تعريف دارج في الاقتصاد السياسي التقليدي أن البطالة هي عدم العمل مع الرغبة فيه وهو التعريف الذي أخذت به منظمة العمل الدولية، حيث عرفت العاطل بأنه كل من هو قادر على العمل وراغب فيه ويبحث عنه ويقبله عند مستوى الأجر السائد، ولكن دون جدوى، غير أن هذا التعريف كما هو واضح يستبعد الذين لا يرغبون في العمل وهو بهذا يربط العمل بالأجر لأن الذين لا يرغبون بالعمل هم الذين تتوافر لديهم المقدرة على الإنفاق بدون أن يعملوا أو غير راغبين في العمل لأسباب أخرى، وهو بهذا يضيف ربات البيوت وأفراد العائلة الذين يعملون في المنازل بدون أجر للعاطلين عن العمل، وأهم أنواع البطالة هما البطالة الظاهرة والبطالة المقنعة والأولى هي عدم القيام بأي عمل مع المقدرة عليه نتيجة سببين: السبب الأول، هو عدم وجود مجال للعمل المنتج، والسبب الثاني، عدم توافر موارد للإنفاق بدون عمل، أما الثانية فهي أن العاملين لا ينتجون إنتاجاً متكافئاً مع مقدرتهما، وأنهم لا يعملون أصلاً، وهي تقوم في حالتين: الأولى، هي زيادة عرض العمل عن الطلب الفعلي، والثانية، هي انعدام الميزة النسبية والمهارة المتفقة مع فرص العمل المتاحة، ومن أشكالها: البطالة الموسمية، والعمل بالمهن الهامشية، والبطالة المقنعة بالبيروقراطية، ممثلة في وجود موظفين لا يعملون شيئاً سوى البقاء في مكاتبهم لتبرير قبضهم لمرتباتهم مع تعطيلهم لزملائهم من الموظفين العاملين المنتجين حقاً، والتعريف الذي نأخذ به هو تعريف البطالة بأنها عدم القيام بعمل منتج مع توافر المقدرة الذاتية عليه، وبناءً على هذا التعريف فإن البطالة تفترض مقدرة ذاتية على العمل، فهي لا تقوم بالنسبة للأطفال والشيوخ والعجزة، كما أن البطالة ليست مرتبطة بالعمل من حيث هو مجرد جهد مبذول لأن كل الناس يعملون ولا يوجد على وجه الأرض من لا يعمل إلا العاجزون كلياً، إنما ترتبط البطالة بالعمل المنتج أي الجهد المبذول في الإنتاج الاقتصادي، والبطالة هي من أكثر مشاكل العالم انتشاراً وتنتشر البطالة في العديد من الدول وبشكل كبير جداً مما ينتج عنه مشاكل عديدة في الاقتصاد، فهي من أخطر المشاكل التي تهدد استقرار وتماسك المجتمعات، وأثرت الحروب والدمار الذي تبعها إلى زيادة البطالة، بالإضافة إلى عوامل أخرى أدت إلى زيادة البطالة في المجتمعات، وأحد أهم أسباب البطالة النمو السكاني حيث تزيد أعداد الشباب الباحثين عن العمل مع قلة مصادر العمل وقلة إمكانية استغلال هذه الموارد البشرية في الأعمال، ومن أسباب البطالة أيضاً التعليم، حيث يؤثر التعليم ومستواه في سوق العمل، ففي وقتنا الحالي يتطلب سوق العمل درجة معينة من التعليم لتلبية احتياجات السوق.
والبطالة أنواع، فقد تكون بطالة دورية متزامنة مع الدورة الاقتصادية للبلدان، ويمكن أن تكون بطالة احتكاكية فهي تتشكل بسبب التنقلات بين العاملين وتغيير المهنة، أما النوع الثالث، فيُسمى البطالة الهيكلية، وهي بطالة تصيب جانباً من العمال وتحدث نتيجةً لتغيرات هيكلية على مستوى الشركة وإعادة الهيكلة فيها مما يؤدي إلى تسريح عدد من الموظفين وإقالتهم، وكثيراً ما نسمع عن البطالة المقنعة أو المستترة وهي تشغيل عدد من الموظفين الزائدين عن حاجة العمل مما يعني وجود فائض من الموارد البشرية التي تزيد عن حاجة العمل لهم، وكثيراً ما يسود هذا النوع من البطالة في الدوائر الحكومية والقطاع العام، والبطالة ليست من الأمور البسيطة التي يمكن السكوت عليها أو التقليل من آثارها المدمرة، فهي من أهم أسباب الفقر وتفشي السرقة والجريمة والمخدرات والتطرف والقلاقل الداخلية، لذا يجب أن يكون لها الأولوية في المكافحة، والبطالة تزداد بزيادة عدد السكان وكثرة الوافدين يوماً بعد يوم، ومع بالغ الاحترام لجميع الأمم والشعوب والإنسان أينما كانوا، خاصة تلك التي تربطها مع البحرين علاقات صداقة وثقافة ومصالح، فإن هذا التدفق الهائل من العمالة الوافدة من جميع أقطار آسيا وأفريقيا أمر يدعو للقلق والتفكير لماذا هذا الانفتاح المفرط نحو وفود واستقدام العمالة من قبل البحرين بكامل القطاعات الصناعية والزراعية والسياحية والإنشائية والخدمية والترفيهية والعقارية والفنادق والمطاعم والمستشفيات وكل مكان، وكأن البلاد ليس فيها قوى عاملة من أي نوع، فهذا الحال غير الاعتيادي يثير العديد من الأسئلة الخطيرة وعلى النحو التالي:
أولاً: ما هي الكلفة الاقتصادية الحقيقية لهذا الاستقدام على المدى المتوسط والبعيد؟ آخذين بعين الاعتبار تحويلات العمالة وكلفة الأمن والصحة والبيئة والمياه والطاقة والموارد الأخرى؟ وهل قامت الوزارات والمؤسسات ذات العلاقة بحساب الكلفة الاقتصادية الحقيقية للعمالة الوافدة كل في قطاعها لتكون لدينا أرقام مرجعية عن القيمة المضافة الفعلية يمكن بناء السياسات على ضوئها؟
ثانياً: ما هو التأثير الفعلي الحقيقي على حالة البطالة بين البحرينيين؟ وما كلفتها الاقتصادية والاجتماعية والأمنية؟ وما هي الوسيلة للتعامل معها من منظور إيجابي تعاوني تشاركي وليس من منظور المنع والسماح والقبول والرفض، فهل يعقل أن تطلب صناعات عديدة استقدام عمالة من بنغلادش أو الهند «مع احترامنا» في الوقت الذي يعاني آلاف البحرينيين من البطالة؟
ثالثاً: ما هي التأثيرات الصحية والسلوكية والاجتماعية لكل هذه الأعداد الضخمة على المجتمع البحريني؟ وكيف يمكن تلافي السلبيات ووضع الضوابط التي تحول دون انتشار المشكلات التي قد تؤدي إلى تشوهات كثيرة ابتداء من التطرف نتيجة للإحباط والبطالة وانتهاء بالأمراض المزمنة، لنكتشف بعد 20 سنة أن الشعب البحريني لم يعد هو الذي نعرفه،
رابعاً: ما هو تأثير كل ذلك على الأمن الإداري والعسكري والمجتمعي؟ ما هو تأثير ذلك على انتشار الجريمة والتهريب والمخدرات والتزوير والفساد والعالم السفلي والالتزام بالقانون والنظام؟
خامساً: إن استمرار العمالة الوافدة على هذا النحو سوف يؤدي، في ظروف عدم قدرة العمالة الوطنية على المنافسة إلى تمكن الوافدين من العديد من المهن والسيطرة عليها، لتتضاءل أعداد المهنيين البحرينيين ما يؤدي إلى اختفائهم في بعض المهن إلى درجة تحدث خللاً في هرم العمالة الوطنية، فلا بد من إقفال باب استقدام العمالة إلا في أضيق الحدود، فالعمالة الرخيصة تأخذ من المواطن فرصة العمل، وتعود الناس على الكسل وتزدحم بهم الشوارع، ويكون منهم سيئ الخلق، فالمشكلة تتمثل في غياب الاستعداد للدراسات التفصيلية القطاعية وتحت القطاعية ومن ثم وضع الخطط والمخصصات اللازمة للمواجهة والتغيير، والتي هي بطبيعتها خطط اجتماعية اقتصادية تأهيلية مركبة، ولا بد أن يكون لدى الحكومة الاستعداد لوضع الخطط المشتركة بالتعاون مع القطاع الخاص والقيام بالتأهيل والتدريب والدعم اللازم بالتعاون مع مؤسسات التدريب والمؤسسات المالية والإسكانية والأكاديمية، وحسب المتعارف إذا أردنا أن نوجد حلا لأي مشكلة قائمة فلدينا أكثر من وسيلة، لكن أهم الوسائل وأنجعها هي الحلول العلمية البعيدة عن الارتجال والتخمين، فالقرارات الفجائية في هذه المسألة ليست مطلوبة حتى لو كانت صحيحة بالمطلق أو بشكل عام، فالفجائية والفورية تحولها إلى قرارات غير صحيحة، فلا تستطيع الحكومة ولا ينبغي أن تعطل مرافق إنتاجية او خدمية بوقف فجائي لتصاريح عمالها، ولكن تستطيع برمجة الاحتياجات من خلال التفاهم مع غرفة الصناعة والتجارة والنقابات والجمعيات المهنية وجميع المرافق التي تستخدم عمالة وافدة على خطط مشتركة لإحلال عمالة بحرينية خلال فترة زمنية معقولة تتراوح من 5 إلى 10 سنوات، وخلال هذه الفترة يتم تأهيل العمالة البحرينية مهنياً ومهاراتياً ونفسياً وسكنياً ومادياً لأن تأخذ دورها ومكانتها في خدمة وطنها ومليكها.
* محلل في الشؤون الاقتصادية والعلوم السياسية
والبطالة أنواع، فقد تكون بطالة دورية متزامنة مع الدورة الاقتصادية للبلدان، ويمكن أن تكون بطالة احتكاكية فهي تتشكل بسبب التنقلات بين العاملين وتغيير المهنة، أما النوع الثالث، فيُسمى البطالة الهيكلية، وهي بطالة تصيب جانباً من العمال وتحدث نتيجةً لتغيرات هيكلية على مستوى الشركة وإعادة الهيكلة فيها مما يؤدي إلى تسريح عدد من الموظفين وإقالتهم، وكثيراً ما نسمع عن البطالة المقنعة أو المستترة وهي تشغيل عدد من الموظفين الزائدين عن حاجة العمل مما يعني وجود فائض من الموارد البشرية التي تزيد عن حاجة العمل لهم، وكثيراً ما يسود هذا النوع من البطالة في الدوائر الحكومية والقطاع العام، والبطالة ليست من الأمور البسيطة التي يمكن السكوت عليها أو التقليل من آثارها المدمرة، فهي من أهم أسباب الفقر وتفشي السرقة والجريمة والمخدرات والتطرف والقلاقل الداخلية، لذا يجب أن يكون لها الأولوية في المكافحة، والبطالة تزداد بزيادة عدد السكان وكثرة الوافدين يوماً بعد يوم، ومع بالغ الاحترام لجميع الأمم والشعوب والإنسان أينما كانوا، خاصة تلك التي تربطها مع البحرين علاقات صداقة وثقافة ومصالح، فإن هذا التدفق الهائل من العمالة الوافدة من جميع أقطار آسيا وأفريقيا أمر يدعو للقلق والتفكير لماذا هذا الانفتاح المفرط نحو وفود واستقدام العمالة من قبل البحرين بكامل القطاعات الصناعية والزراعية والسياحية والإنشائية والخدمية والترفيهية والعقارية والفنادق والمطاعم والمستشفيات وكل مكان، وكأن البلاد ليس فيها قوى عاملة من أي نوع، فهذا الحال غير الاعتيادي يثير العديد من الأسئلة الخطيرة وعلى النحو التالي:
أولاً: ما هي الكلفة الاقتصادية الحقيقية لهذا الاستقدام على المدى المتوسط والبعيد؟ آخذين بعين الاعتبار تحويلات العمالة وكلفة الأمن والصحة والبيئة والمياه والطاقة والموارد الأخرى؟ وهل قامت الوزارات والمؤسسات ذات العلاقة بحساب الكلفة الاقتصادية الحقيقية للعمالة الوافدة كل في قطاعها لتكون لدينا أرقام مرجعية عن القيمة المضافة الفعلية يمكن بناء السياسات على ضوئها؟
ثانياً: ما هو التأثير الفعلي الحقيقي على حالة البطالة بين البحرينيين؟ وما كلفتها الاقتصادية والاجتماعية والأمنية؟ وما هي الوسيلة للتعامل معها من منظور إيجابي تعاوني تشاركي وليس من منظور المنع والسماح والقبول والرفض، فهل يعقل أن تطلب صناعات عديدة استقدام عمالة من بنغلادش أو الهند «مع احترامنا» في الوقت الذي يعاني آلاف البحرينيين من البطالة؟
ثالثاً: ما هي التأثيرات الصحية والسلوكية والاجتماعية لكل هذه الأعداد الضخمة على المجتمع البحريني؟ وكيف يمكن تلافي السلبيات ووضع الضوابط التي تحول دون انتشار المشكلات التي قد تؤدي إلى تشوهات كثيرة ابتداء من التطرف نتيجة للإحباط والبطالة وانتهاء بالأمراض المزمنة، لنكتشف بعد 20 سنة أن الشعب البحريني لم يعد هو الذي نعرفه،
رابعاً: ما هو تأثير كل ذلك على الأمن الإداري والعسكري والمجتمعي؟ ما هو تأثير ذلك على انتشار الجريمة والتهريب والمخدرات والتزوير والفساد والعالم السفلي والالتزام بالقانون والنظام؟
خامساً: إن استمرار العمالة الوافدة على هذا النحو سوف يؤدي، في ظروف عدم قدرة العمالة الوطنية على المنافسة إلى تمكن الوافدين من العديد من المهن والسيطرة عليها، لتتضاءل أعداد المهنيين البحرينيين ما يؤدي إلى اختفائهم في بعض المهن إلى درجة تحدث خللاً في هرم العمالة الوطنية، فلا بد من إقفال باب استقدام العمالة إلا في أضيق الحدود، فالعمالة الرخيصة تأخذ من المواطن فرصة العمل، وتعود الناس على الكسل وتزدحم بهم الشوارع، ويكون منهم سيئ الخلق، فالمشكلة تتمثل في غياب الاستعداد للدراسات التفصيلية القطاعية وتحت القطاعية ومن ثم وضع الخطط والمخصصات اللازمة للمواجهة والتغيير، والتي هي بطبيعتها خطط اجتماعية اقتصادية تأهيلية مركبة، ولا بد أن يكون لدى الحكومة الاستعداد لوضع الخطط المشتركة بالتعاون مع القطاع الخاص والقيام بالتأهيل والتدريب والدعم اللازم بالتعاون مع مؤسسات التدريب والمؤسسات المالية والإسكانية والأكاديمية، وحسب المتعارف إذا أردنا أن نوجد حلا لأي مشكلة قائمة فلدينا أكثر من وسيلة، لكن أهم الوسائل وأنجعها هي الحلول العلمية البعيدة عن الارتجال والتخمين، فالقرارات الفجائية في هذه المسألة ليست مطلوبة حتى لو كانت صحيحة بالمطلق أو بشكل عام، فالفجائية والفورية تحولها إلى قرارات غير صحيحة، فلا تستطيع الحكومة ولا ينبغي أن تعطل مرافق إنتاجية او خدمية بوقف فجائي لتصاريح عمالها، ولكن تستطيع برمجة الاحتياجات من خلال التفاهم مع غرفة الصناعة والتجارة والنقابات والجمعيات المهنية وجميع المرافق التي تستخدم عمالة وافدة على خطط مشتركة لإحلال عمالة بحرينية خلال فترة زمنية معقولة تتراوح من 5 إلى 10 سنوات، وخلال هذه الفترة يتم تأهيل العمالة البحرينية مهنياً ومهاراتياً ونفسياً وسكنياً ومادياً لأن تأخذ دورها ومكانتها في خدمة وطنها ومليكها.
* محلل في الشؤون الاقتصادية والعلوم السياسية