف مصري على يد راهب، جدلاً واسعاً بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، وهزت الوسط الكنائسي في البلاد، خاصة أن الواقعة حدثت في 29 يوليو الماضي، إلا أن الغموض الذي أحاط الجريمة أوجد هذا الجدل، بينما المفاجآت التي كشفت عنها التحقيقات كانت البطل الحقيقي وراء ارتفاع مؤشر الجدل واستمراره في نفس الوقت.
وتعود الواقعة لـ29 يوليو الماضي عندما وجد الأنبا إيبيفانيوس "68 عاماً" رئيس دير أبو مقار بوادي النطرون، التابعة لمحافظة البحيرة غرب القاهرة غارقاً في بركة من الدماء ومهشم الرأس.
وبدأت الأجهزة الأمنية تحرياتها داخل الدير بعد استبعاد أن يكون الحادث إرهابياً، نظراً لأن منطقة مقتل الأنبا من المناطق المحظور دخولها لغير الرهبان، وأيضاً لأنه كان من الواضح أن القاتل كان على دراية كاملة بمكان الأسقف وتوقيت خروجه والطريق الذي يسلكه إلى الكنيسة.
وبعد الاستماع لشهادات الرهبان وعمال الدير، بدأت الخيوط تشير إلى عدد من الرهبان الذين كانوا على خلاف مع الأسقف أو سبق أن عبروا عن رفضهم له ولتوجيهاته، فتم وضع ستة رهبان تحت التحقيق المطول الذي استمر لأكثر من 20 ساعة.
وهنا برز اسم الراهب اشعياء، والذي سبق وحاول الأسقف تجريده عدة مرات لارتكابه مخالفات ضد قانون الرهبنة، وكان دائم الإثارة للمشاكل، ومتمرد على حياته الرهبنية، وسبق أن صدر قرار ضده بالفعل في فبراير الماضي لإبعاده عن الدير، ولكن تدخل الرهبان مع التماس الراهب وبكائه للأسقف، ساهم في إعطائه فرصة أخرى للتوبة، ولكن دون جدوى، حيث اعتاد الراهب الخروج من الدير دون إذن الأسقف.
وتم التحقيق مع الراهب في مخالفات أخرى، لكن أخلي سبيله ليعود إلى الدير، ثم حاول الراهب الانتحار عن طريق شرب مبيد حشري، إلا انه تم إنقاذه عن طريق الأمن بعلاجه فى مستشفى دمنهور عاصمة محافظة البحيرة، ليتم التحقيق معه في محاولة الانتحار.
في اليوم التالي لمحاولة انتحاره، صدر قرار لجنة شؤون الأديرة والرهبنة بتجريده، لارتكابه تجاوزات تخالف قوانين الرهبنة، وبعد تجريد الراهب تم اقتياده من قبل الأمن الى مقر أمنى بدمنهور، لتبدأ عمليات تحقيق موسعة ومواجهته بالأدلة، وأقوال الشهود، فلم يستطيع الصمود حتى اعترف بشكل صريح بجريمته وأرشد على أداة الجريمة، وبالفعل تم العثور على الأداة بناءً على اعترافه، وهي قضيب حديد مستطيل في مخزن الخردة بالدير.
وفى اليوم التالي، حاول راهب يدعى فلتاؤس، وهو ممن تم التحقيق معهم في جريمة القتل، الانتحار بقطع شرايين يده وإلقاء نفسه من الطابق الرابع بالدير، ليتم نقله لمستشفى الأنجلو أمريكان، حيث أصيب بكسور في الحوض والساق وبعض الفقرات.
وانتقل فريق من نيابة وادي النطرون، وتم الاستماع لأقوال الراهب، بعد أن سمحت حالته الصحية بذلك ولم تكشف النيابة عن طبيعة أقوال الراهب فلتاؤس الذى يبلغ من العمر 33 عامًا وأصبح راهبا بالدير سنة 2010، ثم طالبت النيابة تقديم تحريات الشرطة حول الواقعة والتحري حول آخرين ربما يكونوا على صلة بالجريمة.
ووجّهت النيابة العامة المصرية إلى الراهب تهمة "القتل العمد" وأصدرت بحقّه قراراً وجاهياً بالحبس الاحتياطي في قضية مقتل الأسقف.
وأعلن المحامي أمير ناصيف وكيل الدفاع عن المتهم إن الراهب أشعياء المقاري مثُل أمام النيابة العامة في الإسكندرية التي وجّهت إليه تهمة القتل العمد وأودعته الحبس الاحتياطي على ذمة التحقيق.
وقال المحامي إن النيابة العامة وجّهت إلى موكله "للمرة الأولى تهمة القتل العمد، وصدر قرار ضده بالحبس الاحتياطي لمدة أربعة أيام".
وأضاف إنه يتوقّع "تجديد حبسه لمدة 15 يوماً".
وكانت الكنيسة القبطية فرضت، إثر العثور على الأسقف جثة هامدة، سلسلة قيود على أنشطة الرهبان، من بينها إمهالهم شهراً واحداً لإغلاق كل حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، بحسب وسائل الإعلام الحكومية.
وبالفعل فقد أغلق البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية، وبطريرك الكرازة المرقسية، شخصياً صفحته الرسمية على موقع "فيسبوك".
وفي ظل الصمت المطبق الذي أحاطت به الكنيسة القبطية إجراءاتها هذه، فإن مقتل الأسقف إيبيفانيوس قد يكون مرتبطاً بخلافات داخل الكنيسة.
يذكر أن البابا تواضروس وصف الجريمة في العظة الأسبوعية بالحادث المؤلم، وأنه يجب النظر له كجريمة، كم وصفه بالحادث لأنه وقع في دير وفي حق رئيس دير.
ولم تُصدِر الكنيسة الأرثوذكسية، بيانات للتعليق على حادثتَي الانتحار، إلا أن المتحدث الرسمي باسمها، القس بولس حليم، ذكر أن تجريد الراهب أشعياء المقاري جاء لأسباب رهبانية بحتة، ولا علاقة للقرار بالتحقيقات التي تجريها نيابة وادي النطرون في واقعة قتل الأنبا إبيفانيوس، والتي ترجح اشتراك أكثر من شخص في واقعة قتله.
ولطالما مثّل دير الأنبا مقار صداعا في رأس الكنيسة الأرثوذكسية المصرية، على وقع الخلاف بين البابا شنودة ومتى المسكين على كرسي الباباوية في عام 1971، والذي وصل ذروته في عام 1981، عندما حدد الرئيس الراحل، أنور السادات، إقامة شنودة في دير اﻷنبا بيشوي، ضمن ما عُرف بـ"اعتقالات سبتمبر"، وتكليفه آنذاك اﻷب متى بإدارة أمور الكنيسة، والذي كان بمثابة اﻷب الروحي لدير اﻷنبا مقار.