الحقيقة التي لا يمكن أن تكون البحرين غافلة عنها هي أن مريدي السوء لن يتركوا أي فرصة يمكن أن يستفيدوا منها في الإساءة إلى الحكومة وأنهم سيستمرون في إيجاد الظروف التي يعتقدون أنها يمكن أن تعينهم على تحقيق هذا الهدف، والحقيقة التي لا يمكن أن يكون العالم غافلاً عنها هي أن هؤلاء يسعون إلى التأثير على الانتخابات النيابية والبلدية التي ستجرى في غضون شهرين وتخريبها كي يقولوا بأن شعب البحرين لم يقبل عليها وأن المجلس النيابي الجديد لا يمثله وأنه مجلس تابع ينفذ ما تريد الحكومة منه. لهذا فإن الفترة القليلة الماضية لم تخل من قصص تصب في هذا الاتجاه، والأكيد أن الفترة المقبلة وحتى يوم الانتخابات لن تخلو من قصص تصب في الاتجاه نفسه.

بناء على هذه الحقيقة يمكن القول بأن الزوبعة التي أثيرت أخيراً عن الجامعات الوهمية وشهادات الدكتوراه المضروبة والنشاط المكشوف بغية الإساءة لأشخاص معينين تدخل في هذا السياق، وإلا لماذا تمت إثارة هذا الموضوع الآن تحديداً خصوصاً وأنه ليس بجديد وتم الحديث عنه من قبل بسخاء في دول أخرى عديدة؟

إثارة موضوع الدرجات العليا ومصداقيتها وتوجيه الاتهامات لأشخاص بأعينهم والعمل على التشهير بهم في هذا الوقت تفسيره هو أن مريدي السوء يرمون إلى تخريب الإنتخابات والإساءة إلى المجلس النيابي قبل أن يولد، ويريدون الإساءة إلى الحكومة بالقول بأنها أسكنت أناساً حصلوا على شهادات مزيفة من جامعات وهمية في وظائف كبيرة. والزبدة أن الحكومة تتغاضى عن كل ما يفعله الموالون للحكم.

يؤكد هذا الفهم الحملة المساندة التي حصلوا عليها في الخارج والتي عملت على الترويج لفكرة أن كل أو معظم شاغلي الوظائف الكبيرة في البحرين هم من غير المؤهلين وغير المستحقين لها وغير القادرين على ملئها والوفاء بالتزاماتها وأنه لولا هذا لكانت البلاد في ألف خير.

ولأن الحكومة على وعي بكل هذا لذا سارع صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، رئيس الوزراء الموقر، إلى التوجيه بالتحقيق في الموضوع واتخاذ اللازم بشأن كل متورط في هذا الفعل السالب، وعملت وزارة التربية والتعليم على توضيح ما ينبغي توضيحه ومنه بيان مهام ووظائف لجنة معادلة الشهادات وكيفية عملها والإجراءات التي تتخذها في حالة تبين أن الشهادات المقدمة للمعادلة من جامعات وهمية أو أنها لم تستوفِ الشروط.

قصة الشهادات الوهمية لن تكون القصة الأخيرة التي ستثار في هذه الفترة، فبعدها بقليل ستثار قصص أخرى الغاية منها ترويع الناس وشغلهم عن الاستحقاق الانتخابي وإشاعة فكرة أن المجلس النيابي الجديد لا قيمة له وأنه لن يتمكن من تحقيق أي مكسب للمواطنين وأن الذين فازوا بمقاعده دون القدرة على تمثيل الشعب والدفاع عنه وأن من يعتقد أن الأمور ستتغير في البحرين حالم إن لم يتسلم الأمور فيها من يعتبرون أنفسهم «معارضة».

ليس هذا دفاعاً عن المتورطين في الشهادات المزورة والحاصلين عليها من جامعات وهمية، فليس في هذا الأمر تسامح لسبب بسيط هو أن لهذه الشهادات تبعات سالبة بل كارثية على كل المجتمع ولأنه لا يمكن الوثوق في من سار في هذا الدرب وتطاول على حقوق المجتهدين من أبناء البحرين الذين نالوا وينالون شهاداتهم بتفانيهم في الدراسة، فمن «باق بيضة باق جمل». الحديث هنا هو عن سعي مريدي السوء لإثارة القضايا التي تخدمهم في هذه الفترة وتؤثر سلباً على الاستحقاق الانتخابي وضرورة الانتباه لها، ذلك أنهم يثيرونها لتحقيق أهداف معينة تدفع في تحقيق غايات مرسومة ومخطط لها جيداً.

تسييس هذه القضية هو المرفوض وهو الذي ينبغي الانتباه له جيداً، فهناك من يتربص بالبحرين.